اشتكت حملة "مانيش مسامح" في تونس، والتي تنشط من أجل اسقاط قانون تقدمت به رئاسة الجمهورية يهدف للعفو عن مورطين في قضايا فساد، من مضايقات تستهدف ناشطات صلبها، ومن رفع دعاوى قضائية ضد محامٍ كشف قضية فساد ضخمة.


إسماعيل دبارة من تونس: نددت حملة "مانيش مسامح" التونسية بمحاولة استهداف ناشطيها إما بتكرر الهجمات عبر الفضاء الافتراضي ضد نشطائها، أو برفع دعاوى قضائية ضدّ محامٍ معروف ينتمي الى هذه الحملة الشبابية التي تستهدف اسقاط قانون "المصالحة الادارية"، الذي تقدم به الرئيس الباجي قائد السبسي، لكنه لم يحصل على موافقة البرلمان بعدُ بسبب المعارضة الشديدة التي لقيها.

وعلى وقع احتجاجات نظمتها "مانيش مسامح" (لن أسامح) في العاصمة وبعض المحافظات الداخلية، أجّل البرلمان التونسي التصويت الجمعة الماضي، على قانون المصالحة المثير للجدل.

ومنذ سنتين، يحاول الائتلاف الحاكم تمرير هذا القانون الذي قُدم في البداية كحلّ لمشاكل تونس الاقتصادية بعفوه عن رجال الاعمال والاداريين المورطين في قضايا فساد، لكن نشاط الحملة والمعارضة، حالا دون تمرير القانون.

وتحت الضغط، تنازل معدو القانون على الجزء المخصص للعفو عن رجال الاعمال، واكتفوا بجزء مخصص لـ"المصالحة" مع موظفين عموميين ثبت فسادهم، بهدف ايجاد حل لمشاكل الادارة المعطلة، لكن حتى هذا الجزء المتبقي رفضته المعارضة، وطالبت بسحب مشروع القانون نهائيًا.

وقالت حملة "مانيش مسامح" في بيانين منفصلين، تلقت "إيلاف" نسخاً منهما، إنها تتعرض لمضايقات. وتعهدت بمواصلة العمل على اسقاط القانون وضمان سحبه نهائياً.

وقالت الحملة: "تمّ تقديم شكايتين جزائيتين جديدتين ضد الأستاذ شرف الدين القليل عضو حملة "مانيش مسامح" من طرف الشركة السياحية والعقارية "مارينا قمرت".

وقضية مارينا قمرت، تتعلق بفساد رجال اعمال ووزراء في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

وحصل نافذون في النظام السابق على أراضٍ في مناطق راقية في ضاحية تونس الشمالية، بعد اخلالات قانونية، كما قالت الحملة في مؤتمر صحافي سابق، ونشرت وسائل اعلام في وقت سابق تفاصيل القضية المعروضة أمام القضاء.

المحامي شرف الدين القليل الناشط صلب "مانيش مسامح" ملاحق قضائياً بسبب كشفه قضية فساد ضخمة 

وقال البيان: "على خلفية الندوة الصحفية التي عقدتها حملة مانيش مسامح وشبكة "دستورنا" لفضح ملف فساد في قضية "مارينا قمرت"، والتي تعتبر تجسيدًا تطبيقيًا حيًا للجرائم التي يسعى قانون المصالحة لتبييضها، تمّ تقديم شكايتين جزائيتين جديدتين ضد الأستاذ شرف الدين القليل عضو حملة "مانيش مسامح" من طرف الشركة السياحية والعقارية "مارينا قمرت" في شخص ممثلها القانوني، ومن طرف ورثة عزيز ميلاد (رجل اعمال)".

يضيف البيان: "تلت الشكايات عديد التهديدات والوساطات والمساومات الهادفة إلى دفع الأستاذ شرف الدين القليل إلى سحب شهادته أمام قاضي التحقيق الأول بالقطب القضائي المالي".

وقالت الحملة إنّ هذه القضايا والضغوطات "انما تندرج في إطار محاولة التشويش على كل جهود كشف الفساد شأنها شأن جملة المضايقات التي كان قد تعرض لها الأستاذ شرف الدين القليل وعدد من مناضلات ومناضلي الحملة قبل الندوة الصحفية، التي تم خلالها تقديم تفاصيل ملف الفساد لوسائل الإعلام بتاريخ 25 مايز 2017".

وفي بيان منفصل، قالت الحملة إنّ مجموعة من الناشطات صلبها "يتعرضن لحملة تشويه إلكترونية على خلفية نشر فيديو احتفالي شخصي إثر إعلان تأجيل مناقشة قانون المصالحة".

واستنكر البيان ما أسماها:"حملات التشويه الأخلاقوية الممنهجة ضد مناضلات الحملة والخطاب التحقيري الذي يصاحبها، والذي يكرس إقصاء النساء من العمل السياسي والفضاء العام، ودونيتهن والثقافة الذكورية السائدة".

ويرتدي ناشطو الحملة عادة قمصاناً مميزة، سببت لبعضهم ملاحقات من طرف أعوان الأمن مؤخرًا، وقالت منظمة غير حكومية يوم الاربعاء الماضي إنها ستقاضي وزارة الداخلية بسبب هذا السلوك "اللا قانوني".

وقالت منظمة "أنا يقظ" إنها "ستقاضي وزارة الداخلية والجهات المسؤولة عن توقيف مجموعة من ناشطيها، وإرغامهم على تبديل قمصانهم المطبوع عليها شعار حملة "مانيش مسامح".

وأفادت منال بن عاشور، عضو المنظمة في تصريح لوكالة "الأناضول" التركية إنّ "وزارة الداخلية تجاوزت القانون، وما أقدمت عليه يعتبر معاملة غير دستورية وغير قانونية"، وهو ما لم ترد عليه الجهات الرسمية المعنية.

وذكرت بن عاشور أن "هذه الممارسات تعيدنا إلى النظام السابق (زمن الرّئيس زين العابدين بن علي من 1987 – 2011)” معتبرة أن في ذلك "تعدياً على الحريات وعلى نشاط المجتمع في يوم يتزامن مع إحياء ذكرى إعلان الجمهورية".
وتطرقت عضو المنظمة إلى الفصل الـ 31 من الدّستور التونسي، الذّي ينص على أنّ "حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة، وأنه لا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات".

وبحسب نشطاء "مانيش مسامح"، فإن عناصر أمن أوقفوا 3 من أعضاء "أنا يقظ" و4 من حملة "مانيش مسامح" على خلفية ارتدائهم قمصاناً كتبت عليها اسم الحملة، وأجبروهم على استبدالها بقمصان أخرى.

ولم تعلق السلطات على ما تنشره الحملة من أخبار عن تضييقات على نشاطها، بما في ذلك مشاحنات مع الشرطة مساء الخميس الماضي أمام مقر البرلمان.

وأقر البرلمان التونسي الأربعاء الماضي، الدخول في عطلة برلمانية خلال شهري أغسطس وسبتمبر المقبلين، على أن يستأنف أعماله في أكتوبر.

يشار إلى أن لجنة التشريع العام بالبرلمان صادقت قبل أيام على مشروع قانون المصالحة الاقتصادية، بعد إدخال تعديلات جذرية عليه، ليشمل العفو عن 1500 موظّف حكوميّ، فيما تم استثناء رجال الأعمال من "المصالحة".

ويعيش الاقتصاد التونسي وضعًا صعبًا، منذ ثورة يناير 2011؛ كما أن هجمات إرهابية تعرضت لها البلاد العام الماضي، تسببت في تعطيل تدفق السياح إليها، ما أدى الى تفاقم اختلال التوازنات المالية.