الرباط: سمح القاضي لمتهمين إثنين بمغادرة جلسة محاكمة معتقلي أحداث الحسيمة لأسباب صحية. وكشف الطبيب المداوم بالمحكمة على أحد المعتقلين المضربين عن الطعام بعد ظهر اليوم بأمر من النيابة العامة، وخلص إلى أن وضعه الصحي لا يسمح له بمتابعة الجلسة، كما وصف له بعض العقاقير. فيما طلب الدفاع من القاضي سؤال معتقل ثان عن وضعه الصحي ، وإن كان يسمح له بمتابعة الجلسة.

وعرفت جلسة اليوم نقاشا ساخنا بين الدفاع والنيابة العامة بسبب الوضع الصحي للمعتقلين المضربين عن الطعام، إذ تخلف أربعة منهم عن الحضور، ضمنهم ناصر الزفزافي أحد متزعمي الاحتجاجات التي عرفتها الحسيمة . وعرفت جلسة اليوم ايضا عدة توقفات بسبب اشتداد التوتر بين النيابة العامة والدفاع. وقرر القاضي توجيه إنذار للمتهمين المتغيبين وأمر بجلبهم بالقوة إذا رفضوا الامتثال لقرار الحضور إلى المحكمة.

وكانت النيابة العامة قد قدمت صباح اليوم للقاضي تقريرا لمدير السجن يفيد بأن المعتقلين الأربعة امتنعوا عن الحضور للجلسة لأسباب مختلفة، وأن طبيبة السجن قررت بعد فحصهم أن حالتهم الصحية مستقرة وتسمح لهم بمتابعة جلسة المحاكمة . كما قدمت النيابة العامة إشهادا وقعه 33 متهما أعلنوا فيه وقف الإضراب عن الطعام.

إلا أن الدفاع توصل برسالة وقعها جميع المعتقلين، وعددهم 54، تفيد أنهم يواصلون الإضراب عن الطعام بسبب عدم وفاء مدير السجن بالتزاماته فيما يخص مطالبهم، والتي تتعلق بعدم إيداعهم في زنزانات انفرادية، ووضع زجاج على نوافذ الزنزانات للوقاية من البرد، ومجموعة من المطالب الأخرى. وأشار المتهمون الى أنهم توصلوا إلى اتفاق مع مدير السجن بتوقيع إشعار بوقف الإضراب عن الطعام مقابل الاستجابة إلى مطالبهم، غير أن هذا الأخير لم يف بوعوده ، فعاد المعتقلون إلى الإضراب عن الطعام.

وخلال جلسة اليوم، التي تعتبر الجلسة رقم 13 في محاكمة معتقلي احتجاجات الحسيمة، والذين أحالتهم محكمة مدينة الحسيمة على محكمة الاستئناف بمدينة الدار البيضاء، قدم ممثل النيابة العامة مرافعته حول الدفوعات الشكلية ،والتي التمس فيها من المحكمة رفض جميع المطالب الأولية والدفوعات الشكلية للدفاع. واعتبرت النيابة العامة أن استدعاء الشهود الذين طالب الدفاع بالاستماع إليهم غير ذي جدوى، خصوصا رؤساء الأحزاب السياسية ومسؤولين حكوميين وشخصيات ثقافية وحقوقية ومؤرخين، مشيرا إلى أن المتهمين لا يحاكمون بسبب آرائهم أو معتقداتهم أو انتماءاتهم الإثنية والثقافية، كما أنهم لا يحاكمون بسبب تعبيرهم عن مطالب اقتصادية واجتماعية، وإنما بسبب أفعال جرمية يعاقب عليها القانون.كما التمس ممثل النيابة العامة رفض طلب الدفاع مده بالأقراص المدمجة لتسجيلات المكالمات التي أجراها المتهمون خلال مرحلة تعقب مكالماتهم الهاتفية من طرف المحققين، مشيرا إلى أن القانون لا يعتبر هذه التسجيلات ضمن وثائق الملف، وينص على ضرورة تدميرها عند انتهاء المحاكمة. وقال ممثل النيابة العامة إن ما يعتبر من وثائق الملف هو ما تضمنته محاضر استماع المحققين لهذه المكالمات بارتباط مع الأفعال موضوع التحقيق. وأضاف "القانون يحصر مهمة المحقق في نقل ما تعلق من المكالمات التي استمع إليها بموضوع التحقيق، بل وحتى عندما تتعلق هذه المكالمات بأفعال جرمية لا ترتبط بموضوع التحقيق فإن القانون يمنع المحقق من نقلها".

كما طالبت النيابة العامة من هيئة المحكمة عدم الاستجابة لطلب الدفاع رفض محاضر التحقيق ودفعه ببطلانها بشبهة التعذيب. وأشار إلى أن الشرطة القضائية لم تكن في حاجة إلى تعذيب المتهمين للحصول على اعترافات، إذ أن الفيديوهات والتدوينات التي نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى المكالمات الهاتفية التي رصدتها بأمر من القضاء، والخبرات التي أجريت على الهواتف النقالة للمتهمين وكمبيوتراتهم الشخصية، تشكل أهم أدلة الإثبات في هذه القضية.

وقرر القاضي تأجيل المحاكمة إلى جلسة صباح يوم الجمعة المقبل، والتي قال إنها ستخصص لمواصلة الاستماع إلى مرافعة النيابة العامة، على أن يعطي الكلمة للدفاع قصد التعقيب عليها في الجلسة الموالية.