تهدد "نقاط اختناق" تزداد ضعفاً أمن الإمدادات الغذائية العالمية كما حذرت دراسة جديدة، محددة 14 نقطة اختناق، بينها قناة السويس وموانئ البحر الأسود وشبكة الطرق في البرازيل. وكلها تقريباً تتعرض الى انقطاعات كثيرة الحدوث.

وقالت الدراسة التي أجراها معهد تشاتهام هاوس للأبحاث في لندن ان خطر حدوث انقطاع كبير في الإمدادات الغذائية يتعاظم بسبب تزايد الأحوال الجوية القاسية نتيجة التغير المناخي، ولكن ليس هناك تحرك يُذكر لمعالجة المشكلة.

واعاد الباحثون الذين أعدوا الدراسة التذكير بأن انقطاع الإمدادات الغذائية في السابق أدى الى زيادات هائلة في الأسعار يمكن ان تشعل نزاعات كبيرة.

وبحسب الدراسة فان نقاط الاختناق التي حددتها هي مواقع تمر عبرها كميات استثنائية من تجارة المواد الغذائية في العالم. إذ يتعين على أكثر من نصف صادرات المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والرز والذرة وفول الصويا ان تُنقل على طرق برية الى عدد صغير من الموانئ الرئيسية في الولايات المتحدة والبرازيل والبحر الأسود. وعلاوة على ذلك ان اكثر من نصف هذه المحاصيل وأكثر من نصف الأسمدة تمر عبر واحدة على الأقل من نقاط الاختناق المحددة في الدراسة.

وقالت لورا ويلسلي التي شاركت في البحث "اننا نتحدث عن قسم هائل من الامدادات العالمية التي يمكن ان تتأخر أو تتوقف لفترة طويلة من الوقت. والمثير للقلق اننا إزاء التغير المناخي من المرجح ان نشهد تزامن احد الانقطاعات أو اكثر في نقاط الاختناق مع فشل المحصول، وهنا تبدأ الامور بالتفاقم".

وتتعرض نقاط الاختناق الى انقطاعات متكررة، كما وجدت الدراسة. فان الممرات المائية وخطوط السكة الحديد في الولايات المتحدة التي تنقل 30 في المئة من الذرة وفول الصويا في العالم ضربتها فيضانات عطلت حركة المرور في عام 2016 وفي عام 2012 احدثت موجة حر اضراراً في خطوط السكك وتسببت في حوادث خروج قطارات عن السكة. 

وتعطل العمل في قناة بنما بسبب الجفاف فيما أُغلقت قناة السويس بسبب العواصف الرملية وهي الآن ممر مائي حيوي مهدد بهجمات ارهابية. وكثيرا ما تُغلق طرق البرازيل الترابية بسبب الأمطار الغزيرة حيث تقطعت السبل بأكثر من 3000 شاحنة في اوائل 2017 فيما اغلقت العواصف والفيضانات موانئها الجنوبية الحيوية. ونقطة الاختناق الوحيدة التي لم تتعطل مؤخرا هي مضيق جبل طارق الذي يربط البحر المتوسط بالمحيط الأطلسي، كما نوهت الدراسة. 

واكدت الدراسة ان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا معرضة للخطر بصفة خاصة لأنها الأكثر اعتماداً على المواد الغذائية المستوردة في العالم ومطوقة بنقاط اختناق بحرية. كما انها تعتمد اعتماداً كبيراً على استيراد القمح من البحر الأسود.

وجاء في الدراسة ان ارتفاع اسعار المواد الغذائية في عام 2011 كان من الأسباب الرئيسية لانتفاضات الربيع العربي. ونقلت صحيفة الغارديان عن الباحثة ويلسلي ان عوامل اخرى كانت مهمة ايضاً في الانتفاضات ولكنها "في البداية كانت على سعر الخبز".

ولاحظت الدراسة ان الأخطار التي تشكلها نقاط الاختناق تتزايد مع تنامي التجارة العالمية، ولكنها تتزايد بسبب ارتفاع حرارة الأرض ايضاً، مشيرة الى ان التغير المناخي يسبب مزيداً من العواصف ومواسم الجفاف وموجات الحر التي يمكن ان تسد نقاط الاختناق وتلحق اضراراً بالبنى التحتية القديمة اصلا. ولكنها قد تشعل نزاعات مسلحة يمكن ان تغلق نقاط الاختناق.

ومن البلدان المهددة بانقطاع نقاط الاختناق بلدان فقيرة تعتمد على الاستيراد مثل اثيوبيا وكينيا وتنزانيا والسودان وبلدان غنية مثل اليابان وكوريا الجنوبية، بحسب الدراسة.

الصين ايضا تعتمد على الاستيراد بدرجة كبيرة ولكنها اتخذت خطوات لتقليل الاخطار بتنويع طرق الامداد وبناء خط للسكة الحديد عبر اميركا الجنوبية لتقليل الاعتماد على قناة بنما. كما تملك شركات صينية وتدير موانئ في انحاء العالم.

وتوصي الدراسة بتعزيز التعاون الدولي في التخطيط تحسباً لحدوث أزمات في الامدادات الغذائية وبزيادة الاستثمار في البنية التحتية. وقالت ويلسلي ان مضيق هرمز الذي هددت ايران بغلقه "مثال مثير للاهتمام على الموقع الذي يوليه قطاع الطاقة اهتمامه ، وعلى قطاع الغذاء ان يفعل الشيء نفسه. فالبلدان نفسها التي تعتمد على مضيق هرمز لتصدير نفطها تعتمد اعتماداً يكاد ان يكون تاماً على المضيق نفسه للحصول على امداداتها الغذائية".

اعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الغارديان"، الأصل منشور على الرابط التالي:
https://www.theguardian.com/environment/2017/jun/27/vulnerable-chokepoints-threaten-global-food-supply-warns-report