سيول: يبدو أن الرئيس دونالد ترمب يخدم مصلحة كوريا الشمالية وهو يخاطر باضعاف حلف يعود لعدة عقود، من خلال مهاجمته كوريا الجنوبية وازدراء قادتها والتهديد بالغاء الاتفاق التجاري معها.

وبعد أكثر من 24 ساعة على التجربة النووية السادسة لبيون يانغ التي أعلنت عن اختبار قنبلة هيدروجينية، لم يتصل ترمب حتى الان بنظيره الكوري الجنوبي مون جاي-ان رغم اتصاله برئيس الوزراء الياباني شينزو ابي.

وفي سلسلة تغريدات اثر التجربة النووية الاحد ندد ترمب بسلوك كوريا الشمالية لكنه انتقد ايضا كوريا الجنوبية. وقال متحدثا عن رئيس كوريا الجنوبية المؤيد للحوار مع الشمال "ان كوريا الجنوبية تدرك كما سبق ان قلت لهم ان خطاب التهدئة مع كوريا الشمالية لا جدوى منه، انهم لا يفهمون الا شيئا واحدا".

وأعلن ترمب السبت انه ينوي سحب بلاده من اتفاق التبادل الحر مع سيول وهو الاتفاق الذي يعتبره الخبراء احد ركائز العلاقة الوثيقة بين البلدين الحليفين منذ نحو 70 عاما.

وكان لهجمات ترمب غير المتوقعة على كوريا الجنوبية وقع المفاجأة. ويؤكد الخبراء ان تغريداته غير المناسبة تفاقم الوضع في اوج ازمة دولية.

"تقلب وتهجم"

وما يساهم في جعل تغريدات ترمب غير مناسبة أن رئيس كوريا الجنوبية لا يعتبر من الحمائم. فقد طالب اثر التجربة النووية بفرض "أشد العقوبات" على بيونغ يانغ خصوصا من خلال عقوبات جديدة في اطار الامم المتحدة بهدف "عزل كامل لكوريا الشمالية".

لكن بحسب جون دولوري من جامعة يونسي بسيول فان ترمب يعتبر رئيس كوريا الجنوبية من انصار سياسة التهدئة. واضاف الباحث "انه يولي حاليا قليلا من الاهمية لهذه العلاقة، حتى انه مستعد للتهجم علنا على شركائه في سيول".

وواشنطن هي حامية كوريا الجنوبية حيث تنشر 28 الف عسكري. والتحالف بين واشنطن وسيول هو عماد للاستراتيجية الاميركية في آسيا للتصدي للنفوذ الصيني واحتواء عسكرة كوريا الشمالية.

ولم يكتف ترمب بالاتصال برئيس الوزراء الياباني، بل اقر ايضا بان الصين "تحاول المساعدة لكن مع نجاحات قليلة". وعلق دولوري "إن ترتيب الأولويات واضح، فكوريا الجنوبية تقع في ادنى السلم".

ومقاربة ترمب يمكن ان تكون قاضية بالنسبة للسياسة الاميركية تجاه كوريا الشمالية"، بحسب ادام مونت من مركز التقدم الاميركي. واضاف "ان تماسك الحلف هو أبسط وأهم إشارة يتعين ارسالها اليوم".

وتابع "ان مواقف ترمب من التجارة والمفاوضات وعدم ثباته السياسي والتهديدات وباقي التهجمات قوضت الحلف".

"المخاطرة بسان فرنسيسكو دفاعا عن سيول"

وكان ترمب اتهم خلال حملته الانتخابية سيول بعدم دفع ثمن كاف لقاء الحماية الأميركية، وهدد بالغاء اتفاق التبادل الحر "المريع" المبرم مع سيول في عهد سلفه باراك اوباما.

وعاد الملف للواجهة مع إعلان ترمب أنه سيبحث هذا الاسبوع مع مستشاريه امكانية الانسحاب من اتفاق التبادل الحر (كوروس). وفي ظل التوتر القائم في شبه الجزيرة الكورية فان هذا الامر يمكن ان يكون كارثيا.

وهو ما اشارت اليه وسائل الاعلام الكورية الجنوبية التي حذرت من مخاطر زعزعة اكبر للاستقرار في المنطقة. وكتبت صحيفة جونغانغ البو في افتتاحيتها الاثنين ان الغاء الاتفاق سيوجه "رسالة سيئة بشأن التحالف لكوريا الشمالية".

وهو أيضا رأي المحلل كولين كال من جامعة جورجتاون الذي عمل مع ادارة اوباما.

وهو يرى ان أولوية واشنطن يجب أن تكون طمأنة كوريا الجنوبية واليابان خصوصا وان التجارب الكورية الشمالية للصواريخ العابرة للقارات يمكن ان تثير تساؤلات مشروعة بشأن الارادة الفعلية لواشنطن في "المخاطرة بسان فرنسيسكو للدفاع عن سيول".

وقال كال في تغريدة "ان تقويض التضامن داخل الحلف في هذه المرحلة، امر غبي وخطر" مضيفا "يتعين ان تتحدث الادارة بصوت واحد قبل ان يحرم التضارب الولايات المتحدة من حلفائها او يؤدي الى حرب او الاثنين معا".