رانغون: يقف عشرات المسلمين تحت المظلات التي تحميهم من الامطار الموسمية الغزيرة، في طابور امام مسجد رانغون للحصول على حصة صغيرة من الأرز والكاري لتناولها على الإفطار بعد صيام يوم آخر في شهر رمضان. 

وفي العادة كان هؤلاء يصلون في المدارس الاسلامية والتي كان معظمها في ظل الحكم العسكري على مدى ستة عقود مكاناً لتجمع المسلمين للصلاة. 

لكن حشدا من القوميين البوذيين أغلق الشهر الماضي المدارس الاسلامية في شرق رانغون في واحدة من الحملات المتزايدة التي يشنها متشددون لاسكات الاقلية المسلمة. 

وقال حسين الذي اعتاد ارتياد هذه المدارس للصلاة "لقد عانينا من التمييز في السنوات القليلة الماضية". 

وبالقرب منه كان رجلا مسن ملتحٍ يحرك بعصا خشبية أوعية طهي وجبة "الدال" التي يتم توزيعها على العائلات التي تنتظر الأطباق الصغيرة التي تقدم مع الأرز. 

ويشكل المسلمون نسبة 3-4% من سكان بورما ومن بيهم اقلية الروهينغا من غرب ولاية الراخين، إلا أن هذه الديانة موجود في هذا البلاد منذ قرون. 

ويشعر العديد من المسلمين بأنهم غير مرحب بهم في بلادهم. 

وأضاف حسين الذي يعرف باسمه الاول مثل العديد من مسلمي بورما "عندما كنت صغيرا لم يكن هناك تمييز ضدنا. وكانت علاقتنا مع البوذيين ودية، وكنا نأكل في بيوتهم ويأكلون في بيوتنا .. والان نعيش في هذا البلد ولسنا أحرارا في ممارسة ديانتنا". وقال اونغ هتو مينت امين المسجد في بلدة ثاكيتا الفقيرة في رانغون أن المسجد يواجه صعوبة في توفير مكان للمئات الذين أجبروا على الحضور الى المسجد للصلاة بعد اغلاق المدارس الاسلامية. 

وخرج العديد من هذه البلدة الفقيرة في الأمطار الموسمية لصلاة الجماعة في الشارع في بداية شهر رمضان، إلا ان السلطات المحلية سارعت على حظر هذه التجمعات. 

وتقدمت هذه السلطات بشكوى قضائية ضد ثلاثة اشخاص شاركوا في الصلاة وقالت أن تجمعهم يهدد "الاستقرار وحكم القانون". 

- تصاعد القومية -

قال بو غيي المدرس في إحدى المدارس الدينية أن السلطات لم تقدم أية تفاصيل عن موعد اعادة افتتاح المدارس الدينية أو ما الذي سيحدث للتلاميذ وعددهم 300 الذين كانوا يدرسون فيها. 

واضاف "لقد بعثنا برسائل الى الرئيس ورئيس وزراء رانغون .. إلا أنه لم يصلنا رد". 

وواجهت بورما انتقادات متزايدة بشأن معاملة المسلمين الذين يواجهون حالياً قيوداً على طقوس الزواج وعدد الاطفال الذين يمكنهم انجابهم بموجب قوانين البلاد بشأن العرق والديان التي أقرت في 2015. 

وتتصاعد التوترات منذ 2012 عندما اندلع العنف المذهبي في الراخين وأدى الى مقتل نحو 200 شخص معظمهم من مسلمي الروهينغا، ودفع بعشرات الالاف أل مخيمات النزوح. 

وتحاول الحكومة المدنية بقيادة اونغ سان سو تشي احتواء المشاعر المعادية للمسلمين منذ ان هاجم مسلحون قالوا أنهم يمثلون الروهينغا مواقع للشرطة العام الماضي. 

ومنذ ذلك الحين علا صوت المتشددين الذين ألغوا فعاليات اسلامية وشكلوا حزبا سياسيا للمشاركة في انتخابات 2020 وتصادموا مع المسلمين في شوارع رانغون. 

واعتقلت الشرطة زعماء العصابات الذين كانوا وراء اعمال العنف، بينما حظر أعلى جهاز بوذي مجموعة "ما با ثان" البارزة والقومية المتشددة التي ردت على ذلك بتغيير اسمها والعودة الى الساحة. 

إلا أن المسلمين العاديين يخشون من أن يصبحوا أهدافا في بلدهم. 

يقول هارون (57 عاما) الذي أمضى حياته بأكملها في رانغون حيث يعمل في بيع خبز الشاباتي، أنه قلق من القوميين. 

وقال لوكالة فرانس برس في منزله حيث يعيش مع زوجته وأولاده الثلاثة "هناك جماعة واحدة فقط تخلق هذا الوضع" دون ان ينطق اسم "ما با ثا". 

وأضاف "لو أن هذه الجماعة تختفي كليا، لعاد السلام في كل مكان".