تستمر الجهود الدولية لمحاولة حل الأزمة القطرية، وبينما يقترب وزير الخارجية الأميركي من إنهاء جولته الأولى من المفاوضات بين الدوحة والدول الأربع المقاطعة لها، وهي مصر والسعودية والإمارات والبحرين، يبدأ وزير الخارجية الفرنسي جولة له في منطقة الخليج يوم السبت المقبل، للتوسط في الأزمة أيضًا.

إيلاف من القاهرة: في إطار جولته لحل الأزمة المتصاعدة بين دول مصر والسعودية والإمارات والبحرين من جانب وقطر من جانب آخر، يعقد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون اجتماعًا اليوم الخميس مع أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، لإطلاعه على نتائج الاجتماعات التي عقدها أمس في مدينة جدة السعودية، مع الملك سلمان بن عبد العزيز، ووزراء خارجية الدول الأربع المقاطعة لقطر.

ويستمع تيلرسون إلى وجهة نظر أمير قطر في نتائج جولته ولقاءاته، ويحاول تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، وسط توقعات بعدم حسم الحلول في تلك الجولة من المفاوضات، وأن يتم إجراء جولات أخرى من المفاوضات بعد العودة إلى أميركا، وإطلاع الرئيس دونالد ترمب، والإدارة الأميركية على نتائج الزيارة.

وحسب المؤشرات التي أظهرتها نتائج اجتماع تيلرسون مع وزراء خارجية الدول المقاطعة، مصر والسعودية والإمارات والبحرين، فإن هناك هوة شاسعة بين قطر والدول المقاطعة، لاسيما في ظل إصرار الدوحة على موقفها الرافض لتنفيذ قائمة مطالب الدول المقاطعة، وتمسك تلك الدول بموقفها.

وحسب تصريحات المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، ، فإن وزير الخارجية سامح شكري، شارك أمس الأربعاء في اجتماع جدة مع وزير خارجية الولايات المتحدة وبمشاركة وزير الدولة للشؤون الخارجية الكويتية.

وأضاف في تصريح صحافي، أن الاجتماع تناول الأبعاد المختلفة للأزمة مع "تنظيم الحمدين" القطري، واستعرض كافة التطورات الأخيرة الخاصة بها، مشيرًا إلى أن "وزير الخارجية أعاد طرح شواغل مصر حيال موقف قطر الداعم للإرهاب، مؤكدا تمسّك مصر بالمطالب التي قدّمتها الدول العربية الأربع لقطر".

كما أكد شكري خلال الاجتماع أن التوصل إلى تسوية لهذه الأزمة يظل رهنا بتفاعل قطر الإيجابي مع هذه المطالَب وتوقفها عن دعم الإرهاب والجماعات الإرهابية.

وأضاف المتحدث باسم الخارجية، أن "وزير الخارجية أوضح أن مشاركة مصر في هذا الاجتماع إلى جانب الدول العربية تأتي في إطار العلاقات الخاصة التي تربط كافة هذه الدول بالولايات المتحدة، وكذلك في إطار ما تم تناوله خلال قمة الرياض واتصالا بالجهد الأميركي للقضاء على الإرهاب".

فرنسا تدخل على الخط

وبينما تقول المؤشرات إن تيلرسون فشل في تقريب وجهات النظر، وإن الأزمة قد تطول، قررت فرنسا الدخول على الخط، ويبدأ وزير الخارجية جان إيف لودريان جولة إلى منطقة الخليج يوم السبت المقبل، تستغرق يومين.

وقالت الخارجية الفرنسية، في بيان، إن لودريان سيزور السبت والأحد المقبلين كلا من قطر والسعودية والكويت والإمارات.

وأوضحت الوزارة الفرنسية: "نناشد هذه الدول التي تربطنا بها علاقات وثيقة وودية، خفض التوتر بأسرع وقت ممكن، لأن ذلك سيصبّ في مصلحة الجميع".

وأشارت إلى أن لودريان يتطلع من وراء جولته إلى التماس آراء تلك البلدان، وتقديم مساهمة فرنسا في الوساطة الكويتية الحاصلة على دعمنا الكامل، موضحة أن الزيارة تأتي في "إطار الجهود المبذولة نفسها من قبل شركائنا الأميركيين والبريطانيين والألمان، لحل الأزمة الخليجية"، وفقا لما ذكرته وكالة "الأناضول" التركية للأنباء.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنييس روماتي إن لودريان سيتوجه السبت والأحد إلى قطر والسعودية والكويت، وهي الدولة التي تتولى وساطة في الأزمة، إضافة إلى الإمارات العربية المتحدة.

وأضافت: "نحن قلقون للتوتر الراهن الذي يؤثر في الدول التي تربطنا بها علاقات متينة وودية وندعو إلى تهدئة سريعة لمصلحة الجميع".

وتابعت المتحدثة أن الوزير "سيذكر محاوريه بالنتائج السلبية لهذه الأزمة على الصعد الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والأمنية"، و"سيجدد التأكيد أن تعزيز مكافحة الإرهاب يشكل أولوية لفرنسا".

الأزمة قد تطول

ويتوقع خبراء سياسيون ألا يتم انهاء الأزمة القطرية قريبًا، وقالت "وزارة الخارجية الأميركية في وقت سابق، "إن الخلاف قد يطول، وربما يستمر لأشهر".

وقال محمد عبد السلام، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاهرة، إن المؤشرات تقول إن الأزمة قد تطول، مشيرًا إلى أن وزارة الخارجية الأميركية نفسها تتوقع ذلك، لاسيما في ظل إصرار كل طرف على موقفه، وعدم الرغبة في تقديم تنازلات.

وأوضح أن قطر تتعامل مع الأزمة على أنها قد تطول أشهرًا، وتبرم اتفاقيات اقتصادية وتجارية مع إيران وتركيا وأميركا ودول أخرى لعدة أشهر، وتستقدم قوات عسكرية من إيران وتركيا، ووافقت على قاعدة عسكرية تركية على أراضيها، معتبرًا أن كل هذه مؤشرات على أن الدوحة ماضية في عنادها، ولن ترضخ للمطالب العربية بسهولة عن قرب.

وحسب وجهة نظر كريستيان أولريشسن، الخبير في شؤون الخليج في معهد بيكر الأميركي، فإن "الأزمة تسير في طريق مفتوح"، واتفق معه المحلل السياسي في كلية كينغز في لندن أندرياس كريغ: "من الصعب توقع نهاية الخلاف في المستقبل القريب، إذ لن يكون هناك رفع للعقوبات قريبا، ولا أستطيع أن أرى ذلك يتحقق"، وفق تصريحاتهما لوكالة الأنباء الألمانية.

وكانت السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، أعلنت في 5 يونيو الماضي، مقاطعة قطر، وفرضت عليها عقوبات اقتصادية على خلفية اتهامها بدعم الإرهاب. وقدمت الدول الأربع قائمة بـ13 مطلبًا، عبر وساطة كويتية، قام بها الأمير صباح الأحمد، وردت قطر برفض هذه المطالب.