الرباط: أجرى طاقم طبي مغربي متخصص أول عملية جراحية للرضيعة "ملاك" مساء أمس الثلاثاء بمستشفى الشيخ زايد بالرباط، بهدف التخلص من ورم كبير الحجم، ملتصق برأسها.

وهي العملية التي كللت بنجاح كبير، بعدما تبرع الشيخ حميد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة عجمان بدولة الإمارات العربية المتحدة بعلاج الطفلة، حيث أشرف سعيد مهير الكتبي، القائم بالأعمال بالإنابة بسفارة الإمارات بالرباط على عملية التنسيق والمتابعة مع مستشفى الشيخ زايد، حيث ترقد حاليا الرضيعة، تحت مراقبة طبية.

حالة مستقرة

وقال بوعزة البوطي، والد ملاك في تصريح لـ"إيلاف المغرب" إنه سعيد للغاية رفقة زوجته بفعل نجاح عملية ابنتهما، التي ترقد حاليا في قسم الإنعاش، في حالة مستقرة، تدعو للتفاؤل حول وضعيتها الصحية.

واضاف قائلا"صراحة لا أدري كم بقي لها من عملية، فأنا لم أتصل بالطاقم الطبي الذي أشرف عليها، فرحتي جعلتني أتناسى المعاناة التي عشتها بعد ولادتها والخوف من فقدانها، ما يهمني حاليا هو وضعها الصحي، وأن تعيش حياتها بشكل طبيعي دون مشاكل".

 

الرضيعة ملاك

 

وأشار الوالد الذي يعيش بحي سكني عشوائي بمدينة الصخيرات (تقع بين مدينتي الرباط والدار البيضاء) إلى أنّها ليست المرة الأولى التي يرزق بها بطفلة ولدت برأسين، حيث سبق له أن فقد طفلتين كانتا تعانيان من تشوهات خلقية على مستوى الرأس، لكن فرحته بولادة "ملاك" لم تكتمل بسبب الورم الملتصق برأسها، والذي كان يهدد حياتها، ويؤرق بال والديها خوفا من فقدانها.

 وزاد الأب موضحا"التشخيص الأولي لحالة ابنتي وفق الأطباء يقر بضرورة توفر مبلغ مالي يناهز 18 مليون سنتيم (18 ألف دولار) لاستئصال الورم الذي يفوق حجم رأسها، وهو المبلغ الذي لم نكن قادرين على توفير ولو جزء بسيط منه بسبب الفقر و بساطة الحالة الاجتماعية، و هنا لا يسعني إلا أن أشكر المحسنين وكل الناس الذين وقفوا إلى جانبنا من قريب أو بعيد من أجل عملية ابنتي الصغيرة".

مناشدة المحسنين

وكانت الرضيعة ملاك التي رأت النور في شهر ديسمبر الماضي، والتي تتحدر من مدينة الصخيرات، قد ولدت بعيب خلقي، ولقيت تعاطفا كبيرا من قبل المغاربة، حيث تداولت صورتها على نطاق واسع، من طرف العديد من النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ممن ناشدوا المحسنين داخل المغرب وخارجه للتكلف بمصاريف عمليتها، ليتم التجاوب مع حالتها بشكل سريع.

يقول عبد العالي الرامي، رئيس جمعية منتدى الطفولة بالرباط، والذي تابع حالة الرضيعة عن كثب: "العملية استغرقت أكثر من 6 ساعات تقريبا بإشراف طاقم طبي مغربي مئة بالمئة، و بناء عليها سنرى ما سيحدده الأطباء المشرفون حول إجراء عمليات أخرى".

وحول تكرار حالات المناشدة التي يقوم بها مرضى مغاربة وفاعلون جمعويون لفائدتهم والسؤال الذي يطرحه هذا الأمر حول دور وزارة الصحة والمؤسسات الاستشفائية، يضيف الرامي في تصريح لـ"إيلاف المغرب": "هناك خلل مركب، في ظل معاناة أسر من الفقر والعوز، التطبيب هو حق مكفول لجميع المواطنين المغاربة على حد سواء، لكن الواقع يعاكس هذا الأمر، حينما نعاين حالات كثيرة تعاني في صمت بسبب المرض والفقر، وأبرز مثال على ذلك حالة والدي الرضيعة ملاك، اللذان طلب منهما توفير مبلغ مالي ضخم، في الوقت الذي لا يجدان فيه سقفا يؤويهما و مسكنا كريما يحميهما".

دور الدولة

يرى الفاعل الجمعوي أن الدولة مطالبة، و الوزارة الوصية على القطاع الصحي بالمغرب مطالبة بالقيام بدورها و توفير الدواء اللازم للمرضى أينما وجدوا، و يستغرب الرامي ما يقوم به البعض من خلال وصف أدوية لحالات معينة، ليصطدم المواطنون بعدم توفرها في المغرب، و يلجأوا بمساندة فاعلين جمعويين لمغاربة الخارج بغية الحصول عليها، وهو ما يندرج ضمن منطق التعجيز.

وعن مسؤولية وزارة الصحة تجاه حالة ملاك وحالات مماثلة لمرضى من مختلف الفئات العمرية، يضيف الفاعل الجمعوي: "الوزارة مطالبة بتوفير صندوق للدعم في هذا الإطار، لا يعقل بعد مرور 4 أيام من ولادة ملاك، أن تجد الأم نفسها مطالبة بمغادرة المستشفى، على الرغم من الوضعية الصعبة التي تعانيها، وهنا لا يفوتني الإشارة لحالات محزنة، منها وفاة طفلة صغيرة أخيرا بسبب مرض جلدي، مستشفيات العاصمة لا تبدو بأحسن حال، ما بالك بما يحدث في القرى النائية، إنه فعلا أمر مؤسف للغاية، نحتاج معه لبرنامج جاد ونقلة نوعية في هذا القطاع المهم بالنسبة للمواطنين، علما أن التعليم والصحة يشكلان ركيزة أساسية في حاضر ومستقبل أي دولة".

الجدير بالذكر أن"إيلاف المغرب" اتصلت بأمين الحسني، مدير مستشفى الشيخ زايد بالرباط لمعرفة تفاصيل أخرى حول حالة الرضيعة، لكنه امتنع عن الإدلاء بأية تصريحات.