تونس: عزز الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي هيمنته على الحكومة في آخر تعديل أجراه رئيس الوزراء يوسف الشاهد الذي يتوقع أن يحصل على ثقة البرلمان الاثنين مع اقتراب استحقاقات انتخابية.

ويرتقب أن يحصل الشاهد المنبثق من حزب نداء تونس الذي أسّسه السبسي في سنة 2012، بسهولة على تأييد غالبية النواب إذ إن حزبه وإسلاميي حزب النهضة يمثلون الغالبية في البرلمان وهم متحالفون داخل الحكومة.

وكرر الشاهد الاثنين أمام مجلس نواب الشعب (البرلمان) الحديث عن "حكومة حرب" قال إنها "ستواصل خوض المعارك نفسها: الحرب على الإرهاب، الحرب على الفساد، الحرب من اجل التنمية ضد البطالة والتفاوت الجهوي".

وأضاف أن تعيين وزيرين جديدين للداخلية والدفاع هما لطفي براهم وعبد الكريم الزبيدي "يعزز قدرات بلادنا في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والتهريب".

وقال إن "العديد من المؤشرات الاقتصادية تحسنت" متحدثا عن زيادة الاستثمارات الخارجية بنسبة 7% خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2017 وعن ارتفاع انتاج الفوسفات بنسبة 34% وانتعاش القطاع السياحي.

لكنه شدد على أنه "تحسن نسبي (…) جزئي ولا يفترض بنا أن نكتفي به. الطريق مازال طويلا".

وتحدث الشاهد وهو أصغر رئيس حكومة في تاريخ تونس الحديث عن حكومة تحترم "الوحدة الوطنية" الضرورية من أجل البدء بإصلاحات وتعديلات كبيرة.

إمساك بالخيوط

لكن بعض المراقبين يرون أن التعديل الواسع الذي أعلن في 6 سبتمبر وإن لم يمس التوازنات السياسية بين نداء تونس والنهضة بشكل خاص، فإنه يعزز السلطات التنفيذية لرئيس تونس قبل أشهر من أول انتخابات بلدية بعد ثورة الربيع العربي وقبل سنتين من الانتخابات النيابية والرئاسية.

ويضم الفريق الحكومي الجديد شخصيات تحظى بثقة الرئيس وهي تعزز حضور نداء تونس الذي أوصل الباجي قايد السبسي إلى الرئاسة في 2014.

ومن هذه الشخصيات، محمد رضا شلغوم الذي عين وزيرا للمالية وهو منصب تولاه في أثناء حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وبالإضافة إلى توليه منصب مدير مكتب الشاهد كان شلغوم المستشار الاقتصادي السابق للرئيس. وبالمثل كان وزير الصحة الجديد سليم شاكر مستشارا للسبسي. أما وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي فعمل مستشارا للسبسي عندما كان الاخير رئيسا للحكومة في سنة 2011.

تعقيبا على التعديل، كتبت صحيفة "لو كوتيديان" الفرنسية أن السبسي البالغ من العمر 90 عاما "يعين رجاله"، وأضافت أن الرئيس هو الذي "يمسك بخيوط" اللعبة السياسية.

وقال المعارض جيلاني الهمامي النائب عن الجبهة الشعبية (يسارية) إن السبسي "أصبح يتحكم في الحكومة وفي سير عمل الحكومة ووضع على رأس بعض الوزارات نوعا من الأتباع له".

وردا على سؤال لفرانس برس، قال المحلل المستقل سليم خراط إن السبسي "كان يمسك بزمام الأمور في الأساس قبل التعديل (...) الفرق الوحيد أن الأمر علني هذه المرة وبالكاد تتكتم الرئاسة على الأمر".

وإلى اليوم، لم يعلن الرئيس نواياه بعد نهاية ولايته في 2019. ويبدي عدد من معارضيه قلقا من طموحات ابنه حافظ قايد السبسي الزعيم القوي في نداء تونس.

وفي بلد عانى لعقود حكمًا استبداديًا انتقدت أحزاب وشخصيات عدة تعيين شخصيات حكمت في ظل بن علي.

معالجة النواقص

في اليوم الذي أعلن فيه عن التعديل، أجرى السبسي حديثا مع صحيفتين تونسيتين داعيا إلى مراجعة النظام السياسي ما بعد الثورة والذي قال إنه "يشل عمل الحكومة".

وقال السبسي "حان الوقت لتقييم النظام الدستوري المعمول به بهدف سد النواقص وتجاوز العقبات التي يتضمنها الدستور" الذي أقر في مطلع 2014 وعد حينها نجاحا للانتقال الديمقراطي.

ويعزز الدستور صلاحيات رئيس الحكومة ويبتعد عن النظام الرئاسي الذي ساد في تونس منذ الاستقلال في سنة 1956.

وفي الوقت نفسه، ومع الاستعداد للانتخابات سيكون على حكومة الشاهد الجديدة أن تثبت قدرتها على توفير الاستقرار والأمل بدلا من انعدام الاستقرار وخيبات الأمل السائدة منذ ثورة 2011.

غير أن سابع رئيس حكومة بعد الثورة عالق، وفق سليم خراط، "بين فكي الأحزاب التي تواصل التضييق عليه" مع اقتراب الانتخابات. وتنظيم الانتخابات البلدية في ديسمبر.