بروكسل: شددت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الخميس على انه يجب إعطاء الأولوية لمستقبل الاتحاد الأوروبي أكثر من بريكست فيما تلتقي رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي القادة الأوروبيين للمرة الأولى في بروكسل منذ نكستها الانتخابية.

وأعلنت ماي التي تتعرض لضغوط قوية من كل الجهات منذ ان خسرت غالبيها البرلمانية ان مهمتها في بروكسل ستكون تحديد خطتها لحماية حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي بعد خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.

لكن ميركل، اقوى قادة أوروبا، اوضحت بان هذه المسألة لا تتصدر برنامج عملها مؤكدة على علاقات برلين القوية مع فرنسا ورئيسها الجديد ايمانويل ماكرون.

وقالت ميركل "بالنسبة لي، الأولوية هي لتحديد مستقبل الاتحاد الأوروبي ب27 دولة، وليس المفاوضات مع بريطانيا حول خروجها (...) نريد أن نجري هذه المفاوضات بانفتاح، الا أن علينا ان نركز قبل كل شيء على مستقبل الدول ال27".

وتابعت "أعتقد ان الدفع الجديد القادم من فرنسا، ومن ألمانيا وفرنسا، يمكن ان يكون جيدا للجميع".

وكان ماكرون صرح قبل ذلك "ان الأولوية بالنسبة الي هي في مناقشة مشاريع لانشاء صناديق، ومناقشة طموحاتنا، وتجنب الدخول لأيام عدة في نقاش حول التفكيك" في إشارة الى النقاش المرتقب الخميس حول مكاني نقل هيئتين تابعتين للاتحاد الأوروبي من لندن، الى مدينتين أوروبيتين بعد قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وكان تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي قبل سنة، الأخير في سلسلة ضربات للتكتل الذي يؤكد الآن أنه تمكن من رص صفوفه.

حقوق المواطنين

أعلنت تيريزا ماي الخميس في بروكسل انها ستعرض على نظرائها من قادة دول الاتحاد الأوروبي، ما تنوي الحكومة البريطانية اتخاذه من اجراءات بشأن المواطنين الأوروبيين الموجودين على الاراضي البريطانية مع بدء تطبيق بريكست.

وقالت ماي بعيد وصولها الى العاصمة البلجيكية للمشاركة في قمة لقادة دول الاتحاد الأوروبي "اليوم ساعرض بعض نوايا المملكة المتحدة" بهذا الشأن.

ويبقى مصير قرابة ثلاثة ملايين أوروبي يقيمون في بريطانيا وحوالى مليون بريطاني يقيمون في دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي موضع قلق مع قرار بريطانيا مغادرة الاتحاد.

وقالت ماي "هذه مسألة مهمة، وأردنا ان تكون من أول المواضيع التي تطرح في المفاوضات".

ورفضت ماي في السابق ضمان حقوق رعايا الاتحاد الأوروبي في بريطانيا قبل الحصول على ضمانات بخصوص البريطانيين المقيمين في أوروبا.

ومسألة حقوق الرعايا هي إحدى ثلاث أولويات في مفاوضات بريكست التي انطلقت رسميا الاثنين الى جانب كلفة خروج بريطانيا من الاتحاد المقدرة بحوالى مئة مليار يورو ومسالة إيرلندا الشمالية التي ستشكل الحدود الوحيدة لبريطانيا مع الاتحاد الأوروبي بعد بريكست.

وكان رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أعرب في وقت سابق عن أمله في أن يعود البريطانيون عن قرارهم الانسحاب من الاتحاد الأوروبي واصفا الفكرة بـ"الحلم" القابل للتحقق.

وقال توسك للصحافيين "بعض أصدقائي البريطانيين سألوني إذا كان من الممكن التراجع عن بريكست وإن كان من الممكن التوصل إلى نتيجة تفضي إلى بقاء المملكة المتحدة جزءا من الاتحاد الأوروبي". 

أحدث قرار البريطانيين المؤيد لبريكست صدمة في أوساط التكتل السنة الماضية، لكن النكسة التي منيت بها ماي في الانتخابات المبكرة في 8 حزيران/يونيو وأفقدت حزبها الغالبية المطلقة في البرلمان، أثارت تكهنات بأن خططها المتعلقة ببريكست قد تضعف كثيرا أو حتى يتم التراجع عنها كليا. 

والأسبوع الماضي، أكد كل من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير المالية الألماني وولفغانغ شويبليه أن "الباب مفتوح" لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. 

الامن

تعتبر مكافحة الارهاب والتطرف من الأولويات على جدول أعمال قادة الدول الأوروبية في القمة. وسيركزون خصوصا على المنصات المستخدمة على الانترنت ودورها في الدعوة الى العنف.

وقال توسك "علينا أن نثبت اننا قادرون على استعادة التحكم باحداث تكون مؤسفة واحيانا مروعة".

فقد شهدت بلجيكا مجددا مساء الثلاثاء هجوما لم يوقع ضحايا نفذه مغربي فجر عبوة في احدى محطات القطارات الرئيسية في العاصمة على بعد كيلومترات فقط من الحي الذي يضم المؤسسات الأوروبية قبل ان يقتل برصاص جندي.

يأتي الاعتداء بينما تشهد أوروبا وخصوصا بريطانيا وفرنسا موجة من الهجمات الجهادية في الاشهر الاخيرة.

على جدول الاعمال الجمعة ايضا سبل الحماية في القطاعين الاقتصادي والاجتماعي، مثل احتواء الآثار السلبية للعولمة والتصدي لممارسات المنافسة غير النزيهة.

ويمكن ان تشمل هذه الحماية ايضا مكافحة التغيرات المناخية التي سيتباحث بشأنها القادة ال28 بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس.

من جهة أخرى، شكلت السياسة الحمائية التي ينتهجها ترامب وانتقاداته للاتحاد الأوروبي، مبررا إضافيا لمؤيدي التزام أكبر حول الأمن في أوروبا.

على الصعيد الدبلوماسي، يرتقب أن يوصي ماكرون وميركل بتمديد العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا في عام 2014 لستة أشهر إضافية بسبب النزاع في شرق أوكرانيا.

ازاء بريكست والشكوك حول التزام الشريك الأميركي، من المتوقع ان يقدم الأوروبيون دعما لعدة إجراءات من أجل تعزيز سبل الدفاع الأوروبي.