اسلام اباد: اختار رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف الذي اقالته المحكمة العليا الجمعة، شقيقه شهباز ليكون خلفه السياسي، ووزير النفط السابق شهيد حقان عباسي رئيسا للوزراء بشكل مؤقت.

ويحدد اعلان شريف الطريق لباكستان بعد أن قضت المحكمة العليا بتنحيته في قرار يثير حالة من الاستقطاب في البلاد ويطرح تساؤلات بشأن مستقبل الحياة السياسية فيها.

وخلال سبعين عاما امضت البلاد اكثر من نصفها في ظل حكم عسكري، أصبح شريف رئيس الوزراء الـ15 الذي يُقال قبل إكمال عهده بعدما قضت المحكمة العليا الجمعة بأنه "لم يعد يتمتع بالأهلية" للبقاء في منصبه. وقال شريف في خطاب امام حزبه "ادعم شهباز شريف (خلفا) من بعدي، لكن ترشحه للانتخابات سيأخذ وقتا، لذا، اسمي الان شهيد حقان عباسي" ليترأس الحكومة بالوكالة.

ويتولى شهباز منصب كبير وزراء ولاية البنجاب كما أنه عضو في مجلس الولاية، ولذلك يجب انتخابه للبرلمان الوطني قبل أن يصبح رئيسا جديدا للوزراء. 

وفي وقت سابق من السبت أكدت اللجنة الانتخابية الباكستانية اجراء انتخابات جديدة في دائرة شريف الانتخابية السابقة. 

ويتوقع أن يوافق البرلمان على تولي عباسي منصب رئيس الوزراء المؤقت نظراً لأن حزب الرابطة الاسلامية لباكستان-نواز يحظى بأغلبية البرلمان المؤلف من 342 مقعدا.

ويحتمل أن تطرح المعارضة كذلك مرشحها لرئاسة الوزراء رغم أنه لا يحظى بفرصة كبيرة للحصول على الأصوات اللازمة. 

وأنهى حكم المحكمة عهد شريف الثالث كرئيس وزراء منتخب ودفع معارضيه السياسيين إلى النزول للشوارع لتوزيع الحلوى وقرع الطبول احتفالا. 

ولكن الانقسام ساد في أوساط الباكستانيين بشأن إن كان قرار المحكمة يقوض تقدم الديموقراطية في البلاد، اذ ندد أنصاره وبعض المعلقين وعدد من الصحف الباكستانية بالحكم ووصفوه بـ"الانقلاب القضائي". 

وأزاح القرار شريف من منصبه ومقعده في البرلمان. وقال مصدر في حزبه، "الرابطة لإسلامية الباكستانية- جناح نواز"، طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس إن الحزب سيجتمع مع برلمانيين في وقت لاحق السبت "لرسم خطط مستقبلية وترشيح رئيس وزراء بالوكالة". 

وأوضح المصدر أن قيادة الحزب تعقد حاليا لقاءات غير رسمية في مقر رئيس الوزراء الرسمي، الذي لم يغادره شريف بعد. 

وقضت المحكمة الجمعة بإقالة شريف لعدم كشفه عن تقاضيه راتبا شهريا بقيمة 10 آلاف درهم (2700 دولار) من شركة يملكها ابنه في الإمارات. ورغم عدم سحبه الأموال، بحسب ما أظهرت وثائق المحكمة، إلا أن هيئة الحكم المكونة من خمسة أعضاء رأت أن عدم كشفه عنها يعني أنه غير "صادق" -- وهو ما يتنافى مع المتطلبات الدستورية للسياسيين الباكستانيين. 

قرار مُسَيَّس

وأشاد عمران خان زعيم المعارضة والخصم السياسي الأبرز لشريف والذي قاد التحرك ضده، بالحكم معتبرا أنه يؤذن بفجر جديد لباكستان. 

ولكن بعض المراقبين نددوا بقرار المحكمة معتبرين أنه "مٌسَيَّس" و"شكلي". 

ومن بين هؤلاء، المحامية والناشطة الحقوقية أسماء جهانكير التي قالت لمحطة "جيو" التلفزيونية الخاصة مساء الجمعة إن المؤسسة العسكرية النافذة تستخدم المحاكم لتقويض الديموقراطية. 

ويختلف الجيش مع شريف، الذي قام بعدة محاولات للانفتاح على الهند، خصم باكستان الإقليمي، وتحسين العلاقات معها. 

وتم الكشف عن ارتباط شريف بالشركة التي تتخذ من الإمارات مقرا في اطار تحقيق في اتهامات بالفساد ضد عائلته على خلفية تسريبات وثائق بنما العام الماضي. 

وانفجرت هذه القضية العام الفائت بعد نشر 11,5 مليون وثيقة سرية من شركة محاماة "موساك فونسيكا" تكشف معاملات يجريها عدد كبير من المسؤولين السياسيين او من اصحاب المليارات في جميع انحاء العالم.

وثلاثة من أبناء شريف الأربعة متورطون في القضية وهم ابنته مريم، وابناه حسن وحسين.

وفي صلب الاتهامات ضد شريف، شرعية الأموال التي استخدمتها أسرته لشراء عقارات باهظة الثمن في لندن عبر شركات خارج البلاد.

وكان للقضية أصداء كبرى وتناولتها وسائل الإعلام المحلية بشكل واسع على مدى أشهر. 

وتتفشى الرشاوى والكسب غير المشروع في باكستان المصنفة في المرتبة 116 على قائمة الدول الأكثر فسادا التي تضم 176 دولة، وفق تقرير منظمة الشفافية الدولية للعام 2017.

ونفى حزب شريف مرارا الاتهامات الموجهة ضده مصرا على أن العائلة جمعت ثروتها بطريقة مشروعة من خلال أعمالها التجارية في باكستان والخليج. 

وتمت الإطاحة بشريف في السابق على خلفية اتهامات بالكسب غير المشروع اذ أقاله الرئيس حينها في أول عهد له كرئيس للوزراء عام 1993. وفي المرة الثانية أطاح به انقلاب عسكري عام 1999. 

وتمت كذلك الإطاحة بغيره من رؤساء الوزراء إما بتدخل من الجيش النافذ او بقرار من المحكمة العليا أو عن طريق أحزابهم فيما أرغم البعض على الاستقالة أو تم اغتيالهم.