«إيلاف» من لندن: أعلنت الأمانة العامة لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي أن الشهور الماضية شهدت تطورات أدخلت الثورة السورية في طور جديد واستحقاقات من نوع مختلف، متحدثة في الوقت نفسه عّن ضغوط لقبول المعارضة باستمرار الرئيس السوري بشار الأسد في منصبه .

‎وأشارت في بيان وجهته الى الرأي العام ، تلقت " ايلاف" نسخة منه ، الى أنه منذ أن أخرجت فصائل المعارضة من حلب بفعل القصف المدمر للطيران الروسي ، وبفعل الاستدارة التركية في علاقاتها الخارجية لأسبابها الداخلية، "راحت حقائق الميدان تتغير لغير صالح الثورة في أكثر من موقع، كما ترافقت مع مؤتمرات أستانة التي يغلب عليها الطابع العسكري، وأقرت هدنًا، ثم مناطق لخفض التصعيد بضمانة روسية، تركية إيرانية"، إلا أنها اعتبرت أن هذه الهدن ومشاريع خفض التصعيد، لم تنجح بسبب تراخي الضامن الروسي المتعمد وخروقات النظام والميليشيات الإيرانية، التي تسعى للحسم العسكري وغير معنية بأية حلول سياسية،.

اتفاق الجنوب 

‎ورأى البيان من خلال هذا السرد للتطورات والأحداث المتلاحقة "أن الاتفاق الذي مازال صامدًا هو اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب، الذي أعلن عنه في لقاء الرئيسين الامريكي والروسي في هامبورغ، "ومن وجهة نظر البيان أنه ما زالت تفاصيله التقنية وحدوده وآليات مراقبته غامضة ، بحسب البيان .

‎ولفتت الامانة العامة لإعلان دمشق أيضا الى أن حرب التحالف الدولي خلفت دمارًا شاملًا لهذه المدن السورية وقتلًا جماعيا لسكانها باستخدام مفرط للقوة، لا يبرره مستوى هذه الحرب، وهذا أتاح للنظام أن يحقق تقدمًا في البادية السورية على حساب داعش، وبالمقابل جاءت سيطرة هيئة تحرير الشام على أغلب محافظة إدلب، ليصب الماء في طاحونة النظام ودعايته، التي تربط الثورة بالإرهاب، وهو ما رأى فيه البيان "تطورات أنعشت لديه ولدى حلفائه الإيرانيين وهم الانتصار في ظروف دولية تبدو له ملائمة".

حالة ارباك 

وعبّر البيان عّن أسفه لما أسماه حالة الإرباك الذي يسود ساحة المعارضة العسكرية ، والذي يرافقه إرباك ربما يكون أشد وطئة "في ساحة المعارضة السورية ممثلة بالهيئة العامة للتفاوض وائتلاف قوى الثورة والمعارضة،"، وأوضح أن "هذا الإرباك لا يقتصر على العوامل الذاتية، بل تساهم به حملة دولية منظمة لنشر روح اليأس والإحباط في صفوف المعارضة، ودفعهم للتراجع عن أهداف الثورة، وتجاوز تضحيات السوريين الهائلة، وأن يقبلوا بما سيعرض عليهم باسم الواقعية السياسة ومخاطر معاكسة الإرادة الدولية، التي تريد الحفاظ على نظام الأسد الوظيفي بحجة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية".

ضغوط هائلة 

‎واستفاض البيان في شرح الضغوط الهائلة التي قال أنها تمارس على المعارضة بشكل مباشر أو في الكواليس تحت عنوان رئيس وهو توحيد وفود المعارضة" بزعم الحصول على شرعية تمثيلية تحضيرًا للدخول في الحل السياسي، الذي يبشر به ستيفان ديمستورا الموفد الدولي دون أن يفصح عن ماهيته".

ووصف البيان حوار المعارضة بأنه اضطرار هيئة التفاوض، التي تشكلت في الرياض نهاية العام 2015 بقرار دولي حمل الرقم 2254 وبناءً على مقررات مؤتمر فيينا الثاني، "لأن تتفاوض بالرياض مع منصتي القاهرة وموسكو، اللتين تشكلتا بإرادة روسية ومصرية......، "..

‎وسأل البيان جناحي المعارضة العسكرية والسياسية، عند هذا المنعطف الصعب "هل هي مضطرة للخضوع لإرادة الدول المتدخلة ومتطلباتها؟ وكيف يمكن لها مواجهة هذه الضغوط، واجتراح السياسات والوسائل التي تخفف من هذه الضغوط، أو تفتح الطريق أمام أداء مختلف؟".

وأشار الى عدة نقاط أساسية من بينها "القرارات الدولية بدءًا بالقرار جنيف 1 لعام 2012 وانتهاءً بالقرار 2254 لعام 2016،وهذه القرارات قد يماطل المجتمع الدولي في تطبيقها، لكنه لايستطيع أبدًا تجاوزها، إلا إذا تنازلت عنها المعارضة. لقد حددت هيئة الرياض في بيانها التأسيسي أهدافها ورؤيتها للحل السياسي استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية، وهي غير مضطرة حاليًا للتراجع عنها، وإعطاء هذه المنصات ما لا تستحقه على حساب تضحيات الثورة".

لا توافق دولي 

ورفض البيان الحديث عّن أي توافق دولي حول سوريا ، واعتبر ان هذا وهما ومحاولة إيحاء وأن المجتمع الدولي لم يتجاوز خلافاته وتبايناته حول القضية السورية ، والتفاهم الدولي الجديد الذي يروج له إن وجد، فإنه يتناقض مع المصالح الحيوية لكل تركيا والسعودية، وهما لن تعدما الوسائل لدعم قرار قوى الثورة السورية بالصمود في مواجهة محاولات تصفيتها.

‎ومن خلال تجربة السنوات الماضية التي لخصها البيان وجد "أن المجتمع الدولي، كي يتخلص من كيان لصالح كيان جديد أكثر مطواعية من سابقه، يعتمد على المعارضين أنفسهم وبعض الذين تتقدم مصالحهم الشخصية على أهداف الثورة، ".

‎وتحدث البيان عّن اجتماع الرياض الذي جمع منصتي القاهرة وموسكو مع الهيئة العليا للمفاوضات الاثنين الماضي وعدم نجاحه في توحيد المنصات، وتوقع أن "يفشل أي لقاء قادم، مادامت تلك المنصات مصرة على مواقفها. وعلى الرغم من أن ديمستورا، سيحاول استغلال فشل هيئة الرياض في التوسعة والاعتماد على كيانات بديلة، إلا أن المجتمع الدولي سيبقى بحاجة للمعارضة التمثيلية لإنهاء الصراع، وهذا عنصر قوة بيدها، يجب ألا تفرط به".

المناورة الممكنة 

‎واعتبر البيان أنه مازالت المناورة ممكنة أمام منصة الرياض مع المنصات ومع المجتمع الدولي، "وينبغي يكون هناك قرار لدى النواة الصلبة فيها بمواجهة المطالب الغربية الجديدة، التي تتناقض مع أهداف الثورة، واستنهاض قوى المجتمع السوري للمقاومة ، كما ينبغي على المعارضة السياسية والعسكرية تغيير استراتيجيتها، التي انبت في إحدى ركائزها بالاعتماد على المجتمع الدولي، الذي يعرض عنها حاليًا بخاصة بعد التدخل الروسي العدواني، وإعادة ترتيب أوراقها واعتماد أساليب جديدة، تمكنها بالاعتماد على شعبها من تجاوز الصعوبات الناشئة.".

وشددت الأمانة العامة لإعلان دمشق أنه ليس بوسع الولايات المتحدة ولا روسيا مهما بلغت سطوتهما أن يغيّرا حقائق التاريخ، وينجحا بفرض الهزيمة على الشعب السوري وثورته. فالهزيمة لا تكون بالغلبة العسكرية ولا بالمكائد السياسية، لأن الثورة حين انطلقت منذ سبع سنين لم تكن تحفل بالسلاح ولا بالسيطرة على الأرض، وتركز هدفها على اسقاط النظام والظفر بالحرية. 

‎وعبّر البيان عن وجهة نظر الأمانة العامة الثابتة في ان كل محاولات النظام إجبار الثورة على الاستسلام بالقوة، لا تعني بأي شكل هزيمتها، التي تنحصر في معنى واحد "هو قبول الشعب بعد كل هذه التضحيات بالعودة إلى بيت الطاعة. لكن كل الوقائع تؤكد أن طاقات هذا الشعب وعدالة قضيته، ما تزال في أوجها رغم كل الانكسارات العسكرية والخيبات السياسية، ولن يزيدها اجرام النظام وداعميه وقوى الاحتلال الغاشم وتواطؤ المجتمع الدولي، إلا مزيداً من الاصرار والعزم لإطلاق موجات متجددة من المد الثوري، لن تتوقف إلا بدحر الاستبداد وبناء الدولة المدنية الديمقراطية".