إيلاف من الجزائر: قللت الولايات المتحدة الأميركية من ملاحظاتها الناقدة لتعامل الجزائر مع ملف "الاتجار بالبشر"، ووضعتها في الصنف الثاني الذي يبقى سوداويًا غير انه أفضل من الصنف الثالث الذي دأبت واشنطن على إدراج الجزائر فيه، وكان يلقى غضبًا شديدًا من طرف الخارجية الجزائرية.

وصعدت الجزائر في تقرير سنة 2017 الصادر عن كتابة الدولة الأميركية حول الاتجار بالأشخاص إلى الصنف الثاني، بدل الصنف الثالث الذي كانت تحتله العام الفارط، رغم بقاء تصنيفها مع دول صفحاتها ليست ناصعة البياض في مجال محاربة هذه الظاهرة.

تحسن

وجاء في التقرير أن "الحكومة قد سجلت انجازات مهمة خلال هذه المدة إذ تحسن ترتيب الجزائر بانتقالها إلى قائمة المراقبة من الصنف 2".

وذكر التقرير أنه من بين هذه الانجازات متابعة 16 مشتبهاً فيه في عملية الاتجار بالبشر، وتحديد هوية 65 ضحية عمل قسري، كما بذلت مجهودات "لتمتثل للمعايير الدنيا في مجال القضاء على الاتجار بالبشر".

واعتمد الترتيب الذي يضم 4 أصناف هي الصنف 1 و 2 وقائمة المراقبة من الصنف 2 و3 على "الجهود التي بذلتها السلطات العمومية لمكافحة الاتجار بالبشر أكثر من اعتمادها على توسع الظاهرة في البلد".

وقالت الحقوقية سعيدة بن حبيلس رئيسة الهلال الأحمر الجزائري لـ"إيلاف" إن الجزائر ليست بحاجة إلى تقارير أجنبية حتى تثبت أنها ضد ظاهرة الاتجار بالبشر.

حالات معزولة

ونفت بن حبيلس أن يوجد في الجزائر ما قد يصل إلى "ظاهرة الاتجار بالبشر"، إنما قد يتعلق الامر بحالات منفردة تتصدى لها مصالح الأمن، تتعلق بعصابات تهريب المهاجرين غير الشرعيين.

ولفت التقرير الأميركي إلى أن جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال والعمل الجبري تعتبر بمثابة "حالات منعزلة" في الجزائر، على الرغم من أن البلد بقي "بلد عبور ووجهة" للهجرة غير الشرعية.

وأفاد تقرير الخارجية الأميركية أن الحكومة الجزائرية منحت للضحايا الذين تم التعرف على هويتهم إيواء موقتاً بمركز العبور ومساعدة طبية وخدمات قاعدية، على الرغم من وضعهم كمهاجرين غير شرعيين. 

وعاد التقرير إلى إصدار الجزائر في سبتمبر المنصرم مرسومًا رئاسيًا لتأسيس لجنة وزارية مشتركة مكلفة بتنسيق النشاطات المرتبطة بالوقاية من الاتجار بالأشخاص ومحاربته وتزويدها بميزانية وعهدة لهذا الغرض.

وبحسب التقرير، فقد بذلت الجزائر جهودًا هامة لملاحقة المهاجرين، خاصة وأن أحكام قانون العقوبات الجزائري تنص على عقوبات قاسية ضد مرتكبي هذه الجرائم.

وقالت سعيدة بن حبيلس لـ"إيلاف" إن القوانين الجزائرية تضمن حقوق أي فئة قد تكون عرضة لخطر كهذا، ولفتت إلى أن ذلك ثقافة موجودة وسط الجزائريين استمدوها من تاريخهم النضالي ومن ثقافتهم ودينهم الاسلام.

عدم رضا

وبالنسبة لسعيدة بن حبيلس، فإن التصنيف الأميركي الجديد للجزائر غير مرضٍ ولا يعبر عن واقع ما يجري في الجزائر.

وأضافت بن حبيلس في حديثها مع "إيلاف" أن الجزائر سواء اعترف الغرب أم لا، تظل نموذجاً يقتدى به في مجال مكافحة الاتجار بالبشر وحماية حقوق الإنسان لجميع الفئات.

وعارضت الجزائر رسميا سنة 2016 تصنيفها في الفئة 3 من بين الدول التي لا تحترم كليًا أدنى المعايير للقضاء على الاتجار بالبشر، و لا تبذل جهودًا لبلوغ هذا الهدف.

واعتبرت وقتها هذا التقييم "بعيدًا عن تقييم صارم للوضع" المعاش على أرض الواقع.

وأكدت الخارجية الجزائرية حينها أن التقرير الذي "لم يقدر الجهود المعتبرة التي تبذلها الجزائر في مجال الوقاية من الاتجار بالبشر، غير منصف حقًا، إزاء الموقف الواضح والفاعل للدولة الجزائرية في ما يخص هذه الإشكالية".

تخلٍ

ودعت بن حبيلس القوى الكبرى "المسؤولة عن المآسي الإنسانية في العالم على تحمل مسؤولياتها وتقاسم الحمل مع الجزائر التي تتكفل بآلاف اللاجئين القادمين أساسًا من سوريا والدول الواقعة ما وراء الصحراء.

وقالت بن حبيلس في حديث للإذاعة الجزائرية أن "الجزائر بصدد تسيير وبشجاعة الأخطاء الاستراتيجية للقوى العظمى المسؤولة عن العديد من المآسي الإنسانية ويتعين على المسؤولين عن هذا الوضع تقاسم الحمل مع الجزائر".

وأضافت أنه "يتعين على القوى العظمى دعم الجزائر من خلال المحافظة السامية للاجئين، التي تتولى التكفل بانشغالات اللاجئين، ولا يجب أن يقتصر هذا على تسخير الوسائل وترك بلد الاستقبال يتصرف كما يحلو له".

وعبرت بن حبيلس عن أسفها "لإغلاق أوروبا التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان حدودها في وجه اللاجئين" .