اسطنبول: تحول الخلاف المحتدم منذ فترة طويلة بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وسلفه عبد الله غول إلى جدل علني صاخب، ما يثير تساؤلات بشأن الطموحات السياسية للرئيس السابق.

وكان غول واردوغان شاركا في تأسيس حزب العدالة والتنمية، المنبثق من التيار الاسلامي، الذي يسيطر على الساحة السياسية التركية منذ 2002 ، وتولى غول مذاك مناصب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ورئيس الجمهورية بين 2007 و2014.

لزم غول الصمت بعد انكفائه عن الساحة السياسية، فيما انكب اردوغان على توسيع صلاحيات الرئاسة، قبل ان تنتشر الشائعات حول استياء الرئيس السابق من المسار الذي اتخذته تركيا، وسط مرارة استبعاده من الحزب الحاكم.

وأفيد عن امتعاض غول خصوصا من الاستفتاء الذي دعا اليه اردوغان في نيسان/ابريل الماضي لتوسيع الصلاحيات الرئاسية، وفاز فيه بفارق بسيط.

لكن اقرار مرسوم طوارئ في الشهر الفائت نص على اعفاء المدنيين من المحاسبة القانونية على اي عمل أسهم في إحباط محاولة انقلاب 2016، أثار المخاوف من هيمنة الغوغاء واستدعى تدخلا نادرا من غول.

واعتبر الرئيس السابق يومها ان المرسوم "يثير القلق على مستوى فهم حكم القانون" ويهدد "بتطورات في المستقبل قد تثير استياءنا جميعا".

ورد اردوغان، من دون ذكر غول بالاسم، مؤكدا ان الذين يشعرهم المرسوم بالقلق لا يختلفون بشيء عن رافضي التعديلات الدستورية في استفتاء نيسان/ابريل.

- "أول الغيث" -
كما ساهم الكاتب الموالي لاردوغان في صحيفة حرييت عبد القادر سلوي في اذكاء الخلاف عندما اشار الى سريان معلومات بشأن احتمال ترشح غول عن معسكر المعارضة لمواجهة اردوغان في استحقاق 2019.

وقال ان اردوغان سبق ان "ادرك المؤامرة" لافتا الى ان الخلاف حول مرسوم الحصانة ليس "الا اول الغيث".

كما رد غول على انتقادات "بعض النواب" مؤكدا انهم "تجاوزوا حدود الاخلاق".

وقال "كشخص يؤمن بحرية الفكر والتعبير، أحد المبادئ المؤسسة لحزبنا، سأواصل التعبير عن آرائي في المناسبات التي اعتبرها ملائمة".

وأعتبرت صحيفة "أيدِنلك" ان غول يقوم بـ"جولات انتخابية" عبر برنامج سفر مكثف يشمل زيارات الى قطر والسعودية وبريطانيا، وسط تواصل وثيق مع رئيس الوزراء السابق احمد داود اوغلو الذي استبعد في 2016.

- "اكثر شجاعة" -
وأشار محللون الى ان الخلاف الجاري يعكس خطوة جديدة يتخذها غول، المعروف بحذره الشديد، الذي نجح حتى الساعة في ابقاء اي انتقاد لحليفه السابق ضمن الحيز الخاص.

لكنه من السابق لأوانه الافتراض ان غول يشكل تحديا لاردوغان استعدادا لانتخابات 2019 الرئاسية قد ينعكس في مواجهة انتخابية.

وقال عادل غور مدير معهد ايه ان جي للابحاث الذي يجري استطلاعات للراي لوكالة فرانس برس ان "الرجلين لم يكونا خصمين في اي وقت رغم ظهور خلافات بينهما بين الفترة والأخرى".

وتابع "اعتقد ان غول لن يدخل الحملة بصفة مرشح، وحتى إن فعل فلا اظن انه يملك اي فرصة".

واندلع الخلاف للمرة الأولى في ايار/مايو - حزيران/يونيو 2013 بعد رفض اردوغان اي تنازل في مواجهة احتجاجات مناهضة للحكومة فيما أيد غول مقاربة أكثر تصالحية.

ويبدو ان الاستفتاء حول الصلاحيات الرئاسية شكل نقطة اللاعودة، مع معلومات عن رفض غول تأييد خطة النظام الرئاسي اثناء اجتماع ساده التوتر واستغرق ساعات مع اردوغان قبل اجرائه.

واعتبر الباحث في برنامج طريق الحرير للدراسات في اسطنبول غاريث جنكينز ان الفرصة الفضلى لعودة غول الى الصف الاول على الساحة السياسية قد تكون من ضمن حزب العدالة والتنمية، إن شهد تمردا في صفوفه.

وتابع ان تشكيل اي تحد جدي يتطلب استعادة غول ثقة خصوم اردوغان، المفقودة بسبب صمته المطول بشأن عدة مسائل حيوية وتفاديه المواجهة العلنية.

وقال جنكينز "سيترتب عليه القيام بتضحيات كثيرة والاستعداد للمخاطرة قبل ان يتعامل معه احد بجدية بصفته خصما".

لكنه اقر ان غول، رغم ذلك، بدا "اكثر شجاعة بقليل" في الاسبوع الفائت مما كان عليه في الماضي.