نيويورك: حذر الكاتب الأميركي ديفيد والاس ويلز من أن التغير المناخي سيدمر الأرض بوتائر متسارعة ويحيلها كوكباً لا يمكن العيش فيه. 

واشار والاس ويلز في مقال لاقى اصداء واسعة في مجلة نيويورك الى حدوث خمس موجات انقراض جماعي في الكرة الأرضية ونمر الآن بموجة سادسة. وكتب ان القلق من ارتفاع حرارة الأرض يتركز على ارتفاع مستوى سطح البحر ولكن هذه الظاهرة لا شيء بالمقارنة مع الأهوال المحتملة حتى في زمن حياة شخص يعيش سنوات المراهقة اليوم. 

وفي غياب أي تعديل كبير بطريقة حياة مليارات البشر فالمرجح ان تصبح مناطق من الأرض اقرب الى الأماكن غير الصالحة للعيش أو السكن فيها ومناطق أخرى صعبة الى حد مريع في وقت لا يتعدى نهاية القرن الحالي. 

ولتكوين فكرة عن جسامة المشكلة فان شتاء هذا العام سجل اياماً زادت درجة الحرارة فيها على 20 مئوية فوق المعتاد في القطب الشمالي متسببة بذوبان الطبقة العليا للتربة التي تبقى عادة متجمدة طول السنة. 

وتحوي هذه الطبقة 1.8 ترليون طن من الكاربون وعندما يذوب الغطاء الثلجي ويتحرر هذا الكاربون فانه يمكن ان يتبخر في حالة غاز الميثان الذي تزيد قوته 34 مرة على تأثير ثاني اوكسيد الكاربون في زيادة الاحتباس الحراري.

 

 

بكلمات أخرى ان الكاربون المحبوس في الغطاء الجليدي للقطب الشمالي يزيد مرتين على الكاربون الذي يدمر الغلاف الجوي للكرة الأرضية حالياً. ومن المتوقع ان يتحرر هذا الغاز في موعد يقترب باستمرار ليتحول جزء منه الى غاز تزيد قوته في رفع حرارة الأرض 86 مرة. 

وفي القطب الجنوبي حدث في مايو الماضي شرخ في الرف الجليدي اتسع 11 ميلا في غضون ستة ايام واستمر في الاتساع حتى انفصل جبل من الجليد واصبح عائماً في المياه المفتوحة. 

وتتوالى القصص المقلقة في الأخبار كل يوم بما في ذلك بيانات من الأقمار الاصطناعية تشير الى ان سرعة ارتفاع حرارة الأرض منذ عام 1998 تزيد مرتين على حسابات العلماء السابقة. 

هلاك نصف سكان الأرض

ويحذر والاس ويلز من ان استمرار حرارة الأرض في الارتفاع سيؤدي الى هلاك نصف سكان الكرة الأرضية حسب توزيعهم الآن. فان درجة الحرارة العظمى في غالبية مناطق العالم تصل الآن الى 26 أو 27 درجة مئوية والخط الأحمر لقابلية العيش دون طرق اصطناعية مثل التبريد هو 35 درجة مئوية. 

وسجل العالم منذ عام 1980 زيادة قدرها 50 ضعفاً في عدد الأماكن التي تشهد درجات حرارة عالية أو خطيرة. ومن المتوقع حدوث زيادة أكبر. 

وحتى إذا تحققت اهداف اتفاقية باريس بحصر ارتفاع حرارة الأرض في درجتين فان مدناً مثل كراتشي وكلكتا ستقترب من عدم امكانية العيش فيها بسبب موجات الحر كتلك التي عطلت الحياة فيهما عام 2015. وبارتفاع الحرارة اربع درجات ستصبح موجة الحر الأوروبية عام 2003 التي كانت تقتل 2000 شخص يومياً هي الصيف الاعتيادي في أوروبا. 

ويقدر البنك الدولي انه بحلول نهاية القرن ستكون أبرد الأشهر في أميركا الجنوبية المدارية وافريقيا وحوض المحيط الهادي أعلى حرارة من أعلى الأشهر حرارة في القرن العشرين. 

ويلاحظ والاس ويلز في مقاله ان المكيفات الهوائية تساعد في التخفيف من الحر ولكنها تزيد مشكلة الكاربون تفاقماً. وباستثناء دول الخليج التي تستخدم مكيفات الهواء في اسواقها التجارية الكبيرة الى جانب البيوت فان من المستبعد ان ينتشر تكييف الهواء في مناطق العالم الحارة التي غالبيتها مناطق فقيرة. 

 

 

ويذهب الكاتب الى ان الأزمة ستكون على اشدها في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج حيث سجل المؤشر في عام 2015 درجات حرارة وصلت الى نحو 72 درجة مئوية. وبعد عقود قليلة سيكون الحج الى مكة غير ممكن جسدياً لملايين المسلمين الذين يتوافدون على مكة سنوياً لأداء مناسك الحج، بحسب والاس ويلز. 

ويمضي والاس ويلز في استعراض الأخطار التي تهدد الكرة الأرضية بسبب التغير المناخي، بما في ذلك حدوث ازمة غذائية كارثية موضحاً ان ارتفاع الحرارة درجة واحدة يؤدي الى انخفاض غلة محاصيل الحبوب الأساسية بنسبة 10 في المئة وبعض التقديرات تصل الى 15 وحتى 17 في المئة. 

ويعني هذا ان ارتفاع حرارة الأرض 5 درجات مئوية يؤدي الى زيادة السكان الذين يجب اطعامهم بنسبة 50 في المئة وانخفاض كمية الحبوب المطلوبة لاطعامهم بنسبة 50 في المئة. ويتوقع والاس ويلز حدوث جفاف واسع دائم وضباب + دخان (ضبخان) قاتل. 

وأشد ما يثير الخوف ان الكاتب يتوقع حدوث هذه الكوارث كلها بحلول نهاية هذا القرن. 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن مجلة "نيويورك". الأصل منشور على الرابط التالي:

http://nymag.com/daily/intelligencer/2017/07/climate-change-earth-too-hot-for-humans-annotated.html