في تحليل للأوضاع الداخلية في إيران وتفجر المعارضة لنظامها عنفًا يشير محلل سياسي متخصص في شؤون الخليج العربي وإيران إلى إمكانية سقوط نظام طهران من خلال حرب أهلية بدأت بوادرها تلوح في الأفق أو بدعم خارجي للشعوب غير الفارسية المنتهكة حقوقها وتحريكها لمواجهة آلة القمع التي يمتلكها النظام لتجريده من مصدر قوته ثم إنهائه.

إيلاف: "إيلاف" حاورت همدان الهمداني، وهو أيضًا رئيس حركة "معًا من أجل يمن أفضل" حول تصوراته للتطورات التي تشهدها إيران عقب تفجر انتفاضة شعبها الحالية، والتي توقعها في كتابه الصادر خلال هذا الأسبوع في لندن باللغة الانكليزية، وسيصدر بالعربية قريبًا، بعنوان "الشرق الأوسط.. الغليان"، في عمل مرجعي يغطي أوضاع إيران الداخلية من جميع الجوانب ودورها في مجريات الأحداث في المنطقة العربية بشكل خاص، من خلال عرض للحقائق والرسوم التوضيحية.

غلاف كتاب "الشرق الأوسط.. الغليان"

يناقش الكتاب موضوعات عدة، منها العاملون في المنظمات الإنسانية والمنظمات المدنية ‏وتغلغل الإيراني بينهم ‏مع أمثلة حية، ويقدم عرضًا للتدخل الإيراني، ليس فقط في الدول العربية، ‏وإنما أيضًا في أوروبا وأميركا، والأساليب ‏التي تستخدمها إيران لفرض هيمنتها ووجودها هناك. كما يشرح الواقع العربي ‏الحالي ويشبّهه بأوضاعه بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية ‏القديمة، ويقدم تصورًا لشكل الدولة الإيرانية مستقبلًا.

‏احتمالات خمسة لتطور الأوضاع في إيران
أضاف الهمداني في حديثه مع "إيلاف" اليوم أن الأوضاع في إيران، سواء منها الحالية أو المستقبلية، تشير إلى احتمالات خمسة هي: أن يغير النظام نفسه أو أن يتم تغييره من خلال الاحتجاج السلمي أو عبر تمرد داخلي مسلح أو إسقاطه من خلال مشاركة خارجية.. ثم إمكانية دخول البلاد في حالة من الفوضى.

وأشار إلى أن النظام الإيراني قام بتأسيس ميليشيات تحت مسميات تشكيلات مسلحة مثل البسيج والحرس الثوري وتقويتها، ومن ثم استولت هذه على النظام، وسيطرت على الحكومة بكاملها، وبشكل حرم الإيرانيين من أي ممارسة ديمقراطية وبشكل كامل.. منوهًا بأنه حتى إن هذه الحكومة لم تعد لها السيطرة الكاملة على الميليشيات الخاصة بها، وإنما حدث العكس، ففي الواقع فإن هذه الميليشيات هي من تسيطر على الحكومة الآن.

مواجهة بحمّامات من الدم
وعن إمكانية حدوث صدام بين الحكومة وهذه التشكيلات العسكرية أكد أنه من المستحيل حدوث ذلك في الوقت الراهن، لأنهما أصبحتا قطعة في جسد واحد، هو النظام الحالي.. موضحًا أنه إذا حدث تقطيع في هذا الجسد، فإنه سيموت، ولذلك فإنه لا خيار للنظام حاليًا سوى مواجهة محاولات تغييره سلميًا بحمّامات من الدم، خاصة وأن نظام الولي الفقيه الحالي هو أسوأ وحشية من أي نظام شيوعي أو فاشي سابق.

وردًا على سؤال حول إمكانية الإطاحة بالنظام الإيراني من الداخل، كما يحصل في الحروب الأهلية، يوضح المحلل السياسي أنه إذا تم الأخذ بالاعتبار أن إيران تتشكل من العديد من الأمم والمجموعات العرقية واللغات والأديان والطوائف المختلفة مع نسبة عالية جدًا من الفقر وكره شعبي عام للنظام، إضافة إلى وجود العديد من البلدان على الحدود الإيرانية، فإن كل ذلك يصب في مصلحة مثل هذا التغيير، خاصة مع إمكانية نقل الأسلحة عبر هذه الحدود إلى داخل إيران.

وحول ما إذا كان الدعم للتغيير في إيران من الخارج سيقود إلى سهولة السيطرة على البلد، أشار الهمداني إلى أن إيران بلد ضعيفة من ناحية القوات المسلحة النظامية، ولكنها قوية في جانب التنظيمات الميليشياوية المسلحة خارج الجيش، ولهذا فإن انزلاق البلاد إلى حرب أهلية، نتائجه ستكون باهظة التكلفة من حيث الخسائر البشرية وتدمير البنى التحتية.

الانزلاق نحو حرب أهلية
وعن إمكانية منع الانزلاق إلى حرب أهلية، فقد أوضح الهمداني أنه لأن الحرب الاهلية تعني عدم وجود حكومة مركزية فعالة فإن الأمر يتطلب التعاون مع المجموعات المعارضة داخل إيران، وخاصة التابعة للقوميات غير الفارسية، بسبب معاناتها من النظام وانتهاكه لحقوقها الأساسية.

لذلك فهو يشير إلى أن أفضل الوسائل لأخذ السلطة بعيدًا عن أي تصعيد في الحرب الأهلية والحفاظ على الخسائر في أدنى مستوياتها فإن أفضل خيار هو تحرك مختلف الأمم والمجموعات العرقية في إيران، وبعضها تعداده بمئات الآلاف، الآخر بالملايين، فهم الذين بإمكانهم وبالمساعدة وبالدعم اللوجستي الممتاز لمعرفتهم بطبيعة أرضهم (بما في ذلك إلمامهم بقوة وطبيعة تشكيلات مختلف الميليشيات الإيرانية من داخلها) فإن بإمكانهم السيطرة على البلد بمساعدة خارجية وبإيصال الأسلحة إليهم جوًا وبحرًا، ونقلها إلى مناطقهم المناسبة، وذلك من قبل أطراف معروفة لديهم لمواجهة مرتكزات النظام في أقاليمهم خارج سطوة الحكومة المركزية وأجهزتها القمعية في العاصمة.