بيروت: خلال ثلاث سنوات، وظف البقّال علي خيامي ستة عمال إضافيين واشترى شقة في بيروت، وذلك، بحسب قوله، بفضل اللاجئين السوريين وبطاقاتهم التموينية الممولة من الامم المتحدة.

ويحصل اللاجئون السوريون المسجلون لدى الامم المتحدة في لبنان على بطاقات إلكترونية يمولها شهريًا برنامج الاغذية العالمي بقيمة 27 دولارًا لكل فرد، وهي خاصة بشراء المواد الغذائية.

وأطلق برنامج الاغذية العالمي في العام 2012 مشروع البطاقات التموينية بالشراكة مع 500 متجر مواد غذائية في لبنان، ويستفيد منه حاليًا 700 الف لاجئ سوري. 

وتساعد هذه البطاقات التموينية اللاجئين السوريين المنتشرين في مناطق عدة في لبنان، لكنها مفيدة أيضًا لعدد كبير من صغار التجار اللبنانيين.

ويقول علي خيامي (55 عامًا)، وهو صاحب سوبرماركت صغيرة في جنوب بيروت، "كنت ابيع بقيمة 50 مليون ليرة (33 الفًا و300 دولار) سنوياً، اما الآن فصرت أبيع بـ300 مليون ليرة (200 الف دولار)".

 البرنامج "غيّر حياتي"  

ويعلق خيامي على زجاج محله لافتات كبيرة لبرنامج الاغذية العالمي، وأخرى كتب عليها "نستقبل بطاقات اللاجئين السوريين".

ويقول: "البرنامج غيّر حياتي. اشتريت بيتاً في بيروت، وتمكنت من ان أدفع أقساط اولادي الثلاثة في الجامعة"، مضيفًا ان "السوريين لديهم عائلات كبيرة" يحتاجون الى تأمين قوتها.

ويقول خيامي إن "السوريين مغرمون بالشاي"، مشيراً الى ان من السلع الاساسية التي يشترونها السمن والحلاوة والسكر والارز.

قبل العام 2012، كان خيامي يربح الفي دولار شهريًا مقابل نحو عشرة آلاف دولار حاليًا بفضل البطاقات التموينية الالكترونية.

وتقول ام محمد، التي تضع على رأسها حجابًا ابيض اللون ورسمت على ذقنها وشماً تقليدياً، بعد دخولها الى محل خيامي، "أشتري السكر والزيت. أهم شيء الحليب، أشتريه للأطفال" في العائلة.

وتعطي بطاقتها التموينية الحمراء اللون، التي كتب عليها "المساعدات الانسانية في لبنان"، الى أحد العاملين في المحل، قبل ان تواصل تسوقها.

وغيّرت البطاقات التموينية من النمط المعتاد للحصول على المساعدات، فاستبدلت القسيمة التي كان اللاجئ يستخدمها مرة واحدة فقط.

وباتت ام عماد، اللاجئة السورية، قادرة على شراء ما تريد من مواد غذائية في أي وقت كان، بدل ان تحصل على حصة غذائية محددة في موعد محدد.

وتقول لفرانس برس "أصبحت مستقلة، أشتري كل الحاجات"، مضيفة: "لا اصرف (الاموال في البطاقة) دفعة واحدة، أتفقد ما الذي ينقصني في البيت، واذهب لشرائه".

ومنذ اندلاع النزاع في سوريا منتصف مارس 2011، لجأ اكثر من مليون سوري الى لبنان. ويعيش معظمهم في ظروف بائسة للغاية في بلد يعاني اصلاً من وضع اقتصادي صعب وبنية تحتية مترهلة. 

وعلقت مفوضية الامم المتحدة للاجئين منذ مايو العام 2015 تسجيل اللاجئين السوريين في لبنان بناء على طلب الحكومة اللبنانية.

ورغم تلقي لبنان الكثير من الاشادات لاستقباله هذا العدد من اللاجئين، الا ان هذا لم يمنع الكثير من الممارسات العنصرية ضدهم في بعض المناطق، ومنها حظر تجول وتوقيف ومداهمات.

 "متجرك مفتوح للسوريين" 

وانضم البقال عمر الشيخ الى مشروع البطاقات التموينية للاجئين السوريين قبل اربع سنوات ليرى ارباحه ترتفع من خمسة آلاف دولار شهرياً الى ثمانية آلاف دولار. لكنه فقد في المقابل 20 في المئة من زبائنه اللبنانيين.

ويروي الشيخ (45 عامًا) أن زبوناً لبنانياً دخل الى متجره في احد الايام لشراء الخبز ولم يجده، فقال له غاضبًا "لم تعد تعمل سوى للسوريين، متجرك مفتوح للسوريين".

ويدين الشيخ هذا الكلام، قائلاً "نتعامل مع الزبون السوري مثل اللبناني"، مضيفًا "نريد مساعدتهم، هناك حرب في بلادهم".

ويجدر باللاجئين السوريين قبل التسوق إبراز بطاقة اللاجئ الممنوحة لهم من مفوضية الامم المتحدة الى جانب بطاقتهم التموينية الالكترونية السارية لخمس سنوات.

ويقيم عدد كبير من اللاجئين السوريين في مراكز إقامة موقتة وخيم استحدثت في أراضٍ زراعية في منطقة البقاع في شرق لبنان.

في مدينة بعلبك البقاعية، يقول علي صادق حمزة أنه يفيد أيضًا من البطاقات الاكترونية. ويضيف "استأجرت ثلاثة مستودعات اضافية لتخزين البضائع (...) كما فتحت متجرًا للخضار".

ويشكل السوريون 60 في المئة من زبائن حمزة، الا انه لم يفقد زبائنه اللبنانيين ايضًا الذين يأتون اليه، بحسب قوله، بسبب "أسعاره الجيدة".

ويرسل برنامج الاغذية العالمي شهرياً لوائح بأسعار المواد الغذائية التي يتمنى على المتاجر اعتمادها.

 "نبيع أكثر، نشتري أكثر"

وأنفق اللاجئون السوريون في لبنان منذ العام 2013 اكثر من 900 مليون دولار في المتاجر الشريكة مع برنامج الاغذية العالمي. 

ويقول ادوارد جونز من المكتب الاعلامي لبرنامج الاغذية العالمي في لبنان، "استفاد الاقتصاد اللبناني ايضا من مشروع برنامج الاغذية العالمي، ولم يقتصر الامر على اللاجئين السوريين".

ويضيف: "الهدف هو تأمين الغذاء للاجئين الجياع. ومن الممكن القيام بذلك بشكل أسهل عبر الاستفادة من الغذاء الموجود اصلاً في البلد، أي عبر شراء الغذاء من المتاجر اللبنانية".

ونتيجة ذلك، عمدت سلسلة متاجر كبيرة الى الانضمام الى المشروع، بينها شركة "تعاونيات لبنان والمخازن" التي تمتلك 36 متجرًا في البلاد.

ويقول مسؤول في الشركة سليمان سليمان: "نحن شركة، والشركة تريد الاموال، وفي الوقت ذاته نريد ان نساعد برنامج الاغذية العالمي".

ويضيف: "نبيع اكثر وبالتالي نشتري اكثر من المزودين، وهذا يعني حركة اقتصادية اكثر".