ساهم التقدم العسكري الذي تحرزه قوات النظام السوري، وحزب الله اللبناني، في شرق سوريا، في إثارة تساؤلات كبيرة عن مستقبل المناطق الكردية. 

إيلاف من نيويورك: في ظل محاولة الأكراد الدفع باتجاه إقامة مناطق حكم ذاتي في شمال شرق سوريا، وإصرار النظام على استعادة السيطرة على كامل الأراضي الخارجة عن سلطته، بات الحديث يدور عن توقيت الطلقة الأولى بين الطرفين بعد انخراطهما كل على حدة في معركة دير الزور. 

السباق نحو الأهداف
وفي ظل التوقعات التي تشير إلى أن اندحار تنظيم داعش أصبح مسألة وقت، فإن السباق نحو تحقيق الهدف سيكون أولوية النظام الساعي إلى إعادة الإمساك بزمام الأمور، والأكراد الراغبين في إقامة مناطق حكمهم. 

خطة المناطق المسيحية
ومن المتوقع أن يعيد النظام السوري استخدام الخطة التي انتهجها في المناطق المسيحية خلال الحرب الأهلية اللبنانية، أي الضرب من الداخل قبل الانقضاض على الخصوم. 

سيناريو لبنان
أعاد السيناريو الذي يستخدمه النظام حاليًا في سوريا، التذكير بسيناريو لبنان خلال الثمانينات، يوم ضرب الحركات الإسلامية كحركة التوحيد وغيرها، ثم تفرّغ للمناطق المسيحية في نهاية المطاف. 

حينها شكل وصول سمير جعجع إلى قيادة القوات، وتواجد ميشال عون في قيادة الجيش، حدثًا فارقًا، فللمرة الأولى في تلك الفترة كان على رأس المؤسستين العسكرية والقواتية رجلان قويان، علمًا بأن الطرفين، ومنذ أيام بشير الجميّل، كانا ينسّقان بشكل كبير، وبعدما أقدم رئيس الجمهورية السابق، أمين الجميّل، على تعيين عون رئيساً للحكومة، وإعلان الأخير رغبته في إنهاء الميليشيات وقعت الواقعة بين الرجلين، ودخل السوريون في لعبة التناقضات، ودعم الجيش حينًا، والقوات أحيانًا، حتى خلت الساحة، بعد نفي عون، وسجن جعجع لاحقًا، فتمكن النظام من السيطرة على البلد بكامله. 

التعاطي مع أكراد سوريا
في الملف الكردي، فإن النظام الذي يضرب داعش والنصرة حاليًا، سيعمد إلى اللعب على أكثر من صعيد في الفترة المقبلة: العمل على التفرقة بين العرب والأكراد (قوات سوريا الديمقراطية، تضم في صفوفها فصائل عربية)، عبر تقديم مغريات وامتيازات إلى العرب الموالين لهذه القوات، وكذلك فإن المصلحة المشتركة ستدفعه إلى التعاون مع تركيا، التي تمتلك تأثيرًا على مجموعات كردية معارضة للـ YPG. 

دور أميركا 
ماذا عن الولايات المتحدة الأميركية، وما السياسة التي ستتبعها لحماية أصدقائها الأكراد، خصوصًا وأن آخر سفير لها في دمشق يحذر الأكراد كل يوم من أن بلاده ستتخلى عنهم في نهاية المطاف. 

جنوب لبنان
القرار الأميركي الحالي في سوريا هو بيد البنتاغون، وفي ظل وجود قوات عسكرية أميركية في سوريا، فإن الحماية للقوات الكردية ستكون متوافرة. 

ولكن في حال قررت الإدارة في واشنطن سحب الجنود الأميركيين من القواعد العسكرية الموجودة، فإن مظلة الحماية لن تكون موجودة ساعتها، تمامًا كما حدث في جنوب لبنان عام 2000، فجيش لبنان الحنوبي كان يحظى بدعم إسرائيل الكامل، ولكن يوم صدر القرار بالانسحاب، تم إعطاء قيادته وعناصره ساعات قليلة لتحديد مصيرهم، إما البقاء أو الرحيل مع الراحلين.