روما: أعلنت وسائل اعلام ايطالية السبت ان ايطاليا تسعى الى تبني اجراءات جديدة متعلقة بالاجلاء القسري للمهاجرين من اماكن سكنهم، وذلك بعد الانتقاد الحاد الذي وجهته الأمم المتحدة لعملية طرد لاجئين من مبنى كانوا يحتلونه منذ سنوات في روما. 

ورأى معلقون ان الاخلاء غير المتوقع للمبنى الذي تم عندما كانت روما في ذروة فصل العطلات يحمل اشارة لسلوك متشدد في ايطاليا تجاه اللاجئين وطالبي اللجوء.

ففي صباح 19 اغسطس دخلت الشرطة المبنى الذي يقع قرب محطة تيرميني الرئيسية للقطارات وأمهلت القاطنين فيه 15 دقيقة لاخلائه.

ويحتل لاجئون من أريتريا وأثيوبيا المبنى بشكل مسالم منذ عام 2013، وبعضهم يعيش في روما منذ 15 عاما.

وقال أحد اللاجئين الذين تعرضوا للطرد ويبلغ 30 عاما لفرانس برس بدون ان يكشف عن هويته "تركت كل شيء خلفي". 

وعادت الشرطة الخميس لاكمال مهمتها واجبار ما يقارب مئة شخص ممن رفضوا الاخلاء على الخروج من المبنى مستخدمة هذه المرة مدافع المياه والهراوات.

وسرعان ما تصاعد العنف حين بادر المعتصمون داخل المبنى الى الرد على الشرطة عبر القاء الحجارة واسطوانات الغاز باتجاه عناصرها، ما دفع الكاردينال بييترو بارولين الى ادانة العنف الصادر "من الجانبين". 

وانتشرت بين الايطاليين لقطات لاعمال العنف حول المبنى، وخصوصا تسجيل فيديو اثار الغضب لمسؤول في الشرطة يوجه فيه اشارات مهينة. 

ويظهر التسجيل المسؤول وهو يقول "هؤلاء الناس يجب ان يختفوا، هذا سيء جدا لهم. اذا رموا شيئا اكسروا أذرعتهم". 

احزاب المعارضة اليمينية المتطرفة في ايطاليا رحبت بعملية الاخلاء، فيما أعربت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عن "قلقها العميق".

وحضت المفوضية السلطات الايطالية على "ايجاد حل فوري لهؤلاء الاشخاص الذين يبيتون حاليا في العراء، وضمان اجراءات ادماج ملائمة لهؤلاء الذين يتمتعون بحق الحماية الدولية". 

وبحسب تقارير محلية فان وزارة الداخلية ستقدم قواعد جديدة تحدد فيها ان اي عملية اخلاء مستقبلية للاجئين يجب ان تشمل اعادة التوطين لذوي الحاجة الشديدة.

لكن عملية اعادة التوطين للاجئين في روما برهنت ايضا انها مسألة اشكالية. 

فالسلطات الايطالية اقترحت اعادة توطينهم على بعد 75 كيلومترا من روما، ما يعرقل دخول التلامذة الى مدارسهم التي سبق ان تسجلوا فيها هناك.

كما ان رئيس بلدية المنطقة التي كان اللاجئون سينقلون اليها عارض الخطة وقال انه استقبل للتو 40 طالب لجوء في بلدة يبلغ عدد سكانها 3100 نسمة.

وتظاهر مئات الاشخاص غالبيتهم من المهاجرين واليساريين في روما السبت احتجاجا على عملية الاخلاء. 

نعيش كالحيوانات

وصل الى ايطاليا منذ عام 2014 اكثر من 600,000 مهاجر من افريقيا وآسيا والشرق الاوسط. 

وبعد ان صار من الصعب عليهم العبور الى بلدان اوروبية اخرى، لم يعد بامكان المؤسسات الايطالية تحمل عبء استيعابهم، كما ان حكومة يسار الوسط تواجه ضغوطا حول القضية بسبب اقتراب موعد الانتخابات العام المقبل. 

ويتحمل وزير الداخلية الايطالي ماركو مينيتي مسؤولية الاخلاء الاولي للمبنى، وهو اشرف مؤخرا على سلسلة من الخطوات المثيرة للجدل الهادفة الى انهاء ازمة المهاجرين.

وتشمل هذه الخطوات كبح نشاطات المؤسسات الخيرية التي تمول السفن التي تنقذ المهاجرين في البحر المتوسط، اضافة الى تقديم البحرية الايطالية الدعم لخفر السواحل الليبيين لاعتراض القوارب المتجهة الى اوروبا.

لكن ايطاليا برهنت ايضا انها بلد استقرار للاجئين وطالبي اللجوء، اذ ان 40 بالمئة منهم حصلوا على اقامات فيما ينتظر الباقون بت طلباتهم. 

وبعد حصول اللاجئين على الاقامة يخضعون لعملية ادماج تستمر ستة اشهر، وتشمل تعلم اللغة الايطالية والتدرب على الوظائف التي تعرض عليهم ليختاروا ما يناسبهم من بينها. 

لكن بما انه لا توجد شواغر للجميع، فان كثيرين منهم يجدون انفسهم وحيدين، وهؤلاء الذين ينجحون في ايجاد وظيفة في بلد يعاني من نسبة بطالة تبلغ 37 بالمئة بين الشباب قد لا يتمكنون من ايجاد سكن ملائم.

وقال لاجىء من أريتريا لم يشأ كشف هويته لفرانس برس الاربعاء بعد الاخلاء الجزئي للمبنى "نعيش في ايطاليا كالحيوانات".

وانتقد الشاب البالغ 28 عاما اجراءات الاتحاد الاوروبي التي تمنعه من الانضمام الى اقربائه في السويد وبلجيكا.

رئيسة بلدية روما فيرجينيا رادجي اعتبرت ان الوضع الراهن لأزمة الهجرة سببه "سنوات من الاهمال"، مضيفة ان "غياب السياسات الوطنية الجدية تسببت بحرب بين الفقراء".