موسكو: تعد روسيا لعقد لقاء دولي حول أفغانستان في 4 سبتمبر دعت إليه حركة طالبان، وفق ما أفاد ممثل الرئيس الروسي لحل النزاع الأفغاني زامير كابولوف الاثنين غداة إعلان الرئيس الأفغاني عن وقف جديد لإطلاق النار.

وقال كابولوف لوكالة أنباء انترفاكس "نعد له للرابع من سبتمبر (...) في إطار الجهود الرامية إلى إطلاق عملية المصالحة الوطنية في أفغانستان". وعلى سؤال ما إذا دعيت طالبان إلى اللقاء، رد كابولوف بالإيجاب. ووصف عرض الرئيس أشرف غني لوقف إطلاق النار بأنه "إيجابي". وقال إنه "يأمل أن يكون رد طالبان إيجابيًا".

تنتظر كابول رد طالبان على اقتراح الرئيس غني وقف إطلاق النار لثلاثة أشهر ابتداء من عيد الأضحى حتى عيد المولد النبوي في 21 نوفمبر، الذي أثنت عليه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، بعد 17 عامًا من الحرب.&

كشف غني عن عرض الحكومة الجديد خلال خطاب بمناسبة عيد الاستقلال الأحد، مشيرًا إلى أن قوات الأمن ستلتزم بالهدنة اعتبارًا من الأسبوع الجاري شرط أن تقوم طالبان بالأمر نفسه.&

جاء الاقتراح عقب أسبوع من العنف اقتحم خلاله عناصر طالبان عاصمة ولاية غزنة، التي تبعد نحو ساعتين بالسيارة عن كابول، وكثفوا القتال ضد قوات الأمن في أنحاء البلاد، ما أسفر عن مقتل المئات.&

وفي حال وافق عناصر طالبان على الالتزام بوقف إطلاق النار، فستكون هذه الهدنة الثانية في البلاد منذ الاجتياح الأميركي في 2001 الذي أسقط حكم نظام طالبان. وخلال هدنة أولى طبقت في نهاية شهر رمضان، تدفق آلاف المقاتلين إلى المدن في أنحاء أفغانستان، حيث تعانقوا مع عناصر الأمن والمواطنين، ما عزز الأمل بشأن إمكانية إجراء محادثات سلام.

وفي إبريل 2017، جمع مؤتمر دولي حول أفغانستان في موسكو ممثلين أفغانًا وهنودًا وإيرانيين وصينيين وباكستانيين ومن الجهوريات السوفياتية السابقة الخمس في آسيا الوسطى.

ودعت روسيا وحلفاؤها في ختامه حركة طالبان إلى إلقاء السلاح والتفاوض مباشرة مع كابول. وأعلنت موسكو حينها استعدادها لاستقبال المفاوضات الأفغانية.

أفغانستان منذ انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي عام 2014
تواجه أفغانستان التي تحاول حكومتها اجراء محادثات سلام مع حركة طالبان، تصعيداً في أعمال العنف منذ انسحاب القوات القتالية لحلف شمال الأطلسي عام 2014.

-نسحاب قوات الأطلسي&
في 31 ديسمبر 2014 أنهى حلف شمال الأطلسي مهمته القتالية (إيساف) التي بدأها في أفغانستان إثر هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.

حلّت محلّ إيساف قوة دولية تقودها الولايات المتحدة وتتمثّل مهمتها الأساسية بمساعدة وتدريب قوات الأمن الأفغانية، مع امكانية تدخّلها في العمليات القتالية لمؤازرة القوات الأفغانية البالغ عديدها 350 ألف رجل.

صعود داعش
لم تمض أيام قليلة على انسحاب قوات الأطلسي من أفغانستان حتى أعلنت مجموعة من القادة السابقين الأفغان والباكستانيين في حركة طالبان مبايعة تنظيم داعش وزعيمه أبو بكر البغدادي وقيام "الدولة الإسلامية في خراسان".

التنظيم الجهادي الوليد الذي اشتقّ اسمه من الاسم القديم لأفغانستان عزّز وجوده في ولاية ننغرهار (شرق) الحدودية مع باكستان وغالباً ما حصل تعارض بينه وبين حركة طالبان.

سيطرة مقتضبة على قندوز
في مطلع أكتوبر، بعد ثلاثة أشهر على تعليق محادثات غير مسبوقة بين كابول وطالبان، حقّقت الحركة المتمرّدة أكبر نصر عسكري لها منذ سقوط نظامها في 2001، من خلال سيطرتها لبضعة أيام على مدينة قندوز، عاصمة الولاية التي تحمل الاسم نفسه على الحدود الشمالية الشرقية.

خلال المعارك الرامية الى استعادة المدينة من الحركة المتمردة أصيب عن طريق الخطأ في غارة جوية أميركية مستشفى تابع لمنظمة "أطباء بلا حدود"، ما أوقع 42 قتيلا بينهم 24 مريضاً، وأثار استياءً دولياً.

في أواخر عام 2015 سيطرت طالبان على أجزاء كبيرة من مقاطعة سانجين في هلمند، الولاية التي تعتبر مهد الحركة المتمردة والمنتج الأول للخشخاش في الجنوب.&

هجمات متتالية لطالبان وداعش
في 23 يوليو 2016 تبنّى تنظيم الدولة الإسلامية، الذي كانت هجماته محصورة حتى ذلك الوقت في شرق البلاد، أول هجوم له في كابول استهدف تظاهرة للأقلية الشيعية وأسفر عن سقوط 85 قتيلاً.

من جهتها زادت حركة طالبان من وتيرة هجماتها في المدن الكبرى: لشكر قاه في أغسطس وتارين كوت في سبتمبر وقندوز في أكتوبر، كما ضاعفت هجماتها على القواعد العسكرية الأفغانية.

في 21 أبريل 2017، قُتل ما لا يقلّ عن 135 جنديًا شابًا في هجوم استهدف قاعدة عسكرية في شمال البلاد قرب مزار الشريف وتعتبر من أضخم قواعد الجيش في البلاد.&

في كابول التي أصبحت أخطر مكان في أفغانستان وفقاً للأمم المتحدة، تزايدت وتيرة الهجمات الواسعة النطاق والتي غالباً ما ينفذّها انتحاريون وتتبنّاها طالبان أو تنظيم الدولة الإسلامية.&

ففي 31 مايو، في غمرة شهر رمضان، استهدف تفجير بشاحنة مفخّخة لم تتبنّه أي جهة الحي الدبلوماسي في كابول مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 150 شخصاً وإصابة 400 آخرين بجروح، معظمهم من المدنيين.

تعزيزات أميركية&
في أغسطس اعتمد الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب استراتيجية جديدة تقوم على إرسال تعزيزات عسكرية الى أفغانستان وعدم تحديد سقف زمني للوجود العسكري الأميركي في هذا البلد.

في الربيع، أسقطت القوات الأميركية أقوى قنابلها التقليدية على شبكة من الأنفاق والكهوف يستخدمها تنظيم داعش في ولاية ننغرهار، ما أسفر عن مقتل 96 جهادياً.

في منتصف نوفمبر، أرسلت الولايات المتحدة إلى أفغانستان حوالي 3000 جندي لتعزيز صفوف 11000 جندي أميركي منتشرين في هذا البلد.&

عدد قياسي من القتلى المدنيين في 2018&
رغم التعزيزات الأميركية، تزايدت في 2018 الهجمات سواء في كابول أم في سائر أنحاء البلاد. بحسب الامم المتحدة بلغ عدد المدنيين الذين قتلوا في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي ما يقرب من 1700 قتيل، معظمهم بسبب هجمات لتنظيم الدولة الإسلامية، في أعلى حصيلة على الإطلاق منذ عشر سنوات.

في الوقت نفسه، تقلّصت سيطرة الحكومة الأفغانية الى 56% &فقط من مساحة البلاد، وهي الاصغر منذ 2001، في حين زادت مساحة المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين الى 20%، وذلك وفقاً لتقرير أصدره في مايو مكتب المفتّش العام الخاص بإعادة إعمار افغانستان (سيغار)، وهو هيئة تابعة للكونغرس الأميركي.

بعد هدنة غير مسبوقة استمرت ثلاثة أيام في يونيو، صعّدت طالبان من وتيرة هجماتها. في 9 أغسطس، شنّت الحركة المتمرّدة هجوماً على غزنة، المدينة الواقعة على بعد ساعتين من كابول، وتمكّنت للمرة الثانية في أقلّ من ثلاثة أشهر من الوصول إلى قلب عاصمة ولاية بعد فاراه (غرب) في منتصف أيار/مايو، قبل أن تتمكن القوات الأفغانية من استعادة السيطرة على المدينة.

ميزان قوى
يتزامن هذا التصعيد في العنف مع تعرّض المتمرّدين لضغوط منذ اشهر لبدء محادثات سلام مع الحكومة بعد 17 عاماً من الحرب.

ووفقاً لمحللين فإن طالبان تهدف من وراء هذه الهجمات إلى وضع نفسها في موقع قوة. وفي أواخر فبراير عرض الرئيس أشرف غني على طالبان الدخول في محادثات سلام، في مبادرة لم تردّ عليها رسمياً الحركة المتمرّدة التي ألمحت بالمقابل إلى استعدادها للتفاوض، ولكن فقط مع واشنطن، مجدّدة مطلبها بانسحاب القوات الاجنبية من أفغانستان.

في 7 يونيو أعلن غني وقفاً لإطلاق النار مع طالبان من جانب واحد، وذلك بمناسبة عيد الفطر. بدورها أعلنت طالبان وقفاً غير مسبوق لإطلاق النار مع القوات الأفغانية ، لكنها رفضت تمديده.

في يوليو، التقت مبعوثة أميركية في قطر مسؤولين من حركة طالبان. وفي مطلع أغسطس توجّه وفد من طالبان إلى أوزبكستان للبحث في مسألتي مفاوضات السلام وانسحاب القوات الأجنبية. وفي 19 أغسطس أعلن غني وقفاً جديداً لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر مع طالبان، شرط أن توقف الحركة المتمرّدة بدورها هجماتها.
&