«إيلاف» من القاهرة: قررت مجموعة من الدول العربية في مقدمتها مصر والسعودية قطع العلاقات مع قطر، بسبب إصرارها على دعم التنظيمات الإرهابية، واتخاذ مسلك يضر بمصالح الدول العربية وأمنها القومي.

وقال سياسيون ومحللون مصريون، إن قرار قطع العلاقات سوف يلحق أضرارًا قاسية بقطر، على المستوى الاقتصادي، كما أنه يضعها في حالة عزلة سياسية عن جيرانها ومحيطها العربي، معتبرين أنها بمثابة "حصار اقتصادي وسياسي".

بسبب إصرارها على التدخل في شؤون الدول العربية، والإضرار بالأمن القومي العربي، ودعم تنظيمات وعناصر متهمة بالإرهاب، قررت حكومات عدد من الدول العربية، هي: السعودية ومصر والبحرين والإمارات واليمن وليبيا، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وإغلاق المجالات الجوية والبحرية والبرية أمام التجارة معها.

ويعتبر القرار هو الأشد قسوة بحق قطر، ويشكل حصاراً عليها، وقال أمين عام اتحاد المستثمرين العرب السفير جمال بيومي، إن قطع علاقات مصر والسعودية والبحرين والإمارات واليمن وليبيا العلاقات مع قطر، يصل إلى حد فرض حصار سياسي واقتصادي بحقها.

ولفت إلى أن القرار يشكل سابقة مهمة في تاريخ المنطقة العربية، وعقابًا قاسيًا، لاسيما أنه جاء بعد تحذيرات كثيرة، لكن السلطات في قطر لم تستجب إلى النصائح، واستمرت في ممارسة سياسات تضر بالأمن القومي العربي.

وأضاف لـ"إيلاف" أن القرار سوف يكلف قطر مليارات الدولارات، ويؤثر بالسلب على اقتصادها، مشيرًا إلى أن الطائرات القطرية لن تكون قادرة على الهبوط في مطارات دول مصر والسعودية والإمارات والبحرين وبعض أجزاء من ليبيا، وتكون مجبرة على تغيير مساراتها إلى مطارات أخرى، مما يكلفها أموالًا طائلة، ويقلل من إقبال الركاب على خطوط الطيران القطرية. ولفت إلى أن الأمر نفسه بالنسبة إلى السفن، لن تكون قادرة على الرسو في الموانئ العربية.

السعودية أكبر منفذ جوي وبحري لقطر

وأشار إلى أن الدول الأخرى التي لم تقطع علاقاتها مع قطر، لن تستطيع تعويض خسائرها، لاسيما أن السعودية تعتبر أكبر منفذ جوي وبري وبحري لقطر، ولن تستطيع أية دولة أخرى تعويض قطر عن تلك المميزات التي كانت السعودية توفرها لها.

وتوقع أن تجبر قرارات قطع الدول العربية العلاقات مع قطر على أن تعيد النظر في سياساتها تجاه تلك الدول، وأن تعدل من سلوكها الذي يضر بالأمن القومي العربي، وأن تعيد النظر في دعم الجماعات والميلشيات المسلحة في تلك الدول.

وحسب وجهة نظر الدكتور جمال سعيد، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، فإن قطر اختارت أن تغرد خارج السرب العربي، واتخذت مسلكًا أضر كثيرًا بمصالح الدول العربية وأمنها القومي، فكان هذا العقاب القاسي.

وأضاف لـ"إيلاف" أن دول مجلس التعاون الخليجي ومصر اتبعت سياسة "ضبط النفس" إلى أقصى حد مع قطر، لكنها أصرت على المضي قدمًا في دعم التنظيمات والمليشيات المسلحة التي تضر بهذه الدول، واستمرت في إيواء عناصر متهمة بالإرهاب في مصر ودول أخرى، وأطلقت العنان لقناة الجزيرة من أجل زعزعة استقرار تلك الدول، وبث دعايات سلبية وتشويه الجيوش العربية، ولاسيما الجيش المصري.

وأشار إلى أن القرار تأخر كثيرًا، لكنه مدروس جيدًا، وستكون له تبعات اقتصادية شديدة، وسوف يكبد قطر خسائر ستكون بمئات المليارات من الدولارات، خاصة أنها صارت الآن في وضع الحصار الاقتصادي، ولن تكون لها أية منافذ للخارج إلا من خلال إيران ثم تركيا، مما يزيد من تكلفة مرور البضائع منها وإليها.

وقالت النائبة داليا يوسف، عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، "إن شدة العقاب تأتي من شدة الجُرم، وقطع العلاقات الدبلوماسية المصرية مع دولة قطر جاء في ظل إصرار الدوحة على اتخاذ مسلك معادٍ لمصر، وفشل كل المحاولات لإثنائها عن دعم الإرهاب وتنظيماته، وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية، وإيواء قيادات الجماعة الصادرة بحقهم أحكام قضائية في عمليات إرهابية استهدفت أمن مصر، إضافة إلى ترويج فكر تنظيم القاعدة و"داعش"، ودعم العمليات الإرهابية في سيناء".

استهداف وحدة الأمة العربية

وأضافت في بيان للجنة العلاقات الخارجية بحزب "مستقبل وطن"، أن "إصرار قطر على التدخل في الشؤون الداخلية لمصر ودول المنطقة بصورة تهدد الأمن القومي العربي، وتعزز من بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية وفق مخطط مدروس، يستهدف وحدة الأمة العربية ومصالحها هو إجراء حتمي تأخر وتأجل كثيرًا بسبب الصبر وضبط النفس".

وأوضحت أن "التنسيق المصري مع معظم دول مجلس التعاون لاتخاذ نفس الإجراء هو عقاب سياسي جماعي للدولة نفسها، في حين أن العقاب الأكثر ألمًا هو العقاب الاقتصادي، إذ تم إعلان إغلاق الأجواء الجوية والموانئ البحرية أمام كل وسائل النقل القطرية، حرصًا على الأمن القومي، وفى النهاية شدة العقاب تأتي من شدة الجرم وعظمه".

بينما توقع رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس تعرض مصر لعمليات أخرى من الإرهاب، ردًا على هذا القرار، وقال في تغريدة له عبر حسابه بموقع "تويتر": "أتوقع زيادة وشراسة في العمليات الإرهابية بعد قطع العلاقات مع قطر المركز الرئيسي للإرهاب في العالم .. لكن ربنا موجود و يوم الحساب قرب". وأضاف: "إحنا أول ناس كان لازم نقطع علاقتنا مع مركز تصدير الإرهاب ده كموقف أساسي مصري".

وضع الجالية المصرية

ويعمل 200 ألف مصري في قطر، لم يتضح مصيرهم بعد، وقالت السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، إنها أجرت اتصالاً بالمهندس محمد العراقي رئيس الجالية المصرية بقطر، للاطمئنان على أوضاع المصريين هناك، عقب الإعلان رسميًا عن قطع العلاقات معها.

وأضافت في بيان لها، أنها اطمأنت على أحوال الجالية المصرية والمقيمين هناك، وأبلغها رئيس الجالية أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات بشأنهم من قبل السلطات القطرية، ولم يتم إبلاغهم بإنهاء تعاقد أي من العمالة المصرية.

كما أطمأنت الوزيرة على وجود رحلات طيران من الدوحة للقاهرة عبر الدول التي لم تقطع علاقتها بقطر، لمن يرغب من المصريين في العودة. وطلبت الوزيرة الاتصال بالوزارة أو بها مباشرة لنقل أي طلب أو شكوى طارئة تخص المصريين هناك.

وكانت وزارة الخارجية المصرية أعلنت صباح اليوم، أن مصر قررت قطع العلاقات مع قطر، وقالت في بيان لها: "قررت حكومة جمهورية مصر العربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر في ظل إصرار الحكم القطري على اتخاذ مسلك معادٍ لمصر، وفشل كافة المحاولات لإثنائه عن دعم التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي، وإيواء قياداته الصادرة بحقهم أحكام قضائية في عمليات إرهابية استهدفت أمن وسلامة مصر، بالإضافة إلى ترويج فكر تنظيم القاعدة وداعش ودعم العمليات الإرهابية في سيناء، فضلاً عن إصرار قطر على التدخل في الشؤون الداخلية لمصر ودول المنطقة بصورة تهدد الأمن القومي العربي وتعزز من بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية وفق مخطط مدروس يستهدف وحده الأمة العربية".