حين احتل تنظيم الدولة الإسلامية مدينة الموصل اصبح المناخ خصبا للشائعات، فبدأ البعض يروجون أن أهل المدينة رحبوا بالتنظيم واحتضنوه.

وبسبب ذلك اعتقد البعض من اهل المدينة أن الكثير من العراقيين يكرهونهم.

بعد استعادة القوات العراقية السيطرة على المدينة نظمت إحدى منظمات المجتمع المدني زيارة لمئة من شبان المدينة إلى مدينة العمارة في الجنوب للقاء أمهات بعض الجنود الذين قتلوا في معركة الموصل.

كانت هذه هي المرة التي يلتقون فيها شيعة من الجنوب.

كل واحد من هؤلاء المشاركين مر بتجربة مع مسلحي تنظبم الدولة، ولديه قصص ليرويها.

تحدث أحدهم قائلا "في يوم من الأيام أخذني مسلحو داعش إلى السجن مع أربعة من إخوتي. حكموا علي بالتعذيب وعليهم بالموت. قتلوا أربعتهم وأبقوا على حياتي، ثم أطلقوا سراحي".

الموصل
BBC
دمرت أجزاء كبيرة من الموصل خلال المعارك

وقال آخر "اختطفني الدواعش واتهموني بالتصوير لقوات الأمن. وهددوني بالتوجه لمنزل عائلتي وجعل والدي يشهد ضدي. عشت حالة من الرعب الشديد في ما تلي من وقت".

وروى ثالث "منعوا الموسيقى. اختفى الكثيرون لأنهم كانوات موسيقيين. أعدم العديد من الشعراء والفنانين".

بينما كانت الحافلات تتقدم من مدينة العمارة دبت الحياة فيها وزاد التوتر والانفعال، لكن حين توقفت الحافلات ونزلوا منها فوجئوا بأن شيوخ العشائر نظموا لهما استقبالا حافلا، بالأغاني الشعبية التقليدية بالتلويح بالأعلام، بالشعر الشعبي المرحب بقدومهم. الكثيرون منهم بكوا من التأثر. احتضنوهم، وقبلوهم. كان مشهدا مؤثرا.

الموصل
AFP/Getty Images
مئات الآلاف نزحوا عن المدينة

كان المشهد المؤثر الآخر حين ذهب الرجال للقاء أمهات الشهداء، التقوا أربع أو خمس أمهات، وعبروا عن شكرهم وعرفانهم لتضحية ابنائهن من أجل تحرير المدينة. وكان رد الأمهات رائعا، أستقبلنهم كأنهن يستقبلن ابناءهن. إحدى الأمهات قالت إنها بكت كثيرا من أجل معاناة أهل الموصل. هذا كان مشهدا رائعا.

تبين من خلال هذه الرحلة أن المصالحة الوطنية ليست ممكنة فقط بل مرغوبة. المجتمع العراقي مجتمع شاب ولد 60 في المئة منه بعد 1991. هؤلاء الشباب يريدون اللقاء والانصهار في كل واحد: سنيين، شيعة، كلدانيين. هذا البلد خليط من طوائف وخلفيات ثقافية مختلفة.