«إيلاف» من القاهرة: قبل نحو أسبوع واحد من فتح باب الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية القادمة، لم يعلن الإخوان المسلمون وأنصارهم من التيارات الإسلامية موقفهم الواضح نحو دعم أو تأييد مرشح بعينه، فبرغم الضربات الأمنية التي تعرضت لها جماعة الإخوان واعتقال معظم قياداتها بعد ثورة الثلاثين من يونيو، إلا أنها لا تزال ينظر لها على أنها القوى الكبرى في ترجيح كفة مرشح على آخر في الانتخابات بأشكالها المختلفة؛ نظرًا لقوتها التنظيمية الهائلة في توجيه أعضائها إلى انتخاب مرشح بعينه، هذا وقد وضع الخبراء السياسيون عددًا من السيناريوهات بشأن موقف الإخوان والتيارات الإسلامية المشاركة في الانتخابات الرئاسية، منها دعم المرشح المنافس للرئيس السيسي، أو مطالبة الناخبين بمقاطعة الانتخابات الرئاسية لإحراج الرئيس السيسي داخليًا وخارجيًا، ومن السيناريوهات أيضا التمسك بشرعية مرسي وكونه مازال الرئيس الشرعي للبلاد، وأن مشاركة الإخوان في الانتخابات تسقط تلك الشرعية، وتقر بثورة 30 يونيو.

غموض القرار 

غموض موقف جماعة الإخوان من المشاركة في الانتخابات الرئاسية يوضح من خلال التصريحات المتضاربة والمتناقضة التي خرجت من قيادتها داخل وخارج مصر، فقد طالب محمد سويدان، مسؤول العلاقات الخارجية بجماعة الإخوان، مشاركة الجماعة بأي وسيلة في انتخابات الرئاسة المقبلة، واعتبر سويدان _ المحسوب على جبهة محمود عزت القائم بأعمال المرشد_ وهي الجبهة الأكثر قوة وسيطرة على التنظيم، أن مشاركة الجماعة في انتخابات 2018 سواء بالدفع بمرشح أو دعم آخر تعد فرصة قوية للتنظيم للعودة مرة أخرى للمشهد، قائلاً: "انتخابات الرئاسة 2018 فرصة يجب على الإخوان استغلالها بشكل جيد؛ لتحسين موقفها وللإفراج عن قياداتها"، كما أيد الدكتور محمد محسوب القيادي بتحالف الإخوان والهارب خارج البلاد، مشاركة الجماعة في الانتخابات الرئاسية، معتبرًا أنها فرصة مهمة للتغيير، ويجب على الجماعة الإسلامية استغلالها بشكل جيد لإنهاء ظلم النظام الحالي، وعلى النقيض تمامًا رفضت الجبهة المناهضة لفريق محمود عزت _ القائم بأعمال مرشد الإخوان والمعروفة باسم جبهة محمد كمال _ الدعوات للمطالبة بمشاركة الإخوان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، معتبرين ذلك نوعًا من التطبيع مع نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما أعلن شباب الإخوان في مصر المشاركة في الانتخابات الرئاسية ومساندة أي من المرشحين أمام السيسي، وفي الوقت نفسه في شهر سبتمبر من العام الماضي 2017، قال المتحدث باسم جماعة "الإخوان المسلمين"، طلعت فهمي: "إن الجماعة لا تعترف بأي انتخابات ستجرى في مصر، ولا علاقة لها بها لا من قريب ولا بعيد".

وأوضح فهمي : "نرى أن أي انتخابات رئاسية أو برلمانية أو حتى محلية لا يوجد فيها الرئيس الشرعي محمد مرسي، فإن دعوة الشعب إلى إجرائها تعد باطلة دستوريًا، وتمثل تعديًا على المكتسبات التي حصل عليها الشعب في ثورة يناير 2011"، وشدد المتحدث باسم الإخوان على أن (مرسي) لا يزال هو الرئيس الشرعي للبلاد، ولم يفوض صلاحياته لأحد، والجماعة لم ولن تعترف بأي انتخابات ستجرى بخلاف ذلك.

سيناريو المقاطعة 

وفي هذا الإطار، يشير الدكتور عبدالسلام النويري، أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز المستقبل للدراسات السياسية، إلى وجود حالة من الانقسام الشديد داخل جماعة الإخوان وأنصارهم بشأن قرار المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة من عدمه، فهناك تيارات إسلامية وعلى رأسها الأحزاب الإسلامية تؤيد فكرة انتخاب أي شخص ينافس الرئيس عبد الفتاح السيسي، بسبب الخلاف الكبير بين الجانبين.

وأضاف النويري لـ"إيلاف":" أنه في حال ترشح الفريق سامي عنان بشكل نهائي في الانتخابات، فإن موقف جماعة الإخوان المسلمين سيكون بشكل كبير مؤيدًا له؛ لكونه المرشح الأكثر حظًا في المنافسة في الانتخابات، ولعلاقاته القوية مع الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، الحاضن الأكبر لجماعة الإخوان المسلمين وقادتها، أما في حال عدم ترشح عنان، فإن الإخوان سيقومون بتنظيم حملات شعبية تطالب الناخبين بمقاطعة الانتخابات مما يضع السيسي في مأزق كبير أمام العالم، ويؤكد تراجع شعبيته بشكل كبير عمّا حدث في نتائج الانتخابات الرئاسية 2014.

دون تأثير 

من جهته، قال الدكتور صلاح حسب الله، أستاذ العلوم السياسية وعضو مجلس النواب:" إن الإخوان ليس لهم تواجد داخل الشارع المصري، وبالتالي فإن السيناريو الأقرب لهم مقاطعة الانتخابات الرئاسية، خاصة وأنهم لا يستطيعون الإعلان عن دعم مرشح بعينه بشكل صريح من الأساس، كما أن لجوء أي مرشح في الانتخابات لطلب دعم الإخوان لن يصب في صالحه، وهو الأمر الذي يدركه الجميع ". 

وأكد عضو مجلس النواب لـ”إيلاف" أن الانتخابات المقبلة تكاد تكون محسومة للرئيس عبد الفتاح السيسي، فمازال يحتفظ بثقة الشعب، والإخوان يدركون ذلك جيدًا، وبالتالي لن يكون هناك أي تأثير من قريب أو بعيد للتيارات الإسلامية أو الإخوان على نتائج الانتخابات المقبلة .