بيروت: يدافع داعش الثلاثاء بشراسة عن مواقعه في احد الاحياء المحاذية للمدينة القديمة في الرقة امام تقدم قوات سوريا الديموقراطية الهادف لطرد التنظيم من معقله الابرز في البلاد.

وتخوض قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل عربية وكردية، منذ اسبوع بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن معارك داخل الرقة تزامنًا مع اعلانها "المعركة الكبرى لتحرير" المدينة. 

وقالت المتحدثة باسم حملة "غضب الفرات" لاستعادة الرقة جيهان الشيخ احمد لوكالة فرانس برس "تدور اشتباكات عنيفة مع داعش الذي يلجأ بشكل كبير الى الالغام والقناصة ويرسل بين الحين والآخر السيارات المفخخة".

ومنذ دخولها الى المدينة في السادس من الشهر الحالي، تمكنت قوات سوريا الديموقراطية من السيطرة بشكل كامل على حي المشلب في الجهة الشرقية وحي الرومانية في الجهة الغربية. وتسعى هذه القوات الثلاثاء لبسط سيطرتها الكاملة ايضا على حي الصناعة (شرق) المحاذي للمدينة القديمة، حيث يتحصن تنظيم داعش بشكل كبير. وبرغم غارات التحالف الدولي على مواقعهم، يتصدى الجهاديون بشراسة لتقدم قوات سوريا الديموقراطية.

هجمات متكررة
وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن ان "حي الصناعة لا يزال غير آمن بالكامل بسبب الهجمات المتكررة من قبل عناصر التنظيم". وتشكل السيطرة على حي الصناعة، بحسب المرصد، بداية المعركة الحقيقة في الرقة اذ ان قوات سوريا الديموقراطية ستدخل منه الى وسط المدينة انطلاقا من المدينة القديمة.

واكد عبد الرحمن "سيشهد وسط المدينة على معركة الرقة الرئيسة"، مشيرا الى الانفاق الكثيرة التي حفرها الجهاديون في هذا الجزء من المدينة حيث يتحصن عدد كبير منهم. وافادت حملة "الرقة تذبح بصمت"، التي تنشط سرا داخل المدينة وتوثق انتهاكات التنظيم، على حسابها على تويتر ان "تنظيم داعش يُخلي الأحياء داخل منطقة سور الرقة" الاثري الذي يحيط بالمدينة القديمة، ويفصل بينها وبين حي الصناعة.

واوضح ابو محمد من "الرقة تذبح بصمت" ان "الدواعش طلبوا من السكان المغادرة ثم اختفوا". وتعد احياء وسط المدينة الاكثر كثافة سكانية، ما يعقد العمليات العسكرية لا سيما وأن تنظيم عمد الى استخدام المدنيين كـ"دروع بشرية"، بحسب شهادات اشخاص فروا من مناطق سيطرته.

واوضح ابو محمد ان "غالبية سكان الاحياء الواقعة عند اطراف المدينة فروا منها، بعضهم غادر الرقة تماما، وبعضهم الآخر نزح الى احياء وسط المدينة، حيث يقيمون في مدارس خالية او في منازل اقرباء لهم". واضاف "يجدر مراعاة الكثافة السكانية في وسط المدينة حفاظا على ارواح المدنيين".

وكان يعيش في مدينة الرقة التي استولى عليها الجهاديون في 2014، نحو 300 الف مدني، بينهم 80 الف نازح من مناطق سورية اخرى. الا ان الآلاف فروا خلال الاشهر الاخيرة. ويعاني اهل الرقة حاليا من اوضاع معيشية صعبة نتيجة انقطاع الكهرباء والنقص في المياه واغلاق المحال التجارية وخاصة الافران.

وقدرت مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين بـ"اكثر من 430 الف شخص من هم بحاجة الى مساعدات في محافظة الرقة"، التي سيطرت قوات سوريا الديموقراطية على اماكن واسعة منها قبل ان تدخل المدينة في الاسبوع الماضي.

وفي ظل المعارك المستمرة داخل وفي محيط الرقة، دعت المفوضية "الى امكانية اكبر ودائمة للوصول الى عشرات آلاف المدنيين ممن هم بحاجة الى مساعدات انسانية ضرورية". ويتم حاليا ارسال المساعدات جوا من دمشق الى القامشلي (شمال شرق) في عملية "معقدة ومكلفة"، وفق المفوضية التي اشارت الى انه حتى اليوم "ليست هناك اي طرقات صالحة لمرور الامدادات".

المدنيون اولوية
ومع تقدم قوات سوريا الديموقراطية اكثر في حملة الرقة، سجل ارتفاع في حصيلة الضحايا المدنيين جراء غارات التحالف الدولي.

ووثق المرصد السوري في حصيلة جديدة مقتل 88 مدنيا، بينهم 18 طفلا، في مدينة الرقة نتيجة المعارك والغارات الجوية منذ بدء الهجوم عليها في الاسبوع الماضي.

ودعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الثلاثاء التحالف الدولي وقوات سوريا الديموقراطية الى "جعل حماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان من الأولويات أثناء استرداد الرقة من تنظيم داعش".

وقالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، "ليست معركة الرقة من أجل هزيمة داعش فحسب، انما أيضا لحماية ومساعدة المدنيين الذين عانوا من حكم داعش ثلاث سنوات ونصف سنة".

ومنذ سيطرة تنظيم داعش على مدينة الرقة، يعيش سكانها في خوف دائم من احكام الجهاديين المتشددة. ويغذي هؤلاء الشعور بالرعب من خلال الاعدامات الوحشية والعقوبات من قطع الاطراف والجلد وغيرها التي يطبقونها على كل من يخالف احكامهم او يعارضها.

وطالما شكلت الرقة محط اهتمام اطراف اخرى، واعتبرتها دمشق "اولوية" للجيش السوري. الا ان الاخير لم يتدخل كثيرا في هذه الجبهة الى ان دخل محافظة الرقة من الجهة الغربية الثلاثاء الماضي. وحققت قوات النظام منذ ذلك الحين تقدما في ريف الرقة الغربي، ووصلت الى منطقة تماس مع قوات سوريا الديموقراطية على بعد عشرات الكيلومترات من مدينة الرقة.

وسيطرت قوات النظام الثلاثاء على تسع مزارع وقرى غرب الرقة ليرتفع الى 36 عدد القرى التي تم طرد الجهاديين منها خلال اسبوع. ويهدف الجيش السوري من خلال هذه العملية الى ضمان امن ريف حلب الشرقي والتقدم اكثر ضد الجهاديين في مناطق سيطرتهم في محافظات حماة وحمص (وسط) ودير الزور (شرق) وجميعها محاذية للرقة.