الرباط: أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، اليوم السبت، عن "قلقه البالغ" إزاء التوترات الأخيرة المتزايدة بالقرب من الكركارات ( المنطقة العازلة بالصحراء)، والناجمة عن الانتهاك الصارخ من طرف جبهة البوليساريو لوقف إطلاق النار الموقع سنة 1991.

وقال المتحدث باسم غوتيريس، فرحان حق، في بيان، إن "الأمين العام قلق بشكل عميق إزاء التوترات الأخيرة المتزايدة في المنطقة المجاورة للكركارات، في المنطقة العازلة".

وشدد غوتيريس على أن "انسحاب عناصر جبهة البوليساريو من الكركارات في أبريل الماضي، إلى جانب انسحاب العناصر المغربية من المنطقة في وقت سابق، كان أمرًا حاسمًا لتهيئة بيئة تفضي إلى استئناف الحوار برعاية مبعوثه الشخصي هورست كولر".

ودعا الأمين العام، في هذا السياق،إلى "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب تصعيد التوترات"، مشددًا على "ضرورة عدم عرقلة حركة المرور المدنية والتجارية العادية وعدم اتخاذ أي إجراء قد يشكل تغييرًا في الوضع الراهن".

في غضون ذلك ، قال عمر هلال، السفير والممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة في تصريح لوكالة الانباء المغربية ، إنه أخذ علمًا، وبتقدير، ببيان الامين العام للأمم المتحدة الصادر اليوم السبت، حول الاستفزازات الأخيرة لـ"بوليساريو" في منطقة الكركارات بالصحراء المغربية، مشددًا على أن الأمين العام يشاطر المملكة المغربية بشكل كامل قلقها العميق إزاء انتهاكات الاتفاقات العسكرية والتهديدات بخرق وقف إطلاق النار من طرف "بوليساريو".

عمر هلال، السفير والممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة

وقال هلال إن المغرب اتخذ مساعيَ على جميع المستويات منذ ظهور أولى عناصر جبهة البوليساريو في المنطقة العازلة بالكركارات في 3 يناير الجاري، مضيفا أن هذه العناصر وبعد اعتراض سبيل المشاركين في "رالي تحدي الصحراء"، اضطرت إلى مغادرة المكان بأمر من " مينورسو" .

وقال إن المغرب عاد أمس الجمعة الى كبار المسؤولين في الأمانة العامة للأمم المتحدة ، ونبه أعضاء مجلس الامن الـ15 لخطورة انتشار عناصر مسلحة جديدة من "بوليساريو" بالكركارات، صباح الجمعة، وتهديدات هذه الأخيرة بمنع مرور، يوم الاثنين 8 يناير، رالي "إفريقيا إيكو رايس". ودعت المملكة كافة محاوريها لتحمل مسؤولياتهم فورا وبشكل حازم ومطالبة جبهة البوليساريو بمغادرة منطقة الكركارات بشكل فوري ودون قيد أو شرط.

وأضاف الدبلوماسي المغربي أن المملكة تدين بشدة هذه الأعمال الاستفزازية المتكررة التي تقوم بها جبهة البوليساريو ، والتي تنتهك الاتفاقات العسكرية، وتهدد وقف إطلاق النار القائم منذ سنة 1991 وتمس بشكل خطير بالأمن والاستقرار في المنطقة، معتبرًا أن هذه التحركات غير المسؤولة من طرف جبهة البوليساريو تشكل تحديًا للمجتمع الدولي وإهانة للأمين العام ولمجلس الأمن.

وسجل الدبلوماسي المغربي أن البيان الذي أدلى به الأمين العام للامم المتحدة واضح وقوي في الأمر الموجه إلى "بوليساريو" كي لا تعيق، بأي شكل من الأشكال، حرية التنقل المدني والتجاري. وهو ما يشكل رفضًا قاطعًا وقويًا لاستفزازات " بوليساريو " ولعرقلتها لحرية التنقل في المنطقة العازلة في الكركارات.

وفضلا عن ذلك، يضيف هلال، وجه الأمين العام رسالة مباشرة وحازمة إلى جبهة البوليساريو من خلال تأكيده على ضرورة "عدم اتخاذ أي إجراء قد يشكل تغييراً في الوضع الراهن في المنطقة العازلة". ولذلك، يقول السفير المغربي، فإن وجود جبهة البوليساريو بالكركارات غير قانوني لأنه ينتهك الاتفاقات السارية ويسعى لتغيير وضع المنطقة. وبالتالي فثمة ضرورة ملحة لانسحاب جبهة البوليساريو فورًا ودون قيد أو شرط، من أجل العودة إلى الوضع الذي كان قائما.

وحذر هلال من أن المناورات الحالية التي تقوم بها "بوليساريو " تهدف بشكل يائس إلى تكرار نفس سيناريو أزمة مارس وأبريل الماضيين. وقد أبانت "بوليساريو" بهذا عن قصور في الذاكرة، إذ نسيت أنه تم إجبارها على سحب عناصرها المسلحة من قبل مجلس الأمن الذي منحها مهلة 15 يومًا للامتثال لأمر الانسحاب.

وأعرب السفير المغربي عن الأسف العميق لأن تكرار هذا السيناريو هو دليل على أن جبهة البوليساريو والجزائر، التي تمولها وتسلحها وتقتني العربات التي تقطع الطريق بالكركارات، لم تستخلصا العبر من فشلهما الذريع في أبريل الماضي.

وردًا على سؤال حول تذكير الأمين العام بالصلة بين انسحاب "بوليساريو " وضرورة تهيئة جو يفضي إلى استئناف الحوار السياسي، أجاب هلال بأن تحذير غوتيريس "مهم جدًا، لأن هذا الأخير يدرك أنه لا مجال لمسلسل سياسي عندما تختار الأطراف الأخرى الاستفزاز والتصعيد".

وأوضح هلال أن المملكة المغربية، شأنها في ذلك شأن الأمين العام وأعضاء مجلس الأمن، ترى أن استفزازات "بوليساريو " تتناقض مع الجهود الحالية لكولر لإحياء العملية السياسية.

وحذر سفير المغرب من أن أي مسلسل سياسي غير ممكن طالما أمعنت الأطراف الأخرى في انتهاكاتها المتكررة للاتفاقات العسكرية ولوقف إطلاق النار، وكذلك في تكتيكاتها المعتادة لإذكاء التوتر والتأزيم عشية الاستحقاقات الأممية.وكما ذكر بذلك بيان الأمين العام الصادر هذا الصباح، يضيف هلال، فإن المسلسل السياسي بحاجة ماسة إلى جو من الهدوء واحترام الالتزامات المتعهد بها.

وخلص هلال الى أن "المملكة المغربية أوفت بالتزاماتها منذ أزمة العام الماضي ولم تقم بأي عمل يؤثر على الوضع بالمنطقة العازلة في الكركارات، كما أنها تتحلى بضبط النفس انسجامًا مع الرغبة المعبر عنها من طرف الأمين العام، غير أن لصبرها حدوداً".