برلين: بعد ان كانت الحملة الانتخابية استعدادا للانتخابات التشريعية في المانيا هادئة نسبيا، اشتعلت فجأة نتيجة هجمات عنيفة شنها الاشتراكيون الديموقراطيون على المستشارة انغيلا ميركل في محاولة لزعزعة هذه الزعيمة القوية التي تسعى إلى ولاية رابعة.

وخلال مؤتمر للحزب الاشتراكي الديموقراطي في دورتموند عقد الاحد، شن منافسها الرئيس لتسلم المستشارية مارتن شولتز حملة عنيفة على ميركل، مشيرا الى "وقاحة السلطة" والى "هجوم على الديموقراطية" من قبلها.

لم يتأخر الرد من قادة حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي، فكتب بيتر التاماير الذراع اليمنى لميركل على تويتر "+هجوم على الديموقراطية+ .... هذه الجملة لا تليق بمرشح للحزب الاشتراكي الديموقراطي الى المستشارية".

اما ميركل فردت على هجمات شولتز بشكل مقتضب في مقابلة مع صحيفة "بريجيت" النسوية. وقالت "اخذت علما بهذه التصريحات وافضل التركيز على الاجراءات الكفيلة بتعزيز الديموقراطية"، مذكرة بان حزبها سيقدم برنامجه الانتخابي الاثنين المقبل. واضافت ممازحة ردا على تصريحات شولتز "ان الحملة الانتخابية تكون متعبة احيانا".

ارهابيون
وقالت جوليا كلوكنر نائبة رئيس حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي المقربة جدا من ميركل "هذه كلمات كانت تستخدم حتى الان لوصف الارهابيين".

وفي الاطار نفسه شن الامين العام لحزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي المتحالف مع الاتحاد المسيحي الديموقراطي هجوما على الاشتراكيين الديموقراطيين معتبرا ان "هذه الهجمات الشخصية على المستشارة لا طائل منها وتكشف العجز الكبير للحزب الاشتراكي الديموقراطي".

وفاجأت اللهجة العنيفة لزعيم الاشتراكيين الديموقراطيين الطبقة السياسية في المانيا بعدما كان تجنب حتى الان الهجمات المباشرة على المستشارة نفسها.

وكان شولتز تعهد عندما تسلم رئاسة الحزب الاشتراكي الديموقراطي في مطلع السنة الحالية الابتعاد عن المزايدات خلال الحملة الانتخابية للتمايز عن اليمين القومي المتمثل بحركة "البديل لالمانيا" الذي يركز مباشرة على شخص ميركل بعد ان حملها مسؤولية استقبال اكثر من مليون لاجئ خلال عامي 2015 و2016.

وبسبب بقاء حزبه بعيدا وراء التحالف اليميني بقيادة ميركل في استطلاعات الراي، اراد شولتز باتهامه ميركل بمهاجمة الديموقراطية، مهاجمة سياستها القاضية بتجنب الدخول في نزاعات ما جعلها تحافظ على شعبيتها. وبالفعل نجحت المستشارة ميركل كثيرا في سياسة تجنب الغرق في النزاعات والخلافات، لعدم اعطاء فرص لخصومها للهجوم عليها، مركزة على ضرورة الحفاظ على نظرة الراي العام اليها بصفتها ضامنة للاستقرار في المانيا. 

ذلك ان ميركل تتسلم السلطة في البلاد منذ العام 2005، وهي تسعى حاليا الى تسلم ولاية رابعة في حال نجحت في الانتخابات التشريعية المقبلة المقررة في سبتمبر المقبل. كما تجنب انصار ميركل الدخول في جدالات خلال الحملة الانتخابية مفضلين ترك الكلمة للنتائج الاقتصادية التي تحققت خلال حكم ميركل.

ويسعى الاشتراكيون الديموقراطيون من خلال حملتهم الاخيرة الى اعطاء زخم جديد للحملة الانتخابية بعد ان اعطت استطلاعات الراي تقدما مريحا لميركل. فهي تتقدم في استطلاعات الراي بـ15 نقطة على خصمها السياسي الرئيس السابق للبرلمان الاوروبي مارتن شولتز. واكتفى المتحدث باسم ميركل ستيفان شيبرت بالقول في برلين الاثنين "من الواضح للحكومة اننا نعمل جميعا من اجل الديموقراطية".

ذعر
كما شن كريستيان ليندر زعيم الحزب الليبرالي الصغير (يمين وسط) حملة على مارتن شولتز معتبرا ان استخدام الاخير لتعليقات من هذا النوع يفتح الباب امام تنامي "خطر التقليل من اهمية الاعداء الفعليين للديموقراطية". كما تلقى العديد من الصحف الالمانية كلام شولتز عن ميركل بكثير من الحذر.

وكتبت "فرانكفورتر الغيمايني تسايتونغ" ان شولتز بـ"هجومه المباشر على ميركل يريد اتباع استراتيجية واضحة تقضي باستفزاز منافسيه السياسيين عبر تجاوز حدود اللياقة السياسية".

كما كتبت صحيفة "دي فيلت" المحافظة "على الديموقراطيين الا يتكلموا بهذه الطريقة مع ديموقراطيين اخرين"، في حين كتبت صحيفة "بيلد" الاوسع انتشارا في المانيا "عندما يأخذ شولتز على المستشارة +هجومها على الديموقراطية+، يكاد الامر يتحول الى نوع من الذعر".

يدل هذا التطور الجديد في الحملة الانتخابية على ان التعايش القائم بين المحافظين والاشتراكيين الديموقراطيين داخل الحكومة لن يكون سهلا بانتظار الانتخابات المقبلة.