إيلاف من نيويورك: أيا تكن التفسيرات التي ستخرج على خلفية رحيل ستيف بانون من منصب كبير مساعدي الرئيس دونالد ترمب للشؤون الاستراتيجية، إلا ان الحقيقة الثابتة تؤكد ان التيار الشعبوي القومي الذي يمثله الرجل تعرض لهزيمة كبيرة.

يوم تولى ترمب مهامه رسميا كرئيس للولايات المتحدة الأميركية، برزت ثلاث قوى في البيت الأبيض، أولى يصح ان تسمى بجناح العائلة المتمثلة بجاريد كوشنر وزوجته ايفانكا ترمب، وثانية تضم المؤسسة الجمهورية ويأتي على رأسها رينس بريبوس الذي استلم منصب رئيس اركان موظفي البيت الأبيض ومعه شون سبايسر وله امتداد خارج البيت الأبيض متمثل ببول رايان رئيس مجلس النواب، وثالثة تضم وجوه التيار القومي الشعبوي الذي خاص معركة ترمب وابرز شخصياته ستيف بانون مع مستشار الامن القومي، مايكل فلين، وسيباستيان غوركا، وستيفن ميلر الذي فضل في مرحلة لاحقة الاصطفاف الى جانب كوشنر بعد وقوع المواجهة مع بانون.

مسلسل الاثارة

استقالة فلين مكنت كوشنر من ترويج اسم الجنرال هيربرت ماكماستر لخلافته، نجحت المحاولة فأصبح المركز الحساس ضمن خانة حلفاء صهر الرئيس، وتوالت الحلقات مع إزاحة ك.ت ماكفرلاند من منصبها كنائبة مستشار الامن القومي لصالح دينا حبيب بأول، صديقة العائلة، وكرت فيما بعد سبحة الاقالات التي استهدفت فريق العمل الذي قدم مع فلين ويدين بالولاء لترمب.

ولم يطل الوقت حتى وقعت الواقعة بين جناح العائلة والجناح القومي، الفريق الأول كان قد دعم صفوفه بوجوه وول ستريت وجماعات الاعمال كغاري كوهن. المعركة الأولى انتهت دون غالب او مغلوب ولكن كوشنر تمكن من تحقيق تقدم بالنقاط، فالرئيس خرج يومها للمرة الأولى متحدثا عن بانون ومؤكدا ان الأخير انضم الى الحملة في وقت متأخر بعد ان كان قد اسقط جميع منافسيه الجمهوريين.

فريق الجنرالات

جناح المؤسسة الجمهورية كان حتى بداية شهر تموز خارج نطاق المواجهات، وتمكن بريبوس في تلك الفترة من نسج علاقات تحالفية مع بانون، إلا ان رئيس اركان الموظفين سرعان ما فقد مركزه ومعه شون سبايسر بالتزامن مع ظهور تيار الجنرالات المتحالف مع العائلة والبراغماتيين، فحط جون كيلي رحاله في البيت الأبيض لأخذ مكان رئيس اللجنة الوطنية الجمهورية سابقا.

كيلي فرض نفسه بسرعة فخرج انطوني سكاراموتشي مطرودا بعد ان كان وصل لتوه الى البيت الأبيض، وتزامنت هذه الاحداث مع اندلاع المعركة الكبرى بين ماكماستر وستيف بانون، والتي اوحت مؤشراتها إلى ان نهايتها لن تكتب إلا بوجود غالب ومغلوب.

كبير المساعدين اصبح خارج الادارة

ولم تكد شمس الثامن عشر من اب/أغسطس تغيب حتى اعلن رسميا خروج ستيفن بانون من الجناح الغربي في البيت الأبيض، لينجح كوشنر والجنرالات وفريق وول ستريت في انهاء المعركة التي امتدت على مدار خمسة اشهر.

وبالتزامن مع اعلان الخروج إنطلقت الإحتفالات في صفوف الحزب الديمقراطي الذي رحب مسؤولوه بمغادرة بانون للبيت الأبيض، كما بدأ الحديث عن الموقع المتنامي لرئيس اركان الموظفين جون كيلي، والصلاحيات الواسعة التي يمتلكها.

عودة البطل الشعبي

وبعد ساعات قليلة من اعلان خروجه، نشر موقع بريتبارت خبر عودة "البطل الشعبي" إلى الموقع بصفة الرئيس التنفيذي، ووفق المعلومات فإن مساعد الرئيس السابق للشؤون الاستراتيجية شارك في الاجتماع المسائي لاسرة التحرير.

أنصار التيار الشعبوي اطلقوا هاشتاغ War# داعين بانون الى فتح الحرب وتحطيم الأعداء، وجدير بالذكر ان الرجل الخارج من البيت الأبيض زار نيويورك هذا الاسبوع والتقى على مدار خمس ساعات مع بوب ميرسر (عائلته تعد من كبار المانحين) لدراسة الخطوات المستقبلية.

اول تصريح...اليمين يفتح النار

وفي اول تصريح له، قال بانون،" الرئاسة التي قاتلنا من اجلها وفاز بها ترمب قد انتهت، مؤكدا ان غيابه عن البيت الابيض سيجعل من الصعب على ترمب ان يدفع بالقضايا المتعلقة بلقومية الاقتصادية والهجرة الى الامام، ومعتبرا ان الإدارة ستكون اكثر تقليدية، وتعهد بسحق المعارضة قائلا ان احدهم أشار الى بانون البربري، وبالطبع عدت الى امتلاك سلاحي في إشارة الى عودته لبريتبارت.

الإعلام اليميني لم يتأخر في انتقاد ترمب، ونشر بريتبارت سلسلة تغريدات للكاتبة المحافظ ان كولتر التي توجهت الى الرئيس بالقول،" اذا كنت لا تريد من الاعلام ان ينسب الفضل لبانون، عليك توظيف عشرة مثله بدلا من طرده ".

وبلا ادنى شك فإن خروج بانون يعتبر أهم تغييرعلى صعيد الإدارة منذ تولي ترمب الرئاسة، فانصار التيار الشعبوي وجدوا ان حساب حقلهم لم يعد يطابق بيدر الرئيس، واستفاقوا فجأة على كابوس انحراف الإدارة عن الاجندة التي قاتلوا لأجلها، وبالتالي فـإن الأيام القادمة ستشهد عاصفة إعلامية تستهدف الشخصيات التي دفعت باتجاه إرغام كبير المساعدين الاستراتيجيين على المغادرة، كهيربرت ماكماستر، ودينا باول، وغاري كوهن وحتى جاريد كوشنر بغاية إقصائهم عن مواقعهم.