بغداد: يخوض رئيس كردستان العراق مسعود بارزاني عبر الاستفتاء المرتقب في 25 سبتمبر مواجهة جديدة مع بغداد سعيا لتحقيق حلم إنشاء دولة، بحسب ما يقول مؤيدوه، بينما يرى معارضوه في مشروعه هذا مجرد محاولة للبقاء في السلطة.

ويسعى بارزاني (71 عامًا)، المحافظ الذي يرتدي الزي التقليدي دائمًا، إلى أن يكون بطل قضية مجتمعه، ولا يتردد في السير عكس تيار الطبقة السياسية، وعكس إرادة كل من بغداد وواشنطن والدول المجاورة، للدفاع عن مطالبه.

مع اقتراب موعد الاستفتاء، كرر مرارًا أن "لا خيار آخر" في وجه "دولة دينية وطائفية" إلا الانفصال للحفاظ على حقوق الأكراد الذين تعرضوا للقمع في ظل حكم نظام صدام حسين، والذين بدأوا بتعزيز موقعهم السياسي منذ الغزو الأميركي للعراق في العام 2003.

ويؤكد الرئيس الأول والوحيد حتى الآن لإقليم كردستان العراق، ونجل القائد التاريخي للأكراد مصطفى بارزاني، ورئيس الحزب الديموقراطي الكردي منذ وفاة والده في العام 1979، "كان علينا تنظيم هذا الاستفتاء" لعدم وجود أرضية "شراكة" مع بغداد،.

بعد فوزه في الانتخابات غير المباشرة في العام 2005، أعيد انتخاب بارزاني مرة أخرى في العام 2009 بنحو 70 في المئة من الأصوات في أول انتخابات عامة، ليبدأ ولاية جديدة من أربع سنوات.

وبعد انقضاء المدة، مدد البرلمان الكردستاني ولاية بارزاني لعامين. وفي خضم هجوم تنظيم الدولة الإسلامية في العام 2014، لم يغادر بارزاني منصبه حتى اليوم.

ويتهم مننقدو بارزاني اليوم الزعيم الكردي بالرهان من خلال الاستفتاء على البقاء في السلطة. وبالنسبة لجميع الأكراد، فإن وجود دولة كردية مستقلة في العراق وإيران وسوريا وتركيا حلم لا يمكن التشكيك فيه. لكنّ كثيرين يرون أن الموعد المحدد للاستفتاء على الاستقلال ليس مناسبًا بالنظر الى القتال الجاري في محيط كردستان مع تنظيم الدولة الاسلامية والاوضاع الاقتصادية الصعبة في الاقليم بسبب تراجع اسعار النفط.

- الاستفتاء "يخدم بارزاني" -

وتقول الباحثة دونيز ناتالي من معهد دراسات الاستراتيجية الوطنية إنه تم تحديد هذا الموعد "عمدًا"، موضحة أن الاستفتاء يأتي فيما "يواجه مسعود بارزاني أزمات داخلية كبيرة وفي حاجة لتعزيز موقعه كزعيم قومي".

ويشير كريم باكزاد من معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية (إيريس) الى ان "جميع الأطراف، تطلب منه تنظيم انتخابات على رئاسة السلطة من دون ترشيح نفسه".

ويُظهر الانقسام الذي أنتجه الاستفتاء بين أربيل، معقل بارزاني، ومحافظة السليمانية المجاورة، عمق الانشقاقات التي وضعت جانباً لإعطاء الأولوية للقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

غير أن تلك الانقسامات منعت البرلمان من الانعقاد لأكثر من عامين. ومن خلال حملة "لا للاستفتاء"، أثبت المعارضون من الاتحاد الوطني الكردستاني (حزب الرئيس العراقي السابق جلال طالباني)، والتغيير (غوران)، والجماعة الإسلامية أنهم يتمتعون بوجود قوي.

ويلفت باكزاد الى إن الاستفتاء "يمكن أن يعيد إحياء الأزمة السياسية الداخلية في كردستان، أو على الأقل أن يخدم مسعود بارزاني ضد معارضيه، وخصوصًا غوران، الحزب المؤثر بالشباب الكردي".

وتوشك الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية التي سمحت للمحارب السابق الذي امضى شبابه في الجبال يحارب الأنظمة المتعاقبة في بغداد، أن تنتهي. وقد ساهمت في دفع البشمركة الى الواجهة.

فبعد ثلاث سنوات من المعارك، قضمت قوات البشمركة أراضيَ في شمال العراق على مشارف الموصل، وفي محافظة كركوك الغنية بالنفط.

ويعتزم كردستان عدم التخلي عن هذه الأراضي بمجرد انتهاء المعركة، حتى لو لم تكن ضمن الحدود الرسمية للاقليم، وهو موقف يثير توترًا مع بغداد.

ودعم بارزاني للبشمركة ليس بريئًا. فمن خلال دعمه للاستقلال، وفي حال وقوع "حرب أهلية" حذر منها قادة في قوات الحشد الشعبي التي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية، فستكون لدى الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي منذ العام 1991، نواة جيش.