عرضت كوريا الجنوبية الثلاثاء على بيونغ يانغ إجراء مفاوضات على مستوى رفيع في التاسع من يناير بعدما مد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يده إلى سيول، ملمّحًا إلى إمكانية مشاركة بلاده في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي ينظمها الجنوب.

إيلاف: اغتنم كيم رسالته إلى الشعب الكوري الشمالي لمناسبة العام الجديد ليؤكد مرة جديدة تحوّل بلاده إلى قوة نووية، محذرًا بأن "الزر النووي" يبقى بمتناوله، لكنه في المقابل تبنى لهجة مهادنة حيال سيول.

وقال وزير إعادة التوحيد الكوري الجنوبي شو ميونغ غيون خلال مؤتمر صحافي: "نكرر استعدادنا لإجراء مفاوضات مع الشمال في أي زمان ومكان وبأي شكل".

أضاف "نأمل أن يتمكن الجنوب والشمال من الجلوس وجهًا لوجه لبحث مشاركة وفد كوريا الشمالية في ألعاب بيونغ تشانغ، فضلًا عن مسائل أخرى ذات اهتمام متبادل من أجل تحسين العلاقات بين الكوريتين".

وقال إن تفاصيل المفاوضات المقترحة، ومن ضمنها جدول الأعمال، يمكن مناقشتها عبر الخط الساخن بين الكوريتين في بانموجون، والمقطوع منذ 2016.

وعقدت الكوريتان اللتان تفصل بينهما منطقة منزوعة السلاح يسودها التوتر منذ انتهاء الحرب الكورية 1950-1953، آخر محادثات بينهما في 2015. ترأس تلك المحادثات مستشار الأمن القومي في كوريا الجنوبية آنذاك كيم كوان-جين ونظيره الكوري الشمالي هوانغ بيونغ-سو، لكنها فشلت في التوصل إلى اتفاق.

وقال كوه يو-هوان أستاذ العلوم السياسية في جامعة دونغوك "إن مجرد لقاء بينهما سيكون مجديًا لانه يؤشر إلى محاولة من الطرفين لتحسين العلاقات". لكنه أضاف إنهما عندما يجلسان يمكن أن تضع كوريا الشمالية سيول في موقف صعب بتقديم مطالب غير مقبولة، مثل وقف التدريبات العسكرية المشتركة مع الولايات المتحدة.

وقال "ما تحاول كوريا الشمالية القيام به هو إعادة تأسيس علاقاتها (مع سيول) كدولة نووية. والمعضلة لدى الجنوب تتعلق بما إذا كان بإمكاننا قبول ذلك".

ورحّب الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-إن، الذي يفضل حوارًا لنزع فتيل التوتر مع الشمال، الثلاثاء، بتلميح كيم إلى احتمال وجود فرصة للدخول في حوار. غير أنه قال إن التحسن في العلاقات بين الشمال والجنوب يجب أن يترافق مع خطوات لنزع السلاح النووي.

وكان الرئيس مون اقترح في العام الماضي إجراء محادثات بين لجنتي الصليب الأحمر والقادة العسكريين، لكن مقترحه لم يلق ردًا من بيونغ يانغ. وأثارت كوريا الشمالية قلق المجتمع الدولي في الأشهر القليلة الماضية بعد إطلاقها صواريخ وإجرائها تجربتها النووية السادسة والأقوى.

واستخفت بيونغ يانغ بسلسلة جديدة من العقوبات والتصعيد الكلامي من الولايات المتحدة، وواصلت مساعيها إلى تطوير برنامج التسلح، الذي تقول إنه دفاعي، ويهدف إلى تطوير رأس حربي قادر على بلوغ أراضي الولايات المتحدة القارية.

رد إيجابي
تعد تصريحات كيم أول إشارة إلى استعداد كوريا الشمالية للمشاركة في الألعاب الأولمبية الشتوية التي ينظمها الجنوب من 9 إلى 25 فبراير. ووصف مون ذلك بـ"الرد الإيجابي" على آمال سيول بأن تمثل ألعاب بيونغ تشانغ "فرصة رائدة للسلام".

تجري الألعاب الأولمبية الشتوية على بعد 80 كلم فقط عن الحدود المحصنة مع الشمال، وقد هيمنت على الاستعدادات للألعاب توترات متزايدة بسبب تجارب بيونغ يانغ الصاروخية والنووية. وترغب سيول ومنظمو الألعاب في أن تشارك كوريا الشمالية في الألعاب.

تأهل اثنان من الرياضيين الكوريين الشماليين - ثنائي التزحلق الفني على الجليد ريوم تاي-أوك وكيم جو-سيك - إلى الألعاب، لكن اللجنة الأولمبية الكورية الشمالية لم تؤكد مشاركتهما قبل انتهاء مهلة 30 أكتوبر. إلا أنه يمكن للجنة الأولمبية الدولية أن تدعوهما إلى المشاركة في الألعاب.

وكانت المشاركات الأخيرة لكوريا الشمالية في فعاليات رياضية في الجنوب، تعتمد بشكل كبير على الوضع السياسي والعسكري، علمًا بأنها أرسلت فريقًا رياضيًا كاملًا إلى دورة الألعاب الآسيوية 2014 في أنشيون قرب سيول.

من جهتها رحبت بكين، الحليف الرئيس لبيونغ يانغ، بالتطورات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غنغ شوانغ "ندعم الجانبين في اغتنام هذه الفرصة للقيام بجهود ملموسة من أجل تحسين العلاقات الثنائية... والتوصل الى نزع الاسلحة النووية من شبه الجزيرة".

وتعتبر واشنطن الصين اساسية في التوصل لحل للازمة في شبه الجزيرة الكورية، وطلبت من بكين بذل المزيد من الجهود لكبح جماح بيونغ يانغ.

وفيما أيدت الصين قرار مجلس الامن الدولي فرض عقوبات على كوريا الشمالية، عرضت خطة تقضي بتجميد الولايات المتحدة التدريبات العسكرية في كوريا الجنوبية مقابل تجميد كوريا الشمالية برنامجيها النووي والصاروخي. لكن واشنطن وسيول رفضتا الفكرة، فيما تصر بيونغ يانغ على مواصلة برنامجيها النووي والصاروخي.

الدم نفسه
في خطابه الاثنين قال الرئيس الكوري الشمالي ان الالعاب الاولمبية تعطي سببًا للمسؤولين من الدولتين الجارتين "للقاء في المستقبل القريب". أضاف كيم في خطابه "كوننا مواطنين من الدم نفسه كالكوريين الجنوبيين، من الطبيعي أن نشاركهم متعة الفعالية الواعدة وأن نساعدهم".

ويقول المحللون إنه من المرجّح أن تشارك كوريا الشمالية في ألعاب بيونغ تشانغ نظرًا إلى تصريحات كيم المتعلقة بإرسال وفد إلى هناك.