إيلاف من دبي: منحت جامعة كاليكوت بكيرالا الهندية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الدكتوراه الفخرية في مجال العلاقات الثقافية والتعليم، وذلك خلال احتفال أقيم بهذه المناسبة في حكومة الولاية تقديرا لجهود الشيخ المثقف في نشر العلوم والمعرفة والحفاظ على الثقافة والفنون والآداب، فضلا عن دوره المهم في تنمية الوعي العالمي بأهمية التراث والحضارة ودراسة التاريخ. هذا إلى جانب انشغاله واهتمامه اللافت بتأسيس وتشييد الجامعات والمراكز البحثية والمؤسسات التعليمية المتميزة.

حاكم مستنير وشخصية استثنائية

والشيخ القاسمي هو حاكم مستنير وشخصية استثنائية ذات حس إنساني ووعي ثقافي كبير، فهو باني الشارقة الحديثة وداعم الثقافة بكل أشكالها وحارس التراث وعاشق المسرح، ويصعب الإلمام بمجالات عطاءه كافة.

تاريخ طويل من التعاون

وقد تسلم شهادة الدكتوراه الفخرية من محافظ ولاية كيرالا، كما دون كلمة شكر في السجل التذكاري للدكتوراه الفخرية لجامعة كاليكوت.

وأكد الشيخ القاسمي خلال الاحتفال أن تاريخ التعاون بين الشارقة وكيرالا يمتد لعدة قرون مضت وما زال مستمراً، وقد نمت مجالات التعاون بشكل واضح وملموس على مدى العقود الستة الماضية، ما نتج عن ذلك من مساهمات متبادلة بين أصحاب المشاريع، والمهنيين والتجار، لافتا إلى أنه دائما ما يقدر هذه المساهمات ويشجع نموها المستمر ويؤيد بشكل خاص تطوير الجهود التعاونية في قطاعي الصناعة والخدمات التي بإمكانها الاستفادة من الميزة التنافسية في الموارد المشتركة بين البلدين.

وأضاف "نحن سعداء جدا لحضور هذا الاحتفال المميز الذي يحظى بحضور العديد من الضيوف الكرام وأعضاء بارزين من حكومة كيرالا ومن جامعة كاليكوت ويسعدنا ويشرفنا أن ننال الدكتوراه الفخرية من جامعة كاليكوت، وإنه لمن دواعي سرورنا أن نتقدم بخالص الشكر والتقدير للجان الترشيح وكذلك للإدارة العليا للجامعة للنظر في الترشيحات واتخاذ القرارات بشأنها".

أفكار إبداعية مبتكرة

وتابع "نحن نعلم عن مدى تأثير جامعة كاليكوت التدريجي والمستمر على مجتمعات ولاية كيرالا، ونحن مثلكم لدينا إيمانا راسخا بأن توفير التعليم الجيد لشبابنا وشاباتنا هو أفضل استثمار طويل الأمد على الإطلاق، والأفكار الإبداعية والمبتكرة من خريجي جامعاتنا الموهوبين هي أساس مكونات تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنمية من مجتمعاتنا، ونحن نهنئكم على جهودكم اللامتناهية في طريق التميز ونتمنى لكم استمرار النجاح والتوفيق في جميع مساعيكم".

عفو عن مساجين هنود

وخلال كلمته التي ألقاها بجامعة كاليكوت أعلن الشيخ سلطان القاسمي عن قراره بالعفو عن المحكوم عليهم في قضايا مالية والجنح والمخالفات البسيطة من المواطنين الهنود عامة والمودعين في المؤسسات العقابية والإصلاحية في إمارة الشارقة والبالغ عددهم 149 وتبلغ قيمة مديونياتهم لما يقارب 20 مليون درهم.

وقال "نحن ممتنون لكم بشدة على دفء الاستقبال وكرم الضيافة، ونقدم شكرنا الخالص للجميع، وأطيب التمنيات لجامعة كاليكوت ولحكومة وشعب كيرالا ".

جدارة واستحقاق

من جهته ألقى رئيس حكومة كيرالا كلمة أشاد بها بجهود الشيخ سلطان في توطيد علاقات التعاون المشترك بين إمارة الشارقة وكيرالا، متطرقاً للحديث عن السيرة الذاتية الخاصة بحاكم الشارقة وعن أهم إنجازاته على المستوى التعليمي والثقافي، مؤكدا على أن اختيار جامعة كاليكوت لمنحه الدكتوراه الفخرية أمر غاية بالأهمية لأنها تمنح لشخص يستحقها وبجداره.

شغوف بتاريخ وطنه

منذ صغره تربى الشيخ سلطان القاسمي على الوطنية وترعرع على حب العلم والمعرفة، وكان شغوفاً جداً بتاريخ وطنه. وخلال فترة دراسته تنقل بين الشارقة والكويت ومصر ليتلقى تعليمه، فقد بدأ تعليمه العام في شهر سبتمبر سنة 1948 في مدرسة الإصلاح القاسمية، وكان عمره آنذاك تسع سنوات وشهرين، وكان قد درس قبلها القرآن لدى الشيخ فارس بن عبدالرحمن. وفي عام 1954 انضم صاحب للمدرسة الإنجليزية الخاصة ليدرس اللغة الإنجليزية. وتنقل بين الشارقة والكويت لتلقي تعليمه الإعدادي والثانوي. ومع نهاية عام 1965 انتقل إلى القاهرة، حيث بدأ الدراسة الجامعية في كلية الزراعة بجامعة القاهرة.

وقد عمل مدة عامين منذ فبراير عام 1961 إلى سبتمبر 1963 مدرساً لمادتي اللغة الإنجليزية والرياضيات بالمدرسة الصناعية بالشارقة. ثم تسلم رئاسة البلدية عام 1965. وبعد عودته إلى الشارقة بعد إتمامه دراسته الجامعية عام 1971 تسلم إدارة مكتب الحاكم بإمارة الشارقة.

الحاكم ال 18 للشارقة

وبعد أيام من قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، صباح يوم الثاني من ديسمبر عام 1971، وتحديداً في اليوم التاسع من ديسمبر تم تشكيل مجلس الوزراء ونصب الشيخ سلطان القاسمي يومها وزيراً للتربية والتعليم. وفي يوم الثلاثاء التاسع من ذي الحجة، يوم عرفة سنة 1391هـ الموافق 25 من يناير 1972 مقاليد حكم إمارة الشارقة، ليكون عضواً للمجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة، وكان عمره آنذاك 32 عاماً. ويعد الحاكم الـ18 لإمارة الشارقة من حكم القواسم، الذي يعود لعام 1600 ميلادية.

وقد قاد التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية في إمارة الشارقة، وبذل سموّه جهداً إضافياً، ووفّر المصادر لتشجيع التفاعل والحوار الثقافي محلياً وإقليمياً ودولياً بين الشعوب كافة.

مبادرات عالمية

وللشيخ سلطان القاسمي العديد من المبادرات العالمية والعربية والمحلية، التي تستهدف مختلف المجالات، مع التركيز على بناء الإنسان ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً، وتعزيز قدراته المعرفية والعلمية، والاهتمام بمختلف فئات المجتمع، وكذلك الحفاظ على التاريخ والتراث والهوية الوطنية، من هذه المبادرات: مبادرة تعليم وتوظيف ذوي الإعاقة في الشارقة، ومبادرة إنشاء جامعة القاسمية ودعمها بمخطوطات إسلامية نادرة، وإنشاء 100 بيت للشعر العربي، ومبادرة إنشاء مجلس شورى شباب الشارقة، ومجلس شورى أطفال الشارقة.

 وعلى المستويين العربي والعالمي أطلق العديد من المبادرات المهمة، منها مشروع ثقافة بلا حدود، الذي قدم منذ انطلاقته عام 2008، العديد من المبادرات التي تسهم في تعزيز ثقافة القراءة، وجعلها عادة يومية يحرص جميع أفراد الأسرة، وبمختلف فئاتهم العمرية ومستوياتهم التعليمية على ممارستها. كما أطلق مبادرة إنشاء مبنى اتحاد المؤرخين العرب في القاهرة، ومبنى اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، ومبنى اتحاد الآثاريين العرب في القاهرة أيضاً، وبناء مقر اتحاد الجامعات العربية في العاصمة الأردنية عمّان، وكذلك تبرع بمليون يورو للهيئة العالمية للمسرح، وبناء عدد من المراكز الإسلامية والمساجد في مدن مختلفة حول العالم. وتكفّل سموّه بإعادة ترميم المجمع العلمي المصري كاملاً، بعد احتراقه خلال ثورة يناير 2011.

الوعي بالثقافة

وشغلت التنمية الثقافية جانباً مهماً من اهتماماته وجهوده فعمل على خلق ودعم حركة علمية وثقافية نهضوية ليس محلياً فقط، بل عربياً أيضاً، من خلال دعم الإبداع بمختلف أشكاله الأصيلة، وإقامة المؤسسات العلمية والثقافية بإمارة الشارقة، ودعم النشاطات ذاتها في الإمارات وسائر دول العالم، إضافة لانتهاجه سياسة ثقافية واعية في شتى الحقول العلمية والمعرفية. ومتابعة المنجزات العربية والعالمية والإنسانية في مجالات التاريخ والفنون، والعمل على نشر تلك الخبرات بين الشباب العربي، ودفعهم للمشاركة والإنتاج المتميز في نطاقها.

ألف 37 كتابا

له منجز فكري ثري كان موضوعا لكثير من الدراسات والبحوث، حيث قام بتأليف 37 عنواناً، تنقسم بين مجالات التاريخ والعلوم الإنسانية والاجتماعية والأدبية، إضافة إلى كتب السيرة الذاتية، ويأتي كتاب «أسطورة القرصنة في الخليج» كباكورة كتبه، وهي أطروحته لنيل درجة الدكتوراه من جامعة اكستر البريطانية عام 1985.

 وبلغت مؤلفاته التاريخية 29 عنوانا تناول فيها تاريخ المنطقة، كما تندرج تحتها مؤلفاته في السيرة الذاتية، إضافة إلى 8 مؤلفات أدبية و 8 في مجال المسرح.