تتوالى ردود الفعل الغاضبة تجاه تخفيض أميركا المساعدات الاقتصادية لمصر بقيمة 290 مليون دولار. واعتبر نواب في البرلمان وخبراء أن القرار تدخل في الشؤون المصرية، ويضر بالمصالح الإستراتيجية بين البلدين.

 إيلاف من القاهرة: أصيبت الدوائر السياسية في مصر بصدمة شديدة، بسبب قرار الولايات المتحدة الأميركية تقليص المساعدات الاقتصادية بقيمة 290 مليون دولار، لاسيما في ظل ما يبدو أنها علاقات وطيدة بين الرئيسين دونالد ترمب وعبد الفتاح السيسي. وأعرب نواب في البرلمان وخبراء عن غضبهم من القرار الأميركي.

وقال النائب طارق الخولي، أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إنه "لم يعد من المقبول لدى الشارع المصري استخدام المعونة الأميركية كأداة ضغط في أي شأن وخير دليل على ذلك هو صمود الشعب المصري أمام إجراءات إدارة أوباما في تجميد المعونة عقب ثورة 30 يونيو الشعبية".

وأضاف الخولي لـ"إيلاف" أنه "لم يعد من المجدي استخدام فزاعات حقوق الإنسان كطريق للتدخل في الشأن الداخلي المصري، وإغفال تضحيات الشعب في مواجهة الإرهاب، الذي شاركت في صناعته إدارة أوباما كما وصف ترمب أثناء حملته الانتخابية".

وأكد الخولي، أن قرار الجانب الأميركي يتنافى مع دعوات دعم جهود الدول في مكافحة الإرهاب، ويتسبب في الإضرار بالمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة ذاتها.

وأعلنت أميركا عن القرار قبيل زيارة وفد رفيع المستوى برئاسة جاريد كوشنير كبير مستشاري الرئيس ترمب لمصر، وألغت وزارة الخارجية لقاءه مع الوزير سامح شكري، بينما التقى به الرئيس السيسي. 
وأصدرت الرئاسة المصرية بيانًا مقتضبًا، قالت فيه إن السيسي أكد خلاله "حرص مصر مواصلة العمل على تعزيز العلاقات المتشعبة التي تجميع بين البلدين في مختلف المجالات، والاستمرار في التنسيق والتشاور مع الإدارة الأميركية من أجل تطوير التعاون الثنائي بين مصر والولايات المتحدة".

وعلمت "إيلاف" أن اللقاء تطرق إلى الأزمة، ونقل مسؤولون مصريون لمستشار ترمب، احتجاجهم على القرار، وأوضحوا أنه يضر بالعلاقات بين البلدين، ولا يصب في صالح الحرب ضد الإرهاب التي تخوضها مصر.

بينما قال النائب محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق وعضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، إن خفض المعونة الأميركية يأتي في إطار سياسة عامة للإدارة الأميركية الجديدة بخفض كافة المعونات التي تقدمها لكل دول العالم.

وأضاف في تصريحات له، أن هناك أعضاء في مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين يتخذون موقفًا سلبيًا تجاه مصر، لن يحيدوا عنه مهما كانت الظروف.

وأوضح أن هناك أعضاء بمجلسي النواب والشيوخ يرفضون ما يحدث في مصر ويرفضون تطلعات الشعب المصري، وأعدوا مشروع قانون ضد مصر بعد إقرار مجلس النواب المصري لقانون الجمعيات الأهلية، لافتًا إلى سفر وفد مصري تضمن نواباً بالبرلمان إلى الولايات المتحدة لشرح الأمر وتوضيح أن القانون حظي بموافقة البرلمان، وأنه أمر داخلي ولا مجال للتدخل من أي طرف.

وتابع: "هناك في مجلس الشيوخ الأميركي سيناتورز مهما سمعوا ومهما تم إيضاح الأمر لهم، فإنهم لن يحيدوا عن موقفهم تجاه مصر، وهم يرون أنهم يجب تخفيض المعونة الاقتصادية بمجرد إقرار قانون الجمعيات الأهلية، وأعدوا قانوناً بذلك، وفي الفترة الأخيرة كانت هناك زيارات متعددة للجماعات الإسلامية، وهذا موسم العمل ضد مصر".

وأشار إلى أهمية عدم اختزال العلاقات المصرية الأميركية في مسألة المساعدات، وهو ما ظهر من خلال استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسامح شكري، وزير الخارجية، للوفد الأميركي، برئاسة المستشار الرئاسي، جاريد كوشنر، موضحًا أن الموقف المصري عبر عن وجود استياء من القرار الأميركي، ولكن في نفس الوقت هناك علاقات متشابكة في عدة مجالات، ولن تكون مرهونة في مسألة العلاقات فقط.

أعلن النائب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، رفضه القاطع، لقرار الولايات المتحدة الأميركية، بحرمان مصر من مساعدات قيمتها 95.7 مليون دولار، وتأجيل صرف 195 مليون دولار أخرى، بزعم عدم إحرازها تقدمًا على صعيد احترام حقوق الإنسان، والمعايير الديمقراطية، معتبرًا هذا الأمر بأنه تدخل سافر في الشؤون الداخلية لمصر.

وقال لـ"إيلاف" إن كل ما يقال عن عدم احترام، أو انتهاك حقوق الإنسان في مصر، لا أساس له من الصحة على أرض الواقع، مؤكدًا أن مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أصبحت واحة الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان في أروع صورها.

وأضاف: "فلتذهب المعونات الأميركية إلى الجحيم، إذا كانت تمنح بصور استفزازية، وفيها تدخل في الشؤون الداخلية لمصر، لأن مصر كلها قيادًة، وحكومًة، وشعبًا، ترفض، وبشكل قاطع، أي تدخل في الشؤون الداخلية، من أي جهة، أو أي دولة في العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية".

وأكد رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، أنه "على الرغم من أن إرادة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، كانت ضد إرادة الشعب المصري في ثورة 30 يونيو عام 2013، إلا أن الشعب المصري حقق كل ما يريد في هذه الثورة الخالدة، ورفض، وبشكل غير مسبوق، أي تدخل خارجي سواء من أميركا، أو غيرها في الشأن الداخلي المصري"، مشيرًا إلى أنه "على ما يبدو أن أميركا لم تستوعب الدرس، وتحاول اللعب على أوتار حقوق الإنسان، مع أن العالم كله يعي جيدًا أن مصر أصبحت دولة سيادة الدستور، والقانون، وأن لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب قامت بعدة زيارات للسجون المصرية، وتأكدت تمامًا أنه حتى السجناء بمن فيهم جميع السجناء من جماعة الإخوان الإرهابية يتمتعون بجميع حقوقهم، وليست هناك أية حالات تعذيب، أو امتهان لكرامتهم داخل السجون".

وأكد النائب علاء عابد، رفضه أيضًا لرؤية بعض الأميركيين لقانون الجمعيات الأهلية الجديد، الذي ينظر إليه على نطاق واسع على أنه جزء من حملة متزايدة على المعارضة، مؤكدًا أن هذا التشريع جاء لضبط أداء عمل الجمعيات الأهلية، والمؤسسات الأهلية، خاصًة في ما يتعلق بالتمويل الأجنبي المشبوه الذي كان يحاول البعض استغلاله للتدخل في الشؤون الداخلية لمصر.

وتحصل مصر على مساعدات عسكرية واقتصادية أميركية قيمتها 1.3 مليار دولار سنويًا منذ توقيعها أول معاهدة سلام بين دولة عربية وإسرائيل في العام 1979.