تباشر الجمعية التأسيسية الفنزويلية المزودة بصلاحيات لا متناهية إلى أجل غير مسمى أعمالها السبت، غداة جلسة افتتاحية انتُقدت من كل حدب وصوب، وفاقمت الاستقطاب في بلد بات على شفير الهاوية.

إيلاف - متابعة: الجمعية التأسيسية الفنزويلية التي ترأسها دلسي رودريغيز، وزيرة الخارجية سابقًا، مكلفة بإعادة صياغة دستور 1999 المعتمد في عهد هوغو تشافيز.

ومهمتها تقضي، بحسب الرئيس مادورو، بإحلال "السلام" وإنعاش الاقتصاد في هذه الدولة النفطية، التي كانت في السابق تتمتع بموارد طائلة. وتتهم المعارضة الرئيس الاشتراكي بالسعي من خلالها إلى تعزيز صلاحياته وتمديد ولايته التي تنتهي في 2019.

أدى أعضاء الجمعية اليمين الدستورية الجمعة في غياب الرئيس، حاملين الورد الأحمر في أيديهم وصورًا كبيرة لهوغو تشافيز وسيمون بوليفار رمز الاستقلال في فنزويلا.

وقالت رودريغيز (48 عامًا) المعروفة بتمسكها بمبادئ "الثورة البوليفارية"، "أتعهد بالدفاع عن الأمة في وجه أي اعتداء أو تهديد". وأعلنت وزيرة الخارجية السابقة أن الجمعية ستباشر أعمالها السبت، بالرغم من الانتقادات الدولية ورفض المعارضة لها.

يعقد أعضاء هذه الجمعية الذين يتمتعون بصلاحيات مفتوحة تفوق حتى صلاحيات الرئيس، في "القاعة البيضاوية"، على بعد بضعة أمتار من تلك التي يجتمع فيها نواب المجلس التشريعي المنتخب في نهاية 2015 والمؤلف بغالبيته من أحزاب المعارضة. ويتخوف البعض من حدوث اشتباكات في المبنى.

تعايش
وقالت دلسي رودريغيز في تصريحات حصرية لوكالة فرانس برس، قبل بضعة أيام من انتخابها "ما نصبو إليه هو التعايش (بين الاثنين)... وقد سبق للهيئتين أن اجتمعتا في المبنى عينه سنة 1999". والجمعية التأسيسية مخوّلة حل البرلمان.

احتشد مؤيدو الرئيس مادورو معتمرين قبعات حمر وملوّحين بالأعلام الفنزويلية. وتظاهر أيضًا أنصار المعارضة، فاندلعت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن. وتم تفريق المتظاهرين بوساطة الغاز المسيل للدموع، وتعذر عليهم الوصول إلى وسط المدينة حيث مقر البرلمان.

وأكد الائتلاف المعارض المعروف بـ "طاولة الوحدة الديموقراطية" على "تويتر"، "لن نستسلم". أما الرئيس مادورو، فقال في وقت لاحق خلال مراسم عسكرية حضرتها رودريغيز: "لدينا الجمعية التأسيسية، وبفضلها سنتوصل إلى الحقيقة والعدالة".

يثير هذا الاستحقاق الانتخابي، الذي أجري الأحد وسط أعمال عنف أودت بحياة عشرة أشخاص، موجة من الاستنكار على الصعيد الدولي. وقتل أكثر من 120 شخصًا في المجمل في خلال أربعة أشهر من التظاهرات ضد الرئيس الاشتراكي.

وندد الفاتيكان بشدة بهذا الاستحقاق، في خطوة غير معهودة، وعبّر عن "قلقه العميق في مواجهة التشدد وتفاقم الأزمة" في فنزويلا الذي يتمثل بارتفاع عدد القتلى والجرحى والمعتقلين.

دولة منبوذة 
يجتمع السبت وزراء خارجية أربع دول من البلدان الخمسة الأعضاء في السوق الجنوبية المشتركة (ميركوسور) في ساو باولو للتطرق إلى الأزمة الفنزويلية اعتبارًا من الساعة 11:00 بالتوقيت المحلي (14:00 بتوقيت غرينيتش). ويدرس وزراء البرازيل والأرجنتين وأوروغواي وباراغواي احتمال تعليق عضوية فنزويلا المستبعدة أصلًا من السوق المشتركة منذ ديسمبر لأسباب تجارية.

لا يعني هذا التعليق بحجة "الإخلال بالنظام الديموقراطي" عمليًا طرد البلد من هذا التكتل التجاري الإقليمي، لكن تداعياته أشد وقعًا بكثير من أي عقوبات متخذة سابقًا في حق هذه الدولة.

وقال ماوريسيو سانتورو الأستاذ المحاضر في العلاقات الدولية في جامعة ولاية ريو دي جانيرو: "هي ضربة شديدة القساوة لصورة حكومة مادورو على الساحة الدولية. وقد تستحيل فنزويلا دولة منبوذة في أميركا اللاتينية".

وصرحت رئيسة الجمعية التأسيسية في خطاب القسم "الرسالة واضحة جدًا جدًا بالنسبة إلى المجتمع الدولي ... نحن الفنزويليين سنحل نزاعنا، أزمتنا، من دون أي شكل من أشكال التدخل الخارجي أو الوصاية الإمبريالية".

في المقابل، لا تزال المعارضة الفنزويلية تتعرّض للقمع. فقد أعيد رئيس بلدية كراكاس المعارض أنطونيو ليديزما إلى منزله في وقت مبكر صباح الجمعة، حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية مجددًا بعد سجنه ثلاثة أيام.

لكن قيادي المعارضة الثاني ليوبولدو لوبيز، الذي كان أيضًا قيد الإقامة الجبرية، وأوقف بالتزامن مع ليديزما، فما زال محتجزًا، شأنه شأن نحو 600 "معتقل سياسي" تندد المعارضة بتوقيفهم.