تضاربت الأنباء بشأن ما نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش حول القبض على العشرات من الطلاب بالأزهر المنتمين لأقلية "الأيغور" الصينية في القاهرة، وبينما نفى الأزهر اعتقال الطلاب، أفادت مصادر لـ"إيلاف" أن الطلاب ألقي القبض عليهم من منازلهم ومطعم بالقرب من مقر جامعة الأزهر، ويخضعون للتحقيق، بينما التزمت وزارة الداخلية الصمت رسميًا.

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تتضارب الأنباء حول اعتقال العشرات من طلاب الأزهر المنتمين إلى أقلية الإيغور الصينية بالقاهرة، وبينما طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات المصرية بعدم ترحيلهم إلى الصين، نفى الأزهر اعتقالهم من مقر جامعته.

حصلت "إيلاف" على معلومات تفيد بأن السلطات الأمنية ألقت القبض على نحو 47 شخصًا من المنتمين إلى أقلية الإيغور الصينية.

وحسب المعلومات، فإن السلطات الأمنية داهمت مطعمًا صينيًا يتجمع فيه الإيغوريون في ضاحية مدينة نصر بالقاهرة، وألقت القبض على 39 شابًا، ومن بينهم صاحب المطعم والعاملون فيه، ومن بينهم طلاب بجامعة الأزهر.

صورة نشرها ناشطون تظهر لحظة القبض على الطلاب من المطعم

وأغلق المطعم في وقت لاحق، وتعرضت مجموعة أخرى للاعتقال من منازلهم بمدينة نصر بالقاهرة.

لم تلقِ السلطات الأمنية القبض عليهم من حرم جامعة الأزهر بالقاهرة، كما ورد في بعض التقارير الغربية، وترجع أسباب القبض عليهم إلى دخول بعضهم مصر بطرق غير شرعية. ونشر ناشطون على شبكة الإنترنت، مقاطع فيديو تظهر الشباب وهم مكبّلون.

ويبلغ عدد الإيغوريين المقيمين في مصر نحو ثلاثة آلاف شخص، غالبيتهم طلاب في جامعة الأزهر، بينما يمارس بعضهم أعمالاً أخرى، ودخل بعضهم البلاد بطرق غير شرعية.

وتلتزم وزارة الداخلية المصرية الصمت، ولم تصدر أية بيانات تنفي أو تؤكد تلك الأنباء.

رسميًا، نفى الأزهر "القبض على أي من طلاب تركستان الدارسين في الأزهر من داخل الحرم الجامعي لجامعة الأزهر، وكذلك من داخل معاهد الأزهر أو مدينة البعوث الإسلامية، أو أي جهة تابعة للأزهر الشريف"، لكنه لم ينفِ اعتقالهم من المطعم أو من منازلهم.

وأوضح الأزهر- في بيان له - أنه "جارٍ متابعة ما يتم تداوله عبر عدد من المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي في هذا الشأن مع الجهات المختصة، مؤكدًا أن ما تبثه بعض المواقع والقنوات في هذا الصدد من أخبار وأعداد غير دقيق على الإطلاق، وأن ما تعلنه قناة الجزيرة من إشاعات كاذبة ومغرضة من القبض على أكثر من 500 طالب، من طلاب الأزهر هو افتراء وتضليل وتشويه تهدف منه القناة كعادتها الإساءة لمصر وللأزهر الشريف"، على حدّ تعبير البيان.

صورة نشرها ناشطون لمنزل إيغوري بالقاهرة بعد اعتقاله

وأضاف الأزهر أنه من "حق الجهات المعنية التأكد من سلامة موقف المقيمين من مختلف الجنسيات على الأراضي المصرية، وأنهم لا يمثلون أي خطورة على الأمن القومي للبلاد، وكذلك عدم تورطهم في جرائم داخل أو خارج البلاد، وأن تلك الإجراءات يتم اتخاذها بشكل مستمر وبصفة دورية"، مشيرًا إلى أن "السلطات المعنية أكدت أنها تقوم بفحص الموقف الخاص بأي ممن يتم الاشتباه في حالته ويتم اتخاذ الإجراءات القانونية المتبعة في هذا الشأن".

ورغم نفي الأزهر رسميًا إلقاء القبض على الطلاب، إلا أنّ مستشار شيخ الأزهر الدكتور محمد مهنى، قال إن المعلومات المتوفرة عن القبض على الطلاب الدارسين الإيغوريين، تشير إلى القبض على 43 شخصًا، من بينهم 3 فقط يدرسون بالأزهر، على حد قوله.

وأضاف في تصريحات إعلامية، أن "شيخ الأزهر كلف الإدارات المختلفة بمتابعة الموقف، وفي حالة الإفراج عن الطلاب الإيغور الدارسين بالأزهر، سيتم الإعلان عن ذلك في بيان صحفي لاحق"، حسب تعبيره.

وقالت وكالة أنباء "أوسوشيتد برس" الأميركية، إن قوات الأمن اعتقلت 20 طالبًا أزهريًا إيغوريًا في مدينة الإسكندرية أيضًا، قبل مغادرتهم البلاد، وأخبرتهم أنه سيجري ترحيلهم إلى الصين، التي تفرض إجراءات أمنية مشددة على أقلية الإيغور منذ سنوات، تحد من حريتهم الدينية.

وأضافت الوكالة، أن مسؤولي إقليم "شنجاك" الواقع غرب الصين والموالين للسلطات الصينية، طلبوا إحضار طلاب الإيغور من مصر في إطار حملة موسعة للتحقيق معهم، شملت في بعض الحالات احتجاز الأهالي للضغط على المعتقلين.

وحذرت منظمة "هيومن رايتس واتش" مما سمته "حملة الاحتجاز في مصر بحق طلاب الإيغور"، وطالبت السلطات المصرية، في بيان لها، بـ"عدم تسليم الطلاب المعتقلين للصين خشية تعرضهم للتعذيب والاضطهاد. كما طالبت بالسماح للمعتقلين بلقاء محامين، ومعرفة أسباب احتجازهم وترحيلهم".

ويسعى "الإيغوريون" للإستقلال عن الصين، وأسسوا دولة تركستان الشرقية، إلا أن الصين استخدمت القوة في استعادة الإقليم، وتستخدم أساليب الاعتقال والقتل في إخضاع الناشطين المطالبين بالاستقلال، حسب تقارير.

ويسعى تنظيم "داعش" إلى استغلال الأزمة السياسية، واستقطاب الإيغوريين، ففي نهاية العام 2015، بث مركز الحياة- الذراع الإعلامية للتنظيم- نشيدًا بلغة الماندرين الصينية التي تتحدث بها أقلية الإيغور المسلمة على الإنترنت، مدته أربع دقائق، بصوت رجل، تحت عنوان (أنا المجاهد)، يدعو فيه مسلمي الصين إلى الصحوة والالتحاق بجيش الخلافة.

وحذر مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية، التابع لدار الإفتاء المصرية، مما وصفه بمحاولات تنظيم "داعش" الإرهابي استقطاب وتجنيد مسلمي الصين وأقلية الإيغور المسلمة، مستغلاً في ذلك عمليات التضييق والاضطهاد التي تتعرض لها الأقليات المسلمة هناك.

وقال المرصد في تقرير له في نهاية العام 2015، إنه "من النادر أن يصدر تنظيم "داعش" مادة دعائية بلغة الماندرين، التي تتحدث بها أقلية الإيغور المسلمة في الصين، وهو ما يبرهن على أن التنظيم يستغل عمليات الاضطهاد ضد الأقليات في الدول غير الإسلامية".