إيلاف الامارات: أدرك عدنان خاشقجي كيف يصنع المال، وهو رجل فرض نفسه على السياسة والاقتصاد، وشغل الغرب والشرق في سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته. هذه بعض جوانب حياته، يرويها مصححًا بعض ما قيل عنه في الإعلام.

دبي: توفي الثلاثاء الملياردير وتاجر السلاح السعودي عدنان خاشقجي في لندن عن عمر يناهز 82 عامًا. وتعتبر شخصية خاشقجي مثيرة للجدل عقودًا طويلة، وأحاط الغموض بكثير من تفصيلات حياته.

أجرت صحيفة "الانباء" الكويتية لقاءً مطولًا معه في يونيو 2008، وسألته عن كثير من تفصيلات حياته وعمله، وسألته عن سر انشغال الناس به، على الرغم من آلاف التجارب. عن انشغال الناس به، قال خاشقجي في الحوار: "أحرص دومًا على رمي القرش على الأرض ليصدر صوتًا، وليس على السجادة كما يفعل الآخرون".

 

عدنان خاشقجي متحدثاً الى مدير تحرير جريدة الأنباء محمد الحسيني

 

تجربة رائدة ومستقبل باهر

كيف وجد خاشقجي المناخ الاستثماري في الكويت في يونيو 2008؟ قال في الحقيقة، كانت زياراتي السابقة مشجعة حيث ابرمنا عقودًا مع شركاء كويتيين لتنفيذ مشاريع في الفلبين، واخواننا رجال الأعمال الكويتيون لهم تجربة رائدة، ولديّ تجارب معهم ووجدت التعاون معهم سهلاً، وأعددنا لائحة بأهم المشاريع التي يمكن أن ننجزها في المنطقة وأوروبا. من السابق لأوانه الحديث عن تلك المشاريع بالتفصيل، لكن سأعطيك مثالًا، في أوروبا هناك توجه نحو الانفتاح الاقتصادي والعمل على تطوير بعض المناطق، خاصة الجزر وعرضت عليّ جزيرة تتمتع بموقع ممتاز جداً في يوغوسلاڤيا السابقة، حيث كان الرئيس الاسبق ليوغوسلاڤيا تيتو يهوى الاقامة فيها، وبعد مشاورات واتصالات اتفقنا مع حكومة الدولة التي تتبع لها الجزيرة حاليًا على تطويرها لتكون منتجعًا سياحيًا، وهو مشروع واعد، لأننا نريد تحويل تلك الجزيرة إلى مونت كارلو أخرى، لها قوانينها الخاصة ووضعها الخاص.

بخصوص توجهه للاستثمار في أبو ظبي حينئذٍ، قال في المقابلة نفسها التي أجريت قبل نحو 9 سنوات: "ابو ظبي واعدة جدًا، والمسؤولون هناك يقومون بجهود جبارة، سمو الشيخ محمد بن زايد يريد أن تكون ابو ظبي رائدة اقتصاديًا في المنطقة".

عن زيارته الأولى إلى الكويت، قال: "في عام ١٩٥٧، كنا ننافس اليابانيين على مشروع في المنطقة المحايدة، تعرفت حينها إلى عائلة بهبهاني وعملنا معًا".

قال خاشقجي إن امتع الاوقات التي قضاها في حياته كانت في موناكو. لهذا كان يقضي فيها فترات الصيف. لكن موناكو لم تكن وجهته الوحيدة. قال: "هناك العديد من المناطق في ايطاليا، وأماكن جميلة في المكسيك واميركا الجنوبية، لكن أكثر ناس تستطيع التعايش معهم هم الفرنسيون، لذلك كنت أحب كان ومونت كارلو بشكل خاص".

خاشقجي مرحبًا بالصحافي في جريدة الأنباء حسن ماهر

 

"نبيلة"

كان خاشقجي يمتلك يختًا مميزًا سمّاه "نبيلة"، وعنه قال: "أنا صممته وبنيته، استغرق التصميم 3 سنوات، والبناء 18 شهرًا، كان يحتاج إلى 40 بحارًا لتحريكه وكلفني إنشاؤه 35 مليون دولار في عام 1979، وتبلغ كلفة تشغيله السنوية مع التأمين 3 ملايين دولار. بعته بـ 60 مليون دولار لسلطان بروناي، وهو باعه إلى دونالد ترمب، ثم اشتراه الامير الوليد بن طلال فعاد إلى بحارنا، وأنا سعيد بذلك، وسعيد بأن يتمتع غيري بشيء أنا بنيته".

 

يخت نبيلة

 

أضاف: "كان يخت نبيلة محطة للعمل، وكنت من القلائل الذين يستعملون مركبًا 6 أشهر في السنة. وكان أغلب اتصالاتي واجتماعاتي تدار على ظهر اليخت، وتتم كل الصفقات على متنه، وكان عندي مروحية جاثمة على المركب نفسه".

خاشقجي يتوسط سكرتير تحرير جريدة الأنباء عاطف غزال وسعد حسني

غير تقليدي

عرف خاشقجي بأنه تاجر سلاح، وحول بداياته في هذا العمل، أوضح للصحيفة: "لم أكن يومًا تاجر سلاح بالمعنى التقليدي، ولم أعقد صفقات أسلحة مباشرة بين الدول أو الشركات التي أتعامل معها مثل لوكهيد ونورثروب، فهذه لا تبيع أسلحة هجومية كالبنادق أو القنابل، إنما تبيع معدات للدفاع مثل صواريخ "هوك"، وليست لدينا مخازن نجمع فيها سلاحًا ونبيعه، إذًا يمكن القول إني كنت مستشارًا، وعادة ما كنا نفيد الدول التي نتعامل معها، فالعمال الذين يتدربون على بعض أنظمة الأسلحة الدفاعية المتطورة يتركون العسكرية بعد فترة، كما حصل في إيران في أيام الشاه، ويدخلون في مجال الصناعة المحلية الإلكترونية ويفيدون اقتصاد بلادهم".

خاشقجي متحدثا مع الزميل فارس السلمان مراسل إيلاف سابقا

 

في مسألة "إيران- غيت"

وجهت لخاشقجي اتهامات على مواقع الإنترنت بشأن تورطه بما عرف باسم "إيران- غيت". علق على ذلك قائلًا: "الأميركيون هم المسؤولون عن إيران-غيت، أحبوا أن يفتحوا بابًا مع الإيرانيين، وحينما وجدوا وسيطاً أرادوا أن يثبت لهم قدرته على أنه سيساعدهم، وانه قادر على فتح المطارات الإيرانية لإدخال السلاح إلى المدن الإيرانية، ويحتاج فقط إلى قطع غيار لمعدات حربية قيمتها مليون دولار، ولم يكن لديه المبلغ فجاءني واقرضته، وتمت الصفقة ثم أعاد لي مالي بشيك، وبذلك دخلت العملية مصادفة".

أردف قائلًا: "موضوع إيران- غيت بدأ مصادفة، كنت مصطافًا في المانيا، وذات يوم قالوا إن في هامبورغ مستودعًا للسجاد الإيراني، فوجدتها فرصة سانحة للشراء، وفي أثناء تجوالي في المعرض، ناداني إيراني وطلب الحديث معي على انفراد، وبعد أن اخذنا مكانًا قصيًا قال لي بصوت هامس: "أنا من جماعة منتظري، ونريد أن نقلب نظام الخميني، وقبل أن يكمل حديثه، ذهلت ولم أصدقه واعتقدت انه يمزح، لكنه أصر مؤكدًا جديته، فقلت له إنني لا أتدخل في موضوع كهذا، إلا أنه لاحقني بإلحاح وطلب مني قراءة أوراق كتبها سلفًا، ودوّن عليها ارقامه. بعد عودتي، قرأت الأوراق وعددها 13 ورقة مطبوعة أن لم تخني الذاكرة، وبعد فترة رتبت له موعدًا مع "جماعة في واشنطن"، وبعد اجتماعه معهم أبدوا استعدادهم لمساعدته وطلبوا منه أن يثبت أن لديه علاقات داخل إيران، وانه يستطيع أن يفتح المطار لدخول الأسلحة، وخلال هذه المشاورات دخلت انا في القصة بشكل غير مباشر، وهذا الكلام موجود في سجلات الكونغرس الأميركي، وبامكانك الرجوع إلى ملفات إيران- غيت، إذا اردت التفصيلات، وكان ذلك في مطلع الثمانينات".

عن فشل العملية، قال: "الرئيس الاميركي الاسبق رونالد ريغان هو الذي كذب عليهم لأنه اعطى الأوامر، خرجت من القصة نظيفًا لكنّ الأميركيين علقوا فيها".

وردًا على سؤال كيف تورط الأميركيون، واصل حديثه: "بدأوا يأخذون الأموال التي يحصلون عليها من إيران ويمولون الحرب في نيكاراغوا، فمثلًا قطعة الغيار بعشرة قروش كانوا يبيعونها لإيران بعشرين قرشًا ويأخذون الفرق ويشترون به اسلحة ويعطونها لنيكاراغوا، وكانت العملية معقدة لأن اورتيغا كان طرفًا فيها".

وإن كان لإسرائيل دور في العملية، قال: "نعم كان لها دور لأنها كانت تحمل الاسلحة بطائراتها وتوصلها إلى ايران، وكل القضية استمرت نحو سنة".

ميري والسودان

تحدث خاشقجي للأنباء الكويتية عن علاقته بالسودان وبرئيسها الأسبق جعفر نميري. قال: "أنا رجل أعمال، وكنت وما زلت أجوب العالم لتسويق المشروعات والبحث عن فرص استثمارية. في تلك الفترة، دخلت السودان لإنشاء مصنع إسمنت، واخذوني إلى المحاجر واكتشفت في أثناء رحلتنا بالسيارة سوء الأوضاع في ذلك البلد، وعندما عدت والتقيت الرئيس نميري قلت له أنت لا تحتاج إلى شخص ينشئ مصنعًا، أنت بحاجة إلى شراكة مع دولة تساعدك في إنشاء الطرق والشبكات وتطوير البلد والخدمات العامة، وليس أمامك إلا السعودية. وبالفعل، قربناه من قيادة المملكة وحصل على مساعدات، وأنشأنا مؤسسة Sudan Development Corporation لهذه الغاية، وبعدها دخلنا مجال البترول عندهم في اعقاب انسحاب شركة Chevron من الجنوب. وكل ما قمنا به هناك كان في مجال التجارة وليس في مجال السلاح كما يعتقد البعض. وعند إطاحة نميري "انشلنا معاه"، وخسرت 80 مليون دولار بسبب الموضوع، ولم اقم منذ ذلك الوقت بأي زيارة للسودان".

عدنان خاشقجي

20 في المئة صحيح

خاشقجي هو خال دودي الفايد، الذي قتل برفقة الأميرة ديانا. وما اعتقد خاشقجي في حواره مع صحيفة "الأنباء" أن تكون وراء وفاة ابن اخته مؤامرة مدبرة. قال: "اعتقد أن الأمر كان مجرد حادث، من أول يوم قالوا إن هناك مؤامرة، لكن لم اقتنع بذلك، فليس من السهل إتمام مؤامرة من هذا النوع او المخاطرة بذلك".

وعن علاقته المزعومة بعارضات الأزياء والنجمات وما كتب عن ذلك في الصحافة، خاصة البريطانية، قال: "يختلقون الكثير من الحكايات غير الصحيحة في الغالب، وانا لا ارد، بل اتركهم، لكن لا يزعجني ما يكتبون، انا اعتبر أن هذا بيزنس خاص بهم، وهم يحتاجون إلى مادة صحافية واعتقد أن 80 في المئة مما كتب عني غلط و20 في المئة فقط هو الصحيح".

أضاف: "من أقوى اللقاءات التي اجريتها كان لقاء الاعلامي الشهير لاري كينغ، أسئلته كانت عادية، لكن الاسئلة القوية كانت من المتصلين واذكر أن إحداهن هاجمتني بسبب علاقتي مع إميلدا ماركوس، وراحت تصرخ يومها: لماذا اتيتم بالسيدة ماركوس إلى نيويورك لتحاكم هنا؟".

 

إميلدا ماركوس

 

وعن علاقته بالبريطانية هذر ميلز وتلقيها منه أموالًا طائلة، قال: "تبين أن كل ما يدور هو تأليف صحافة ولا يوجد شيء من هذا القبيل وهي زوجة بول مكارثي، واتمنى الا تطلب مني الرد على كل ما ينشر عني".

الرسالة!

ربما لا يعرف كثيرون أن خاشقجي هو منتج فيلم "الرسالة" الشهير. أوضح خلال المقابلة أنه انتج 4 افلام سينمائية، أحدها "الرسالة" وهو اهم فيلم انتجه، موضحًا أن المخرج العالمي مصطفى العقاد من ابرز من تعامل معهم، إضافة إلى الفنان طوني كوين.وأكد خاشقجي أن أذكى رئيس أميركي قابله كان ريتشارد نيكسون، إذ عرفه عن قرب، وكان يسجل أهم ما يقوله في مذكرة يحتفظ بها دومًا في جيبه. ويوضح أيضًا أن نيكسون كان يعمل محاميًا استشاريًا له في بعض القضايا التجاربة الخاصة.

وعن علاقته بريتشارد پيرل، المستشار السابق لوزارة الدفاع الأميركية، أوضح: "كان رئيس لجنة الدفاع أيام حرب العراق، كلمني قبل الحرب وسألني كيف يمكن أن نخرج صدام حسين من العراق قبل اللجوء إلى استخدام القوة وتجنيب المنطقة ويلات الحرب؟ قلت له إن لي صديقًا مشتركًا مع صدام هو حرب زهير لنجرب ونطرح الموضوع عليه. وفعلًا التقيت زهير ذات يوم وتبادلنا الآراء فتوصلنا إلى أن يحمل رسالة إلى صدام، لكن للاسف الشديد لم يستطع أن يقنعه، وجرى ما جرى".

خاشقجي مع رسام الكاريكاتير عبد السلام

12 قصرًا

كان خاشقجي يمتلك 12 قصرًا في عدة مدن، منها القاهرة ومدريد وموناكو وكان وجزر الكناري ولندن وروما ووسان فرانسيسكو.

في إجابة عن حجم ثروته في الوقت الذي اجريت به المقابلة أي في عام 2008، قال: "الحياة فيها صعود ونزول، خسرنا كثيرًا في مدينة سولت لابلاسيني في يوتاه حيث أدت الأمطار والفيضانات إلى غرق مناجم النحاس التي كنت أملكها، وانخفضت قيمة العقارات، وخسرت في عام 1983 مبلغ مليار و500 مليون دولار وكانت تلك الحادثة السبب الرئيس في تراجع ثروتي، وليس التبذير. كان عندي وارد 300 مليون دولار في السنة وكنت أصرف 30 مليونًا، فنسبة 10 في المئة ليست بالكثير".

كشف رجال الأعمال السعودي كذلك أن اكبر صفقة تجاربة انجزها كانت في عام 1978 وبلغت 800 مليون دولار. وقال إن علاقاته بمليارديرات العرب جيدة، لكن "أغلبها ذات طابع اجتماعي، وليست صداقات، فلا وقت عندي ولا عندهم للصداقة".

تحدث خاشقجي عن هوايته المفضلة: ركوب الخيل. قال: "في عام 1979، اشتريت 7 خيول من مصر وأردت شحنها بحرًا إلى اسبانيا فاكتشفت أن الإسبان يمنعون استيراد الخيول خشية على سلالات الخيول الموجودة لديهم، وبعد مشاورات واتصالات عدة أرشدني أحدهم إلى خطة: اخفاء الجهاز التناسلي للخيول لإظهارها وكأنها فقدت فحولتها، وتمت العملية بنجاح!.

إضافة إلى ركوب الخيل، يمارس خاشقجي هوايتي السباحة والتزلج على المياه، ويقول "اجريت عملية في الركبة ولم أجرب بعد العملية اذا ما كنت قادرًا على التزلج على الماء، فللسن حكمه".

أنا ابن العالم

تحدث رجل الأعمال السعودي حول ما يثار عن زيجاته السرية من النجمات الشهيرات، وقال "هذا الكلام يأتي ضمن 80 في المئة".

قال خاشقجي إن حماسه للعمل لم يتغيّر: "عمري 71 سنة، لكني لا أشعر برغبة في العمل أو بحاجة للجلوس في الشمس والتأمل، أشعر بأني بحاجة إلى العمل. الحيوية والنشاط يتطلبان التعامل مع الحياة بجدية واجتهاد وواقعية".

عند سؤاله من أكثر أصدقائك وفاء لك؟ يجيب: "أنا ابن العالم بأكمله، حللت في كثير من الدول ولديّ حتى اليوم صداقات في كل مكان تقريباً، من الصعب أن أسمي أحدًا، لكن اخص بالذكر أصدقائي في أيام الدراسة الجامعية، وهم اليوم في الأردن والعراق ومصر وفي الكويت، بينهم الصديق العزيز جاسم الخرافي. وكان من أصدقائي الملك حسين وزيد بن شاكر وغازي شاكر. كانت علاقتي بكل هؤلاء انسانية، لا علاقة لها بالبزنس".

 

اللقاء الكامل مع الانباء من جزأين

الاول

http://www.alanba.com.kw/AnbaPDF/NewsPaper/2008/06-Jun/29/adnaninterview2962008.pdf

الثاني

http://www.alanba.com.kw/AnbaPDF/NewsPaper/2008/06-Jun/30/adnaninterview3062008.pdf