على مقربة من الرقة: على بعد كيلومترات من الرقة، ينزل مقاتلون من قوات سوريا الديموقراطية صناديق اسلحة حصلوا عليها حديثا من واشنطن من الشاحنات، يتفقدونها جيدا، فهم سيستخدمونها أخيرا في معركتهم الحالية لطرد الجهاديين من معقلهم الابرز في البلاد.

في قرية الشنينة التي تبعد سبعة كيلومترات شمال شرق مدينة الرقة، تفقد المقاتل المسؤول عن شحنة السلاح الاربعاء المعدات المرافقة لقذائف الهاون وذخيرتها، بينما كان مقاتل آخر يضحك الى جانبه قائلا "سوف نمطر الدواعش بهذه القذائف الحديثة". 

وتمركزت مدرعات مصفحة تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن في أحد بساتين الزيتون، ووقف مقاتلون من التحالف على سطح أحد الابنية خلفها يراقبون سير المعارك في المدينة.

ودخلت قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل عربية وكردية، الثلاثاء مدينة الرقة من الجهة الشرقية بعد اعلانها "المعركة الكبرى لتحرير" المدينة.

ويدعم التحالف الدولي قوات سوريا الديموقراطية بالغارات الجوية والمستشارين العسكريين والسلاح. وبعدما كان التسليح حكرا على الفصائل العربية، اعلنت واشنطن الشهر الماضي بدء تسليح وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لتلك القوات.

بالقرب من شاحنات الاسلحة الحديثة، قالت القيادية في قوات سوريا الديموقراطية انكيزك خليل لوكالة فرانس برس "نرسل مقاتلينا الى قوات التحالف للمشاركة في تدريبات على استخدام الاسلحة"، من دون ان تضيف تفاصيل حول مكان التدريبات.

وقالت ان قذائف الهاون الحديثة وذخيرتها التي أرسلها التحالف مع المتدربين "ستستخدم بشكل فعال في معركة الرقة"، مضيفة "استلمنا أيضا أسلحة فردية، وهناك أسلحة أخرى لم نحصل عليها بعد".

وتدرب جكدار كوباني، المقاتل في وحدات حماية الشعب، على السلاح مع قوات التحالف الدولي. ووقف كوباني بزيه العسكري الذي يحمل شارة الوحدات الصفراء اللون، قرب صناديق الاسلحة ودل على سلاح قائلا "هذا هاون 60 ملم".

وأضاف "تلقينا تدريبا عليها من القوات الاميركية. واجهنا بعض الصعوبات لانها اسلحة حديثة ومتطورة، لكننا نستطيع استخدامها الآن، وستساعدنا كثيرا في هذه المعركة".

- مطارق وقناصة -

وتخوض قوات سوريا الديموقراطية حاليا معارك عنيفة مع الجهاديين في حي المشلب، اول الاحياء التي اقتحمتها الثلاثاء في المدينة، وباتت تسيطر على 70 في المئة منه، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.

ويلجأ تنظيم الدولة الاسلامية، كعادته في المعارك، الى الالغام التي يزرعها بكثافة فضلا عن قناصيه الذين ينشرهم على أسطح الابنية. وبات يستخدم ايضا طائرات مسيرة لالقاء القنابل على خصومه.

وقالت خليل "صحيح داعش يقاوم، لكن الرفاق يكسرون مقاومته. هم (الجهاديون) يتبعون اساليبهم المعتادة التي استخدموها في كافة معاركهم، زراعة الالغام، ورمي القنابل من الطائرات المسيرة، والقناصة".

واضافت "يخوض رفاقنا حرب شوارع ضد داعش منذ يومين، والاشتباكات ساخنة جدا".

وفي منزل أقرب الى جهة القتال الرئيسية على بعد كيلومترين من حي المشلب، وضعت عشرات المطارق جانبا اذ ينوي مقاتلو قوات سوريا الديموقراطية استخدامها لاحداث فتحات في الجدران بين المنازل اثناء تقدمهم في مدينة الرقة لتجنب نيران قناصة التنظيم المتطرف، وفق ما قالت القيادية زاغروس قامشلو.

من هذا المنزل الذي اتخذ مركزا للعمليات، يرسل قيادو قوات سوريا الديموقراطية الاسلحة والمقاتلين الى خطوط الجبهة الامامية.

وكان احد المقاتلين يضمد جروح زميل له أصيب في حي المشلب جراء قذيفة هاون اطلقها الجهاديون.

- خطوة خطوة -

ولم تستغرب قامشلو المقاومة العنيفة للجهاديين. وقالت "هذا المكان بقي تحت سيطرة داعش لسنوات عدة، بالطبع سيتخذون تدابير مشددة".

ولكن لن يشكل ذلك عائقا امام مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية، بحسب قولها، اذ "يتقدم الرفاق خطوة خطوة ويسيطرون على شوارع".

وان كان تنظيم الدولة الاسلامية، وفق قامشلو، "يستخدم قذائف الهاون لاعاقة حركة عرباتنا العسكرية، فان طائرات التحالف تقصفهم بشدة".

وافاد التحالف الدولي في بيان الخميس انه شنّ "22 غارة" الاربعاء قرب الرقة استهدفت وحدات من تنظيم الدولة الاسلامية ودمرت 12 موقعا وثلاث آليات.

في باحة المنزل، كان أحد القياديين يعطي توجيهات لمقاتليه قبل ان يرافقوا مجموعة من الصحافيين الى داخل مدينة الرقة، وطلب منهم عدم البقاء كثيرا عند مدخل المدينة بسبب كثرة قذائف الهاون التي يطلقها الجهاديون.

وقاد احد عناصر قوات سوريا الديموقراطية مسرعا سيارة بيك آب عسكرية تقل الصحافيين، ودخل بهم الى حي المشلب. توقف امام احد المنازل، وتوجه للصحافيين بالقول "بسرعة بسرعة أدخلوا الى المنزل، سمعت صوت قذيفة هاون تم اطلاقها".

ما هي الا ثوان قليلة، حتى سقطت قذيفة الهاون بالقرب من المنزل في حي تتواصل فيه المعارك، ولا تتوقف طائرة التحالف عن التحليق في اجوائه وقصف مواقع الجهاديين، ويتصاعد الدخان الاسود من شوارعه.