«إيلاف» من لندن: التقى وفد من الهيئة العليا للمفاوضات برئاسة المنسَّق العام للهيئة رياض حجاب، الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في وقت متأخر مساء أمس على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، كما التقى الوفد وزير الدولة لشؤون التنمية الدولية ووزير الدولة للشرق الأوسط البريطاني أليستر بورت صباح أمس.

وأكد حجاب على التزام المعارضة السورية بالحل السياسي والانتقال السياسي الحقيقي والكامل في سوريا، معتبراً ذلك أنه الطريق الوحيد للاستقرار في سوريا والمنطقة ونهاية للإرهاب في العالم.
وبحث الطرفان، بحسب ما أكدت الهيئة العليا في بيان، تلقت «إيلاف» نسخة منه، سبل إيقاف الانتهاكات بحق الشعب السوري وضرورة اتخاذ إجراءات فاعلة للقضاء على تحول بعض مناطق سوريا محضناً للإرهاب وبيئة خصبة لانتشار أفكار التطرف والكراهية والاحتقان الطائفي.

وطالب حجاب بضرورة محاسبة مرتكبي جرائم الحرب، وفي مقدمتهم الرئيس السوري بشار الأسد، وقال إنه "لابد من محاسبة الأسد وكل المتورطين في جرائم الحرب واحالتهم إلى المحاكم الدولية"، واعتبر في ذات الوقت أن مسار العملية السياسية في جنيف هو الأساس لإيجاد أي حل للقضية السورية.

رؤية شاملة 

وأوضح حجاب أنَّ المكونات الأساسية للهيئة العليا للمفاوضات قد اضطلعت بأدوار أساسية في محاربة التنظيمات الإرهابية، مبيناً أن الهيئة قد وضعت رؤية شاملة لمواجهة: "إيديولوجيات التطرف من خلال التصدي للعنف بكافة صوره، ومعالجة المشاكل والمتغيرات المجتمعية المحيطة واستيعاب فئة الشباب للحد من خطر تجنيدهم للقتال في صفوف تنظيم داعش وغيره من الجماعات المتطرفة".
وحذَّر حجاب من خطورة إهمال ملف المعتقلين، الذي لم يتم التركيز عليه في الاجتماعات الأخيرة السابقة، والخضوع لما أسماه "عملية الابتزاز السياسي التي يمارسها النظام من خلال استخدام معاناة السوريين وسيلة للضغط على المجتمع الدولي للقبول بشروطه"، مذكراً بالتقارير الأممية التي أكدت تورط الأسد في استخدام السلاح الكيميائي وغيره من الأسلحة المحرمة دولياً ضد المدنيين، مطالباً الأمم المتحدة بتحمُّل مسؤولياتها بالسرعة القصوى، ومنع النظام من الإمعان في ارتكاب المزيد من الانتهاكات بحق السوريين، بما في ذلك سياسات التهجير القسري والتمييز الاثني والطائفي.

الحل السياسي

ومن نيويورك، أعلن عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني بدر جاموس أن تأخير المفاوضات السورية لا يخدم الحل السياسي، لافتًا إلى أن هذا التأخير يزيد من معاناة الشعب السوري. وقال "إن الشعب السوري ما زال يعاني في المخيمات وفي الدول المجاورة وسجون نظام الأسد، بسبب تأخير بدء عملية الانتقال السياسي التي نصت عليها القرارات الدولية"، وأكد أن التأخير في العملية السياسية يخلق لديهم انطباعاً بفقدان الأمل.

وطالب جاموس الأمم المتحدة أن تكون أمام التحدي الدولي، وأن تحترم مؤسساتها التي أكدت أن نظام الأسد هو المسؤول عن الكثير من المجازر في سوريا، كما دعاها لأن يكون لها موقف يعيد ثقة السوريين بها التي فقدوها خلال السنوات الست الماضية في ثورتهم.

وحث الأمم المتحدة على تحويل أوراق الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية لا أن يتحدث ممثلوها عن قبوله كشريك في المرحلة الانتقالية، معتبراً أن ذلك "يعطيه شيك براءة عن جرائمه".

الموقف البريطاني

هذا ونقلت وكالات أنباء قول وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إن بريطانيا والولايات المتحدة وغيرهما من الدول المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد لن تدعم إعادة إعمار البلاد حتى يتم الانتقال السياسي "بعيدًا عن الأسد".
وقال جونسون "نعتقد أن السبيل الوحيد للمضي قدمًا هو التوصل إلى عملية سياسية وإيضاح الأمر لإيران وروسيا ونظام الأسد أننا، كمجموعة تحمل نفس الفكر"، وأكد" لن ندعم إعادة إعمار سوريا حتى توجد عملية سياسية، وذلك يعني، وفقًا للقرار 2254، عملية انتقالية بعيدا عن الأسد".
وكان جونسون يتحدث بعد لقاء لنحو 14 دولة تدعم المعارضة السورية، ومن بينها فرنسا والسعودية وتركيا والولايات المتحدة.

الموقف الفرنسي
وحذرت باريس من أن الوضع الحالي في سوريا قد يؤدي إلى تفكك سوريا بصورة دائمة وفتح الأبواب أمام جماعات متشددة إذا لم تتخذ الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن موقفًا موحدًا للتوصل لحل سلمي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لو دوريان في نيويورك إنه سيعقد اجتماعاً مع الأعضاء الأربعة الآخرين دائمي العضوية في مجلس الأمن، بريطانيا والصين وروسيا والولايات المتحدة لإقناعها بتكوين مجموعة اتصال لإعطاء زخم لمساعي إنهاء الحرب الدائرة في سوريا منذ سبع سنوات، وهو ما قالت تقارير اعلامية في وقت سابق إن هذا الاقتراح لم يلقَ آذاناً صاغية لدى روسيا رغم الطلب الفرنسي والاتصالات المتبادلة.
ورأى لو دوريان "الخطر الأكبر هو أن يتم تحديد مستقبل سوريا عسكرياً، وهو ما قد يؤدي إلى أمرين: تفكيك سوريا وظهور صور جديدة من التطرف تحل محل تنظيم داعش".
وأضاف متناغماً مع الموقف البريطاني أن "الواقعية" تحتم عدم بقاء الأسد في السلطة بعد فرار ملايين السوريين من البلاد بسبب الحرب، وأنه من الضروري أن تعمل القوى الرئيسية معًا للمساعدة في إحياء محادثات السلام في جنيف.