الرباط: اعتبرت حركة التوحيد والإصلاح المغربية، الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، متزعم الائتلاف &الحكومي، أن الاحتجاجات التي تعيشها البلاد تؤكد الطلب الاجتماعي المتزايد على مواصلة الإصلاح وتحقيقه وتأكيده، ودعت إلى الانتصار لمنطق الحكمة والتبصر في التعاطي مع الاحتجاجات الاجتماعية ومطالبها.

الاصلاح الشامل
قال عبد الرحيم شيخي، رئيس "التوحيد والإصلاح" في الجلسة الافتتاحية للجمع العام الوطني السادس للحركة، مساء الجمعة، بالرباط، والذي تنظمه تحت شعار: &"الإصلاح أصالة وتجديد"، طيلة أيام 3 و4 و5 أغسطس الجاري، إنها سجلت تنامي مبادرات المجتمع المصرة على استمرار أجندة الإصلاح الشامل والعميق بالبلاد.&

وأضاف شيخي أن الحركة بصفتها فاعلا مدنيا معنيا بمسارات الإصلاح عموما وبدعمها ومساندتها والتنبيه على ما قد يدفعها نحو النكوص، فإنها "قد تشكلت لديها قناعة راسخة بأن كرامة المواطن مدخل أساسي نحو استقرار الوطن ونحو استمرار نموذج المغرب مدنيا وسياسيا في الإشعاع وفي الإقبال عليه".

عبد الرحيم شيخي يتحدث في الجلسة الافتتاحية&

وشدد على أنه لن يتأتى ذلك إلا بـ"إشاعة قيم الصدق والنزاهة والإتقان والتعاون، وقيم المسؤولية والعدل والإنصاف، وممارسة الحريات في نطاق القانون"، حسب تعبيره.

العودة الى الدين
وسجل شيخي بأن المشهد الديني بالمغرب يعرف مستجدات عدة منطلقها "العودة الطوعية للمغاربة نحو الدين والتدين في نهاية القرن الماضي وخلال القرن الواحد والعشرين، كجزء من تصالح&شعوب عدة بالعالم مع سنن الفطرة والاعتزاز بالهوية الثقافية".&

وأفاد بأن هذا المعطى حتم على مختلف الفاعلين "الانخراط في دينامية المراجعات الفكرية التي أثرت في البرامج والخطاب والعلاقات مع المحيط"، معبّرا عن تثمين الحركة لـ"مجهودات إمارة المؤمنين والفاعلين الدينيين المدنيين في مواكبة الدينامية الدينية المجتمعية عبر نشر ثقافة الوسطية والاعتدال ومواجهة الغلو والتطرف الديني واللاديني".&

قضايا مفصلية
كما نوه شيخي بجهود تعزيز مواقع النموذج المغربي وإشعاعه خارج الحدود، ولفت إلى الحاجة لانخراط "مختلف فعاليات المجتمع في التأطير العلمي والشرعي بما يسمح بترشيد التدين ونشر قيمه الحضارية في ضوء الاختيارات المغربية في التدين والتمذهب، ولتشجيع الاجتهاد بما يجعل الفقه الإسلامي مواكبا للتحولات المعاصرة".&

وأفاد شيخي بأن الحركة تسير بخطى "ثابتة نحو تعميق هويتها الدعوية التربوية الإصلاحية، لتؤكد على انشغالها بقضايا مفصلية في هوية المجتمع وثقافته مثل الوحدة الوطنية والاستقرار، وقضايا الأسرة، والشباب، والإعلام، والتعليم والمسألة اللغوية".&

ودعا المتحدث نفسه&إلى&جعل القضايا الكبرى ومستجداتها فوق "المزايدات أو تصفية الحسابات"، معبّرًا عن استعداد حركته المبدئي "للتعاون والتشارك والانفتاح على مختلف أبناء الوطن الراغبين في الإصلاح وإشاعة قيم الصلاح والخير والحرص على ما ينفع الناس".

جانب من الحضور&

المرجعية الاسلامية
وبشأن شعار "الإصلاح أصالة وتجديد" الذي اختاره الجمع العام، قال شيخي، إنه &جاء تعبيرا عن "رسوخ قناعة الحركة باختيارها الإصلاحي الذي يمتح من المرجعية الإسلامية التي هي مرجعية المجتمع والدولة، وينطلق نحو قضايا المجتمع بنفس تعاوني وتشاركي، يركز على البناء وينفتح على مختلف المبادرات".

كما اعتبر أن الجمع العام مناسبة للتأكيد على "الالتزام الراسخ بمبادئ الشورى وإعمال آليات الديموقراطية الداخلية"، وأضاف أنه مناسبة لتقييم أداء الحركة خلال المرحلة المنتهية ورسم معالم التوجه العام للمرحلة المقبلة، والذي يؤطر أداءها التربوي والدعوي والفكري والمدني، وحضورها الإصلاحي في المجتمع. & &

وسجل شيخي بأن الحركة تتوجه في المستقبل نحو "مزيد من الدعم لجهود ترسيخ التدين، وتعزيز أدوار المجتمع في الإصلاح"، وأكد أن التدين "مجال مشترك لعموم المغاربة، والاشتغال عليه يقتضي تبادل الدعم بين مختلف الفاعلين سواء على تعزيز تجلياته أو توفير شروط حسن استثمار فرصه المستقبلية، أو تقليل تحدياته واختلالاته".&

وأبرز رئيس التوحيد والإصلاح أن الحديث عن الترسيخ "يعكس الوعي بمظاهر التدين البادية في المجتمع وبأهمية تثمينها وتكثير فرصها وصد محاولات التشكيك في أصولها"، وأشار إلى ضرورة الوعي بما يعرفه التدين في المجتمع من اختلالات وتحديات.

وشهدت الجلسة الافتتاحية تقديم عددا من الكلمات باسم الهيئات الدعوية والإسلامية التي حضرت التظاهرة، حيث أجمعت في مجملها على أهمية التجربة الإسلامية المغربية وتميزها في المنطقة.

البعد الإفريقي والعربي&
وقال عصام البشير الداعية ووزير الأوقاف السوداني السابق، إن الحركة تؤكد ثوابتها في مرجعيتها الإسلامية وفي ملكيتها ووحدتها الترابية والسلم الأهلي والوسطية والاعتدال، إضافة إلى امتدادها في البعد الأفريقي والعربي والإنساني.&

عبد الاله ابن كيران يصافح الداعية السوداني عصام البشير

وأكد البشير على أن الوسطية لكي تكون وسطية "يجب أن تواجه التطرّف الديني والتطرف اللاديني، وهما وجهان لعملة واحدة"، كما دعا الحركات الإسلامية إلى الاجتهاد والمزيد من العمل لإحياء "فقه المراجعات".

وزاد مبينا أن "الوسطية التي ننشدها ليست مدجنة لأهواء الحكام والعوام، بل وسطية تقدم الإسلام منهجا هاديا"، وأضاف أن التجديد "ليس هدما للثوابت، بل هو مثل البناء الأثري".

تميز مغربي
من جانبه، اعتبر عبد المجيد النجار، المفكر الإسلامي التونسي، أن التميز المغربي في العمل الإسلامي يرجع بالأساس إلى&غنى وثراء الحضارة والثقافة المغربية الضاربة في عمق التاريخ.

وخاطب النجار قيادة التوحيد والإصلاح قائلا: "تتوافرون على نظام سياسي رشيد يوفر الحرية والاستقرار"، في إشادة واضحة منه بقيادة الملك محمد السادس للبلاد، التي تجنبت زوبعة الربيع العربي بسبب الإصلاحات التي اعتمدها، إبان سنة 2011.

وعبّر المتحدث نفسه&عن تقديره لما تقوم به حركة التوحيد والإصلاح من أعمال ومبادرات، كما طالب الحركات الإسلامية بالإسهام في التصدي لما سماها الرياح العاتية التي تتعرض لها أمتنا".

دور المرأة
ودعا النجار الحركات الإسلامية وممثليها الحاضرين في المؤتمر إلى عدم التوجس من دور المرأة ووصولا إلى موقع المسؤولية، حيث قال: "أهمس في آذان إخواننا يجب ألا تتوجسوا من وصول المرأة الى&موقع المسؤولية، فنحن في تونس بدأنا نشفى من هذا التوجس شيئا فشيئا".&

وشهدت الجلسة الافتتاحية حضور عدد من ممثلي حركات إسلامية ودعوية من مختلف الدول العربية والإسلامية، وكذا دول إفريقيا، إضافة إلى رئيس الحكومة وأمين عام حزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني، وسلفه عبد الإله ابن كيران، بالإضافة إلى أمين عام جماعة العدل والإحسان المعارضة، أحمد عبادي، ونائبه فتح الله أرسلان، وعدد من الشخصيات الدعوية والسياسية والمدنية الأخرى.


&