إيلاف من لندن: يضم قصر الاليزيه في باريس 365 غرفة وهو أكبر من البيت الأبيض في الولايات المتحدة ويشير بعض الفرنسيين الى مقر سكن وعمل رئيسهم على انه "قفص ذهبي". 

نزيل قصر الاليزيه اليوم جديد على السياسة "لا يساري ولا يميني"، كما أعلن ايمانويل ماكرون خلال حملته الانتخابية التي انتهت بفوزه على مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان ليصبح أصغر رئيس فرنسي سناً، تعهد بهدم النظام السياسي السابق و"تحويل" فرنسا. 

ولاحظ مراقبون ان ماكرون يمارس سيطرة محكمة على جميع الاتصالات في قصر الاليزيه ويُبقي مسافة بينه وبين الصحافة على النقيض من سلفه.

ويواجه الصحافيون الآن تحديات في تغطية رئاسة ماكرون، الذي يعرف ما تعنيه العزلة في برج عاجي.

فهو أمضى سنتين في مكتب يطل على حدائق قصر الاليزيه بصفة نائب مدير مكتب الرئيس السابق فرانسوا اولاند.

وصرح ماكرون لأحد الصحفيين خلال الحملة الانتخابية قائلا "ان السلطة تعزل بطبيعة الحال" متعهدا بألا يسمح بحدوث ذلك معه.

ولكن مراقبين يشيرون الى انه يعرف ايضاً كيف يستغل العزلة التي يوفرها قصر الاليزيه وخاصة حين يتعلق الأمر بصورته في الاعلام.

ماكرون لا يجري دردشات منتظمة ليست للنشر مع محرري الشؤون السياسية، كما كان يفعل الرؤساء السابقون الى قصر الاليزيه، ومنع الوزراء من تسريب اخبار الى وسائل الاعلام.

وهو بدلا من ذلك يعتمد على فريقه الخاص للاتصالات العامة حتى ان القنوات التلفزيونية أُبعدت عن تغطية زيارته مجمع ليزإنفاليد العسكري التاريخي مع الرئيس الاميركي دونالد ترمب، وتولى فريقه الخاص تغطية الزيارة ونشرها على فايسبوك.

وتقول انجليك شريسافي مراسلة صحيفة الغارديان في باريس ان ماكرون يريد ان يصور نفسه قائداً فوق الصغائر، زعيماً مهيباً صاحب كلمات قليلة يصح عليه القول بأن الرئيس الفرنسي "ملك جمهوري".

وحين الغى ماكرون اللقاء التقليدي الذي يعقده الرئيس الفرنسي مع الصحافيين في ذكرى سقوط الباستيل في 14 يوليو/تموز قال مصدر في الاليزيه ان عملية التفكير "المعقدة" للرئيس الجديد ليست مناسبة لمثل هذه الندوات الاعلامية.

لا يُعرف إن كانت هذه استراتيجية دائمة ولكن تعديلات ماكرون المقترحة لقوانين العمل والسكن والتقاعد والمعونات الاجتماعية وخفض الانفاق الحكومي واستمرار الضغط لخفض مستوى البطالة المرتفع، كلها يمكن ان تفرض على الرئيس مزيداً من اللقاءات مع الصحافيين لايضاح سياساته، لا سيما بعد هبوط شعبيته في استطلاعين هذا الشهر.

وقال احد الصحفيين ان ماكرون "قد يجد من الضروري ان يتحدث معنا لايضاح عملية تفكيره". ولكن ماكرون يفضل حتى الآن ايصال رسالته بالقاء الخطابات.

يُلاحظ ايضاً ان ماكرون حريص على توظيف قصور فرنسا التي توحي بالقوة.

وحين تحادث مع ترمب في مكتبه الموشى بالذهب في قصر الاليزيه أو طاف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول قصر فرساي بعربة غولف كهربائية، كان ماكرون ينقل رسالة عن عظمة فرنسا وقيادته لها وسعيه الى تعزيز مكانة فرنسا في العالم.

علق ترمب حين زار ماكرون في قصر الاليزيه مؤخراً بالقول "مبنى جميل". وابتسم الرئيس الفرنسي الجديد كأنه يريد ان يقول ان ضغوط القفص الذهبي لا تخيفه.

أعدت "ايلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الغارديان". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.theguardian.com/world/2017/jul/29/inside-the-elysee-the-reflected-glory-of-macrons-gilded-cage