لوس انجليس: ينظر الأميركيون الى الاثار التي خلفتها العاصفة هارفي على انها فرصة نادرة للتضافر فيما بينهم بعد انتخابات رئاسية اثارت استقطابا حادا في البلاد، وأحداثا لم تخل من الجدل أظهرت بوضوح مدى انقساماتهم.

ومنذ وصول هارفي مساء الجمعة لم تنحصر آثارها بوقف الحياة الطبيعية في ولاية تكساس بل تمكنت ايضا من اسكات الكثير من الاحقاد التي طغت على النقاشات العامة منذ وصول دونالد ترمب الى الرئاسة.

ومع ان هذه الهدنة قد تكون موقتة، فإن الخصوم السياسيين الذين كانوا يهاجمون بعضهم بعضا باتوا يشددون فجأة على ما يوحد الأميركيين، فيما عروض المساعدة -- من الساحل الشرقي الى الغربي -- لقيت الترحيب والامتنان في اكبر ولايات الجنوب.

وقالت شيري بيبتش جيف، البروفسورة في جامعة ساذرن كاليفورنيا "لم اعد اسمع النقد اللاذع الذي سمعناه في الاشهر السبعة الماضية". واضافت "إنه وضع مأسوي جدا، ولذا فإن الانحياز الحزبي لا يخلو من المخاطر".

فهجمات ترمب على خصومه السياسيين ومقتل شابة في تظاهرة ضد العنصرية في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا، والنقاش الحاد بشأن إزالة تماثيل لشخصيات تعتبر رموزا للكونفدرالية، ساعدت في رسم صورة بلد تمزقه الانقسامات.

واتهم المنتقدون ترمب بتعميق الانقسام، خاصة عندما قال في مؤتمر صحافي في 15 أغسطس "كان هناك اشخاص طيبون جدا" من "كلا الطرفين" في تظاهرة شارلوتسفيل.

لكن بعد اسبوعين على ذلك، لعب ترمب دور جامع الاطراف بزيارة الى تكساس لمعاينة الاضرار التي خلفتها العاصفة هارفي.

أسرة واحدة

وقال ترمب عشية مغادرته "إن اوقاتا مأسوية كهذه تظهر أفضل ما في أميركا من أخلاق وقوة وانسانية ومقاومة". واضاف "نرى الجار يساعد الجار والصديق يساعد صديقه والغريب يساعد الغريب".

وقال "نحن اسرة أميركية واحدة. نتألم سويا نكافح سويا وصدقوني نتحمل سويا. نحن عائلة واحدة".

وكان لكلمات ترمب صدى لدى خصومه. فقد قالت زعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي ان حس التعاطف اثر العاصفة هارفي "يذكرنا بأفضل صفات وطننا: تعاطفنا وكرمنا ووحدتنا في وجه مأساة وطنية".

وجاءت بعض عروض المساعدات الاولى لضحايا هارفي من نيويورك، التي تعد في أوجه عدة نقيض تكساس ولكن يجمعها بها رابط مشترك كونها كانت ضحية اعصار آخر مدمر هو الاعصار ساندي في 2012.

وقال حاكم نيويورك اندرو كوومو "مثلما اتحدت هذه البلاد في سبيل نيويورك في اعقاب الاعصار ساندي، فإن نيويورك مستعدة لتزويد هذه الولايات بالطواقم والمعدات ومهما تحتاجه".

وجاءت عروض مساعدة مماثلة من ولايات اخرى فيما تعهد نجوم الرياضة والفن مثل المغنية بيونسيه وعائلة كارديشيان بتقديم تبرعات كبيرة. وذكرت تقارير ان الممثلة ساندرا بولوك تبرعت بمليون دولار للصليب الاحمر.

وقال بروفسور التاريخ والشؤون العامة في جامعة برينستون جوليان زيليزر ان المواجهة السياسية يمكن ان تتراجع عندما يتعلق الامر بمسألة ايجاد الاموال لمساعدة تكساس على تجاوز الكارثة.

وقال لوكالة فرانس برس "لقد استجابوا جميعا بشكل جيد ولكن هذا ليس معيارا حقيقيا. المعيار الحقيقي يتعلق بتطبيق برامج اغاثة والحرص على ان يكون الاشخاص الاكفاء في موقع الاشراف على البرامج".

واضاف "عندما تأتي المواضيع المالية في مقدمة الاهتمامات، وكما شاهدنا مع ساندي، هناك يتفكك عادة بسرعة الالتفاف بين الحزبين". واعاد العديد من المعلقين بالذاكرة الى محاولة سياسيين بارزين من تكساس مثل السناتور تيد كروز عرقلة تمويل حكومي لضحايا ساندي.

وقال بيت كينغ عضو الكونغرس عن نيويورك انه سيصوت لمساعدة تكساس بعد هارفي لكنه لم ينس ما حصل عندما سعى للحصول على الاموال لدائرته الانتخابية ولولاية نيوجيرزي المجاورة.

وكتب على تويتر "تيد كروز وجماعة تكساس صوتوا ضد المساعدة لنيويورك/نيوجيرزي بعد ساندي، لكنني سأصوت مع (مساعدات) هارفي. نيويورك لن تترك تكساس. الخطأ لا يبرر ارتكاب خطأ اخر".