برلين: هل ينبغي على المهاجرين في ألمانيا التأقلم مع ثقافة مشتركة لينجحوا في الاندماج في المجتمع؟ سؤال يُعاد طرحه قبيل الانتخابات التشريعية الألمانية ويثير جدلا كبيرا في ألمانيا التي لا تزال تعيش في هاجس ماضيها النازي.

- كيف بدأ الجدل؟ -

وطرح بسام تيبي، وهو أستاذ جامعي متحدر من أسرة مهاجرة، النقاش في التسعينات حول وجود ثقافة اوروبية مرجعية للمهاجرين يمكن أن تشكل دليلا للواصلين الجدد الى القيم الاوروبية: التسامح والديموقراطية والتعددية كانت اسس هذه الثقافة.

وتلقف جناح اليمين في حزب المستشارة أنغيلا ميركل المحافظ الفكرة بسرعة وهو يسعى إلى تحديد ثقافة مهيمنة ألمانية تحديدا.

ويوضح الأستاذ في جامعة برلين الحرّة الكسندر شونكا لوكالة فرانس برس أن "المصطلح بات يستخدم بمعنى أن هناك أمرا ألمانيا بامتياز أو مسيحيا أوروبيا ينبغي أن يوحد شعبا متنوعا".

- لماذا اعادة طرح المسألة؟ -

وأعاد حزب "البديل لألمانيا" اليميني القومي طرح هذا النقاش حول الهوية وحوّله إلى موضوع رئيسي في الحملة التي سبقت الانتخابات التشريعية المرتقبة الأحد. وقاد الحزب حملات منذ أشهر عدة حول موضوع الثقافة الألمانية والمسيحية المهددة برأيه نتيجة وصول أكثر من مليون طالب لجوء، غالبيتهم من بلدان إسلامية، منذ 2015، إلى ألمانيا.

وتتخلل حملة "البديل لألمانيا" الانتخابية شعارات مثل "البرقع؟ نفضلّ البيكيني"، أو حتى "الإسلام؟ هذا لا يتناسب مع مطبخنا" إلى جانب صورة خنزير.

وأثار أحد قادة اليمين الشعبوي ألكسندر غولاند في الفترة الأخيرة جدلا عبر حملة شنّها على أيدان أوزوغوز، وهي مسؤولة حكومية من أصول تركية ترفض فكرة الثقافة المرجعية الألمانية. وقال "إنها ألمانية تركية التي تقول ذلك"، داعيا الى "التخلص منها في الأناضول".

وعلق وزير الخارجية الألماني سيغمار غابريال على كلام غولاند، معتبرا أنه يعيد إلى الذاكرة "أسوأ الذكريات التي تركتها ألمانيا في جميع أنحاء العالم".

- موضوع مخصص لليمين المعارض للمهاجرين؟ -

وساهم حزب ميركل في إذكاء النقاش عبر جعل ثقافة المرجعية أحد مواضيع حملاته. وقد استخدمه الديموقراطيون المسيحيون الألمان لإعطاء ضمانات للشريحة المحافظة من ناخبيهم التي لم تعجبها سياسة استقبال اللاجئين التي اعتمدتها المستشارة، وتكاد تميل الى التصويت لحزب "البديل لألمانيا".

وعرض وزير الداخلية توماس دو ميزيار رؤيته للثقافة المرجعية الألمانية عبر عشر نقاط ينبغي على المهاجرين أن يأخذوها بالاعتبار. ومن بين هذه النقاط، قيم مأخوذة عن البروتستانتية مثل "العمل الشاق" و"الوطنية المستنيرة" أو التعلق بأوروبا، بالإضافة إلى ضرورة "إظهار الوجه" بالنسبة إلى النساء بدلا من ارتداء البرقع.

ويحاول بعض النواب والمثقفون من اليسار إعادة صياغة المفهوم على طريقتهم للتوصل إلى تعريف أوسع.

فقد نشر النائب الاشتراكي الديموقراطي في برلين رائد صالح كتاب "أنا ألماني. الثقافة المرجعية الجديدة". ويرى صالح أن الديانة الإسلامية هي "جزء" من ألمانيا "إلى جانب المسيحية واليهودية". وسأل ردا على سؤال لوكالة فرانس برس "لماذا لا نمنح ملايين المسلمين الذي يعيشون في ألمانيا الشعور بأنهم جزء من المجتمع؟".