واشنطن: صعدت الولايات المتحدة خلافها العلني المتفاقم مع اسلام اباد الخميس معلنة تعليق مساعدة امنية بقيمة مئات ملايين الدولارات للقوات الباكستانية المطالبة "بتحرك حازم" ضد فصائل طالبان المتمركزة على اراضي بلادها.

وأعربت إدارة الرئيس دونالد ترامب عن استيائها لفشل حليفتها في جنوب آسيا في ضرب قواعد حركة طالبان الافغانية وشبكة حقاني.

وردت باكستان بحزم على نبرة ترامب الحادة ما اثار المخاوف من تقويض الخلاف لدعم اسلام اباد للعمليات الاميركية في افغانستان.

لكن الخميس أعلنت الخارجية الاميركية عن تجميد شحنات المعدات العسكرية والتمويل الامني حتى قمع باكستان للمسلحين الاسلاميين. وأكد مسؤولون تعليق الخارجية الاميركية في سبتمبر الفائت مساعدات مالية أخرى بقيمة 255 دولارا تسمح لباكستان بالتزود بأسلحة عالية التقنية من شركات اميركية.

غير ان باكستان ادانت قرار واشنطن الجمعة في رد مدروس معتبرة انه "سيأتي بنتائج عكسية" فيما اكدت وزارة خارجيتها انها "تتحاور" مع المسؤولين الاميركيين وتنتظر مزيدا من التفاصيل.

كما حذرت من ان "الآجال الاعتباطية والاعلانات الإحادية الطرف وتحوير الأهداف، تأتي بعكس المطلوب في التعامل مع التهديدات الشائعة"، من دون ان تذكر تحديدا القرار الاميركي.

واكدت ان التهديدات الناشئة كالوجود المتنامي لتنظيم الدولة الاسلامية في المنطقة يضاعف من أهمية التعاون اليوم أكثر من أي وقت.

اجراءات حاسمة

تلقت وزارة الدفاع الاميركية امرا بوقف تسديد الدفعات من "صندوق دعم التحالف" المخصص لتمويل نفقات باكستان لعمليات مكافحة الارهاب.

وسيتم استثناء حالات "الامن القومي الحساسة"، فيما رفض المسؤولون تحديد مدى خسائر باكستان إن رفضت التعاون.

لكن "قانون إجازة الدفاع القومي" يتيح للجيش الاميركي إنفاق مبلغ يصل إلى 900 مليون دولار في العام المالي 2017 و700 مليون في 2018.

وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية هيذر نويرت تجميد التمويل "حتى اتخاذ الحكومة الباكستانية إجراءات حاسمة ضد (حركة) طالبان الأفغانية وشبكة حقاني".

وخاضت باكستان عمليات شرسة ضد مجموعات باكستانية اسلامية هددت أمنها.

لكن المسؤولين الاميركيين يتهمون المسؤولين الباكستانيين بتجاهل الجماعات المسلحة التي تشن عمليات في أفغانستان انطلاقا من ملاذات آمنة على طول الحدود بين البلدين، او بالتعاون معها.

هذه المجموعات تهدد الحكومة الأفغانية التي تدعمها واشنطن وسبق أن قتلت الكثير من الجنود الاميركيين الذين ارسلوا الى المنطقة في أعقاب اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001.

لكنها ليست المرة الأولى التي يحتدم فيها الغضب الأميركي.

فقد أجاز سلف ترامب باراك اوباما غارات الطائرات بلا طيار على مناطق اعتبرت ملاذات آمنة وأرسل قواته الخاصة لقتل زعيم القاعدة اسامة بن لادن في مخبئه في ابوت اباد.

غير ان نبرة ترامب الهجومية، أولا في خطاب في اغسطس وأخيرا في أولى تغريداته للعام الجديد، أغضبت المسؤولين الباكستانيين.

كذلك أثار الاعلان الاميركي احتجاجات صغيرة الجمعة في باكستان، بما في ذلك في شامان، أحد المعبرين الحدوديين مع افغانستان حيث تجمع المئات واطلقوا هتافات مناهضة للأميركيين.

وكتب ترمب في تغريدته الأولى للعام 2018 "ان الولايات المتحدة وبحماقة أعطت باكستان اكثر من 33 مليار دولار من المساعدات في السنوات الـ15 الأخيرة، في حين لم يعطونا سوى الأكاذيب والخداع معتقدين أن قادتنا أغبياء". واضاف "انهم يقدمون ملاذا آمنا للارهابيين الذين نتعقبهم في افغانستان. انتهى الامر!".

ونفى القادة الباكستانيون صحة الرقم الذي ذكره ترامب مؤكدين ان نصفه تقريبا استرداد تكاليف. كما اتهم مكتب رئيس الوزراء الباكستاني ترامب بتجاهل التضحيات الكبرى التي بذلها بلده لمكافحة التطرف.

وتؤكد باكستان انها تكبدت خسائر في الارواح فاقت 62 الف شخص واضرارا تجاوزت 123 مليار دولار منذ 2003، كما يؤكد جيشها القضاء على ملاذات الاسلاميين المسلحين.

في المجالس الخاصة يشدد الدبلوماسيون الاميركيون على ان العلاقة الثناية ليست في أزمة، ويشيرون إلى زيارة كل من وزيري الخارجية والدفاع ريكس تيلرسون وجيم ماتيس إلى باكستان مؤخرا.

كما يؤكدون ان باكستان لا ترفض مقاتلة شبكة حقاني، لكن العاصمتين على خلاف بشأن الوقائع الميدانية وسط رصد الاستخبارات الاميركية لاسلاميين مسلحين يتحركون بحرية.

الشدة في المواجهة

شددت نويرت على ان المساعدات لم تلغ، لافتة إلى امكان استئنافها اذا ما اتخذت باكستان خطوات تثبت التزامها مكافحة المجموعات الجهادية. وقالت ان "الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع باكستان في مكافحة جميع الارهابيين بلا تمييز"

وتابعت "نأمل ايضا في تجديد وتعزيز علاقتنا الامنية الثنائية عندما تثبت باكستان استعدادها للشدة في مواجهة طالبان افغانستان وشبكة حقاني وغيرهما من الجماعات الارهابية والمسلحة التي تعمل انطلاقا من هذا البلد".

وختمت مؤكدة "لذا لن نسلم معدات عسكرية او نحول اموالا متصلة بالامن الى باكستان إلا اذا كان أمرا يفرضه القانون".