الامم المتحدة: دخلت الحرب السورية منعطفا جديدا مع التوقعات باستعادة الرقة من تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن قادة العالم المجتمعين في الأمم المتحدة هذا الأسبوع لا يبدون مكترثين جدا بالموضوع.

بعد ان كانت سوريا محط اهتمام سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، غابت هذا العام عن الاجندة الدبلوماسية التي طغى عليها الملف النووي الكوري الشمالي والاتفاق النووي الايراني.

العام الماضي، تصاعد التوتر في الجمعية العامة حيث انخرطت القوى الغربية في سجالات حامية مع روسيا وايران حليفتي النظام السوري، على خلفية الحملة العسكرية ضد الأحياء التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة في حلب.

ومنذ ذلك الحين، استعادت قوات الرئيس بشار الأسد، مدعومة من موسكو وطهران، حلب ومعظم المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة. 

أما تنظيم الدولة الإسلامية فبات أقرب إلى الهزيمة في معقليه المتبقيين في سوريا -- الرقة ودير الزور. 

وأقامت روسيا وايران وتركيا أربع "مناطق لخفض التوتر" في سوريا وهي تعمل مع الولايات المتحدة والأردن في الجنوب لارساء اتفاقات لوقف إطلاق النار التي خففت من أعمال العنف. 

وذكرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني وزراء الخارجية في اجتماع استضافه الاتحاد الأوروبي بشأن سوريا الخميس بأن "الحرب في سوريا لم تنته بعد". 

لكنها أقرت أن "الوضع على الأرض تحسن. تم طرد داعش من معاقلها" فيما خف القتال. 

وأضافت "بالنسبة إلى العديد من السوريين، يشكل ذلك الفرق بين الحياة والموت". 

مجموعة اتصال

وتعيش سوريا حاليا عامها السابع من الحرب التي أسفرت عن مقتل 330 ألف شخص وسط نزاع بات غاية في التعقيد. إلا أن الجهود الدبلوماسية لا تزال بعيدة عن الأنظار. 

ويشير دبلوماسيون إلى أن المسألة الكردية وانخراط اسرائيل المتزايد بالنزاع، مدفوعا بمخاوف من تحول سوريا المجاورة إلى نقطة انطلاق بالنسبة لايران، تتشكل كأزمات جديدة. 

وقال دبلوماسي أوروبي طلب عدم الكشف عن هويته "لم يُحَل شيء". 

وأضاف أن البلاد لا تزال منقسمة بشكل عميق، وهو ما قد يعتبره البعض تقسيما بحكم الأمر الواقع، فيما لا يزال هناك خمسة ملايين لاجئ سوري ويبقى احتمال اندلاع معارك جديدة واردا. 

وخلال خطابه أمام الجمعية العامة، دعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى تشكيل "مجموعة اتصال" جديدة بشأن سوريا للدفع إلى حل دبلوماسي. 

وتعاملت روسيا والولايات المتحدة ببرودة مع الاقتراح. 

ولا يزال يتعين على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحديد استراتيجيتها المتعلقة بسوريا لمرحلة ما بعد محاربة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية الا انها ترفض منح ايران، التي تعد لاعبا أساسيا في الحرب، مقعدا الى طاولة المفاوضات. 

ورقة ضغط

وقال مسؤول أميركي رفيع لوكالة فرانس برس هذا الأسبوع عقب اجتماع بين الولايات المتحدة وحلفائها بشأن سوريا "لو ضمت مجموعة الاتصال ايران، فسيكون ذلك صعبا بالنسبة إلينا".

وأشار دبلوماسي أوروبي إلى أن "الأميركيين تخلوا عن البحث عن حل سياسي (...) تركيزهم ينصب على الجانب العسكري -- هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية".

وتخطط الأمم المتحدة لعقد جولة جديدة من محادثات السلام في الأسابيع المقبلة بين الحكومة السورية والمعارضة، رغم أن المفاوضات السابقة لم تحقق سوى تقدم بطيء.

ومع ضعف الموقع القتالي لفصائل المعارضة، لا يواجه النظام أي ضغوطات لتقديم تنازلات خلال محادثات جنيف المقبلة. 

ووصلت المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة إلى طريق مسدود على خلفية مطالب المعارضة بعملية انتقالية سياسية تمهد الطريق لنهاية حكم الأسد. 

ويأمل الاتحاد الأوروبي، مدعوما بفرنسا وبريطانيا، أن تستخدم الوعود بمليارات الدولارات من المساعدات لإعادة بناء سوريا كورقة ضغط للدفع من أجل التوصل إلى تسوية. 

وخلال مؤتمر للمانحين عقد في بروكسل في ابريل، قدمت الدول مساعدات بقيمة ستة مليارات دولار لإعادة بناء سوريا بعد الحرب، إلا أن الاتحاد الأوروبي أوضح أن الأموال لن تُمنح إلا عندما يتم التوصل إلى اتفاق بشأن انتقال السلطة. 

لكن بعض الدبلوماسيين يشيرون إلى أن تجاهل سوريا بسبب الأسد قد يصبح أمرا لا يمكن الاستمرار به مع مرور الوقت.

وأثناء اجتماع بشأن المساعدة الإنسانية، ذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدبلوماسيين بأن ما على المحك في سوريا يتجاوز الأسد بكثير، داعية إياهم إلى عدم نسيان آلاف السجناء والمفقودين.