كانت قم هانئة حتى ثار الخميني على الشاه في 1979، فصارت قم حجر أساس الثيوقراطية الإيرانية، وموطن 200 ألف عالم دين إيراني. لكن ثمة جانب مضيء من هذه المدينة، تبرزه لوس أنجليس تايمز.

لندن: قبل الثورة الإسلامية في إيران في عام 1979، كانت قم مدينة هانئة، وكانت كما وصفها الشاعر الأميركي الإيراني الراحل نادر نادربور: "نساء موشحات ومنقبات، رجال في الجلابيب، قبة ذهبية واحدة، لقالق قديمة تحلق في السماء، حديقة روحية واحدة، وحفنة من الأشجار". لكن، حط الإمام الخميني في إيران قالبًا نظام الحكم فيها، فصارت قم حجر أساس قامت عليه ثيوقراطية إيرانية، وواحدة من أقدس الأماكن في البلاد، موطن 200 ألف عالم دين، وجهة للحجاج الشيعة، ومركز للفكر الإسلامي في بلد تسيطر المؤسسة الدينية على نظامه السياسي.

لكن هذه المدينة التي يسكنها نحو مليون نسمة ما عادت دينية صافية، وما عاد رجال دينها بمنأى عن المخاوف التي تشتعل في عمق إيران الحديثة، بحسب تقرير نشرته صحيفة لوس أنجليس الأميركية.

خيبة أمل

يقول التقرير إن ثمة علامة واحدة على الجانب الأكثر تعقيدًا في قم، وهي ترك موقوف السيارات الواسع تحت ضريح فاطمة المعصومة ذهبي القبة، شقيقة الإمام الثامن في المذهب الشيعي. يؤدي المخرج إلى ممر للتسوق متعدد الطوابق. فوق الأرض، كان سيد صادق موسوي، وهو رجل دين مسن يرتدي عمامة سوداء، صريحًا حين قال متناولًا سياسته: "في البداية كنت ثوريًا، لكنني أصبت بخيبة أمل".

أضاف موسوي، وهو رجل دين منذ 40 عامًا، إن الثيوقراطية لم تف بوعود الثورة التي قادها آية الله الخميني الذي أمضى وقتًا طويلًا في قم يدرس الدين الإسلامي. وقال إنه فشل فى إنهاء الفساد وضمان مشاركة الثروة النفطية فى إيران بشكل عادل، وإنشاء مجتمع أكثر مساواة.

ووفقًا لتقرير الصحيفة نفسها، تعتبر إيران اليوم سلة اقتصادية حيث يعيش أكثر من 80 مليون شخص يعانون البطالة أو ركودًا فى أجورها، بينما تعيش نخبة صغيرة - بمن فيها أفراد أسرة كبار رجال الدين والسياسيين الذين يتمتعون بالسيطرة على الصناعات المملوكة للدولة - في أقصى درجات الراحة.

وتابع موسوي: "مفاجئ أن تكون شعبية رجال الدين قد انحسرت، وحضور المساجد في جميع انحاء الجمهورية الاسلامية قد تراجع، فليس لرجال الدين دور فى قلوب الناس وعقولهم، كما فعلوا منذ 38 عاما... فقادة الثورة وعدوا كثيرًا ووفوا قليلًا".

لحية من ملح وفلفل

قال مصطفى حجيجات، وهو يرتدي رداء أخضر وفي وجهه لحية من الملح والفلفل، إنه عندما يسافر إلى المدن والقرى خلال شهر رمضان المبارك لتعزيز الإسلام الشيعي والإجابة عن أسئلة الناس الدينية، فإنه يتلقى ردًا باردًا.

أضاف حجيجات: "الناس لا يجيبون حتى عندما نحييهم، فهم لا يتبادلون معنا العبارات... قال الإمام الخميني إن رجال الدين يجب أن يقودوا حياة بسيطة. إذا كنت تقود سيارة، فينبغي أن تكون سيارة مشتركة. لكن بعض رجال الدين والسياسيين يعيشون حياة فاخرة، وحتى لو كانوا يستحقون ذلك، فهذا في نظر الناس لا يتوافق مع التقشف".

خلف آية الله علي خامنئي الخميني، وبقيت الإدارة اليومية تفوض للإدارة المدنية التي يتم اختيارها في الانتخابات التي تتم على مراحل عالية، والتي تضمن قبول المرشحين إلى ثيوقراطية يمكن أن يفوز.

وقال حجيجات إن الخط غير الواضح بين رجال الدين وحكومة الملالي في إيران يخلق بشكل متزايد الارتباك بين الناس. وقال إن الحكومة لم تطبق بشكل صارم قواعد الملالي التي تحظر اطباق التلفزيونات الفضائية، وتطالب النساء بتغطية شعرهن "لأنهن بحاجة الى أصوات".

إحباط

يقف محمد عبادي، وهو رجل دين شيعي في قم، أمام ضريح فاطمة المصومة، معتمرًا عمامة بيضاء، يقول: "انا ملا بسيط، لكن الناس يربطونني بالثيوقراطية، وعندما يرونني، يضعون لوم خداع الحكومة كله علي".

قالت مرضية طاهري، وهي امرأة من مدينة بوشهر الساحلية الجنوبية، فهي وزوجها ما عادا يبحثان عن رجال الدين المحليين لتوجيههم بشأن الأمور الشخصية. لكنها أشارت إلى أنها كانت تجبرها على الحج إلى الضريح في السنوات الماضية.

قال طاهري: "هذا لا يعني ان الناس أقل إسلامًا، هناك بعض الإحباط من النظام. لكن ما زال الاسلام في قلوبنا".

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "لوس أنجليس تايمز". الأصل منشور على الرابط:

http://www.latimes.com/world/middleeast/la-fg-iran-religion-20170908-story.html