الدوحة: شهدت الازمة بين قطر والدول الخليجية والعربية تصعيدًا جديدًا الجمعة مع اصدار "لائحة ارهاب" تضم افرادا وكيانات قالت انها على علاقة بقطر، واعلان الدوحة رفضها لها، داعية الى التفاوض بوساطة خارجية.

في موازاة ذلك تواصلت الجهود الدبلوماسية الاقليمية والدولية في محاولة لوضع حد للتصعيد المتواصل، في وقت بدأ وزير خارجية قطر في المانيا زيارة اوروبية تشمل روسيا ايضا في محاولة على ما يبدو لاستدراج مساندة دولية في مواجهة الضغوط الخليجية والعربية.

وبعد أربعة ايام من قطع علاقاتها مع الدوحة، اعلنت المملكة السعودية ومصر ودولة الامارات العربية المتحدة والبحرين تصنيف 59 شخصا و 12 كياناً في قوائم الإرهاب المحظورة لديها.

وقالت الدول الاربع في بيان مشترك نقلته وكالة الانباء السعودية ان القائمة "مرتبطة بقطر، وتخدم أجندات مشبوهة في مؤشر على ازدواجية السياسة القطرية التي تعلن محاربة الإرهاب من جهة، وتمويل ودعم وإيواء مختلف التنظيمات الإرهابية من جهة أخرى".

وتواجه قطر اتهامات متكررة بالتقاعس في مكافحة تمويل الإرهاب، لكنها تنفي هذه الاتهامات على الدوام.

وتضم اللائحة الداعية المصري يوسف القرضاوي المقرب من جماعة الاخوان المسلمين والمقيم في قطر، والليبي الاسلامي عبد الحكيم بلحاج الذي لعب دورا رئيسا في الاطاحة بنظام معمر القذافي، ورجل الدين الليبي علي محمد الصلابي، ومفتي ليبيا الصادق الغرياني، وشخص من آل ثاني، العائلة الحاكمة في قطر.

كما تضم القائمة شخصين تم سابقا تصنيفهما على انهما ممولان للارهاب وكانت قطر قد اتخذت بحقهما اجراءات بحسب تقرير سابق لوزارة الخارجية الاميركية، وهما سعد الكعبي وعبداللطيف الكواري.

ومن بين الكيانات التي وردت في اللائحة ثلاث مؤسسات خيرية قطرية، و"سرايا الدفاع عن بنغازي" المجموعة المسلحة في ليبيا، وست كيانات في مملكة البحرين بينها "ائتلاف 14 فبراير".

تصعيد وجهود للاحتواء 

ردت الدوحة منددة باللائحة، واعتبرت في بيان ان القائمة تؤكد "مجددا اتهامات لا أساس لها". وقالت انها تقوم بجهود في مجال مكافحة الارهاب اكبر من تلك التي تقوم بها بعض الدول الاربعة.

وفي مدينة فولفنبوتل الالمانية، التقى وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نظيره الالماني سيغمار غابرييل وعقدا مؤتمرا صحافيا ندد فيه المسؤول القطري بالقائمة التي راى انها "جزء من سلسلة (...) اتهامات لا تستند الى شيء".

وأكد "نحن في دولة قطر لن نتفاعل مع مثل هذه الاتهامات التي ليس لها اساس".

وذكر ان القائمة تضم اسماء اشخاص "ليس لهم علاقة بدولة قطر، ولا يعيشون بدولة قطر، وربما لم يمروا بحياتهم في دولة قطر"، وان بعضهم "يقيمون في الدول التي اصدرت اللائحة".

وكانت الدوحة ابدت الخميس تشددا في مقاربتها الازمة حيث رفضت اي تدخلات في سياستها الخارجية، متعهدة الصمود "الى ما لا نهاية" في مواجهة الاجراءات الهادفة الى تضييق الخناق عليها اقتصاديا.

ورأى وزير خارجية قطر في المؤتمر الصحافي "هناك تصعيد متتالٍ من قبل هذه الدول (...) لكن رغم ذلك ما زالت الخيارات الاستراتيجية لدولة قطر هي الخيار الدبلوماسي وخيار الحوار"، متحدثا عن "جهود من دول صديقة كثيرة لاحتواء هذه الازمة ورفع هذا الحصار الجائر على دولة قطر والبدء في مفاوضات بعد ذلك".

وفي هذا السياق، اجرى الوزير قبيل بدء زيارته الاوروبية والتي من المقرر ان تشمل غدا السبت روسيا، اتصالا هاتفيا مساء الخميس بنظيره الاميركي ريكس تيلرسون بحثا خلاله "الأوضاع والتطورات الأخيرة بين دول مجلس التعاون" الخليجي، بحسب بيان قطري.

كما تلقى امير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي يقوم بوساطة بين قطر والدول المقاطعة لها في الخليج، اتصالا هاتفيا من تيلرسون.

وزار وزير خارجية السعودية عادل الجبير سلطنة عمان التي بقيت بعيدا عن الازمة حيث اجرى مباحثات مع يوسف بن علوي بن عبدالله وزير الشؤون الخارجية في السلطنة.

عقاب جماعي 

بدأت الازمة الاخيرة في مايو عندما أعلنت قطر أنها تعرضت لقرصنة أدت الى نشر تصريحات نسبت الى أميرها الشيخ تميم بن حمد ال ثاني على وكالة الانباء القطرية الرسمية. وتضمنت التصريحات انتقادات للسعودية ودول الخليج بعد زيارة ترمب للرياض، بسبب موقفها من ايران.

وفي عام 2014، شهدت العلاقات القطرية الخليجية ازمة مماثلة قطعت خلالها عدة بلدان خليجية علاقاتها مع الدوحة قبل ان تعيدها بوساطة كويتية. وتقول الرياض وابوظبي ان الدوحة لم تف بالتزامات تعهدت بها قبل ثلاث سنوات، وبينها وقف دعم جماعة الاخوان المسلمين المصنفة منظمة ارهابية في العديد من الدول الخليجية والعربية.

وكانت قطر التي تستضيف قادة من حركة حماس وممثلين عن حركة طالبان، رفضت الخميس طرد اي عناصر من على اراضيها.

وبعيد لقائه مع نظيره الالماني، راى وزير خارجية قطر ان اغلاق الحدود البرية من جانب السعودية، ووقف الرحلات من الدول الاربع اليها، والطلب من القطريين مغادرة هذه الدول خلال اسبوعين، تمثل "عقابا جماعيا (...) ستكون له اثار كبيرة خصوصا على المجتمع الخليجي نفسه".

وتابع ان "مثل هذه الاجراءات (...) فيها مخالفة واضحة للقانون الدولي"، مضيفا "لم نر مثل هذه الاجراءات من قبل ضد دول معادية، فما بالكم في دولة صديقة ودولة شقيقة".