لندن: حذر علماء من أن محيطات العالم تختنق بعد أن ازدادت المساحات المحرومة من الأوكسجين أربع مرات منذ عام 1950 وتضاعف عدد المناطق ذات الاوكسجين القليل جداً قرب السواحل عشر مرات. 

وقال العلماء إن غالبية المخلوقات البحرية لا تستطيع ان تعيش في هذه المناطق، وان الاتجاهات الحالية ستؤدي الى انقراضها بالجملة على المدى البعيد مع ما يترتب على ذلك من آثار مدمرة لحياة مئات الملايين، الذين يشكل البحر مصدر رزقهم. وبحسب العلماء، فإن التغير المناخي هو سبب نقص الاوكسجين لأن المياه الدافئة تحوي كمية أقل من الأوكسجين وان موت المناطق الساحلية ناجم عن تدفق الأسمدة ومياه الصرف من الأرض الى البحار. 

وأشار العلماء في اول دراسة شاملة للمناطق البحرية والساحلية نُشرت في مجلة "ساينس" العلمية الى أن حوادث الانقراض الكبرى في تاريخ الكرة الأرضية كانت ترتبط بارتفاع حرارة المناخ ونقص الاوكسجين في المحيطات. 

وقالت رئيسة فريق العلماء دنيس برايتبرغ من معهد سمثسونيان للأبحاث البيئية في الولايات المتحدة ان الاتجاه الحالي يقود الى مآل مماثل "ولكن عواقب الاستمرار في هذا الاتجاه على البشر وخيمة بحيث يصعب ان نتخيل اننا سنقطع مثل هذا الشوط البعيد نحو ذلك". 

وأكدت برايتبرغ "ان هذه مشكلة نستطيع ان نحلها وان وقف التغير المناخي يتطلب مجهوداً عالمياً، ولكن حتى الاجراءات المحلية يمكن ان تساعد في وقف نقص الاوكسجين" مشيرة الى نجاحات تحققت في الولايات المتحدة وبريطانيا باعتماد ممارسات أفضل في الزراعة وطرق التخلص من مياه الصرف. 

ولكن البروفيسور روبرت دياز من معهد فرجينيا للعلوم البحرية لاحظ أن توسع المناطق الساحلية الميتة ونقص الاوكسجين في المحيطات ليسا مشاكل ذات اولوية للحكومات في انحاء العالم. واضاف "ان من المؤسف ان تحدث نفوقات كبيرة ومستمرة في الأسماك قبل ان ندرك خطورة نقص الأوكسجين". 

تُطعم المحيطات اكثر من 500 مليون انسان وخاصة في البلدان الفقيرة وتوفر فرص عمل لنحو 350 مليون شخص. ولكن عدد المناطق الميتة الآن قرب السواحل لا يقل عن 500 منطقة بالمقارنة مع أقل من 50 منطقة في عام 1950. ويعني غياب الرصد والمراقبة في مناطق عديدة ان العدد الحقيقي قد يكون أكبر بكثير. 

وتوجد مناطق قليلة الاوكسجين طبيعية في المحيطات، عادة قبالة السواحل الغربية للقارات بسبب تأثير دوران الأرض على التيارات المحيطية. ولكن هذه المناطق اتسعت بدرجة كبيرة وزادت ملايين الكيلومترات المربعة منذ عام 1950 أو ما يعادل تقريبا مساحة الاتحاد الأوروبي. 

كما ان نقص الاوكسجين يحد من النمو ويعيق التكاثر ويزيد الأمراض، بحسب العلماء الذين لاحظوا ان من مفارقات الطبيعة ان المياه الدافئة لا تحوي كمية اقل من الاوكسجين فحسب، بل تعني ان الكائنات العضوية البحرية يجب ان تتنفس اسرع وبذلك استهلاك الاوكسجين بمعدلات أعلى. 

وهناك آثار جانبية خطيرة ايضاً. فالميكروبات التي تنتشر على مستويات متدنية جداً من الاوكسجين تنتج الكثير من غاز اوكسيد النتروجين الذي تزيد قوته 300 مرة على ثاني اوكسيد الكاربون. 

اجرى الدراسة الجديدة فريق عمل دولي شكلته في عام 2016 اللجنة الدولية الحكومية لعلوم المحيطات في اليونسكو. وقالت عضو اللجنة كريستين ايسنسي "إن حرمان المحيطات من الاوكسجين يحدث في سائر انحاء العالم نتيجة النشاط البشري، ولذلك يجب ان نعالجه عالمياً". 

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الغارديان". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.theguardian.com/environment/2018/jan/04/oceans-suffocating-dead-zones-oxygen-starved