قالت سيران أتاش، المحامية الألمانية من أصول تركية والمعروفة بدفاعها عن حقوق المرأة: "إن الحملة التي يتعرض لها المسجد الذي أسسته تؤكد لي أنني أسير على الطريق الصحيح، فالله محب ورحيم وإلا ما كان خلقني على ما أنا عليه".

وكان المسجد "الليبرالي" الذي أسسته أتاش، البالغة من العمر 54 عاما وغير المحجبة، في يونيو/حزيران الماضي قد تعرض لحملة من المؤسسات الدينية في مصر وتركيا، ففي الوقت الذي انتقدت فيه دار الإفتاء المصرية الأفكار التي يتبناها المسجد، اعتبرت رئاسة الشئون الدينية التركية المسجد مشروعا للنيل من الدين الإسلامي تحت رعاية "جماعة غولن".

وأضافت أتاش قائلة : "إن المرأة يجب ألا ترتدي حجابا أثناء الصلاة، كما يمكنها أن تؤم المصلين"، معللة موقفها بأنها كانت تشعر بالتفرقة العنصرية في باقي المساجد الإسلامية.

ولكن ما هي حكاية مسجد سيران أتاش الذي يحمل اسم "ابن رشد غوته"؟

حكاية مسجد

في يونيو /حزيران الماضي استأجرت أتاش جزءا من مجمع كنسي، لتقيم فيه مسجدا ليبراليا يصلي فيه الرجال والنساء معا.

ويستقبل جامع "ابن رشد غوته" المصلين من جميع الطوائف، السنة والشيعة والعلوية والصوفيين، الذين يؤمهم إمام وإمامة.

ويجمع اسم المسجد بين الشاعر الألماني يوهان فولفغانغ غوته الذي تأثر في أعماله بالثقافة العربية والإسلامية، والعالم ابن رشد الذي نشر شروحات هامة عن مؤلفات الفيلسوف اليوناني أرسطو، ويعد من بين أبرز مفكري العصور الوسطى.

وقالت أتاش إن هناك مسؤولية ملقاة على عاتقهم بأن يكونوا حذرين حتى لا يحدث مكروه لأحد، مضيفة أن هناك مسؤولية أيضا بأن يظهر المسلمون العصريون الليبراليون، فالتساؤل دائما من جانب الجميع هو أين هم المسلمون العصريون، حيث لا يشاهد دائما إلا الإسلام والإرهاب فقط. وأشارت إلى أنها تتلقى رسائل عبر البريد الألكتروني من أناس يريدون تكرار تجربتها.

ووصفت سوزانة شروتر، المشرفة على مركز "غلوبالر إسلام" البحثي في مدينة فرانكفورت، مشروع "أتاش" بأنه ذو توجه مستقبلي، مشيرة إلى أن النساء لا يملكن حجرتهن الخاصة أو حجرة أصغر بكثير من تلك المخصصة للرجال في الكثير من المساجد بألمانيا.

مسجد ليبرالي
Reuters
الرجال والنساء يصلون معا في هذا المسجد

انتقادات

وانتقدت دار الافتاء المصرية في صفحتها على فيسبوك مسجد "أتاش" قائلة: "إن عدم ارتداء المرأة للحجاب، كما هو الحال في المسجد الليبرالي الجديد، لا يعد تفرقة عنصرية ضد المرأة، بل إن ارتداء المرأة للحجاب يتفق مع الشعائر التي سنها الله".

كما انتقدت دار الإفتاء المصرية الصلاة المختلطة بين الرجال والنساء في مسجد "ابن رشد غوته"، قائلة: "بأن الإسلام يمنع الاختلاط الجسدي بين الرجال والنساء أثناء الصلاة، حيث إن ذلك يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى أنه غير مسموح للمرأة أن تتولى الإمامة في حضرة الرجال".

فيما أعلنت رئاسة الشئون الدينية التركية المعروفة باسم "ديانت" أن مسجد "ابن رشد غوته" في برلين يحتقر قواعد ديننا الجليل، كاشفة أن الهدف وراء ذلك هو تقويض وتدمير الدين الإسلامي، كما أن "الديانت" تحدثت عن تنفيذ مشروع لإعادة بناء الفكر الديني تحت قيادة "جماعة غولن" وغيرها من المنظمات الباطنية المشابهة.

يذكر أن الحكومة التركية كانت قد حملت رجل الدين، فتح الله غولن، مسؤولية محاولة الانقلاب في يوليو/تموز 2016.