دعا قادة اليونان وقبرص والأردن في أول قمة ثلاثية من نوعها جمعتهم في نيقوسيا إلى وجوب تحديد وضع مدينة القدس ضمن إطار تسوية شاملة ودائمة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين.

إيلاف: وقع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس ورئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس، يوم الثلاثاء، بيانًا مشتركًا، أكدوا فيه تمسكهم بموقفهم المشترك بأن وضع القدس، يجب أن يتم تحديده في إطار حل شامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة قبل خطوط يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل".

وأعرب القادة الثلاثة عن تقدير "المساهمة البناءة والمهمة" للأردن في عملية السلام وجهود الملك عبد الله الثاني في "الدفاع عن المواقع المقدسة في المدينة والحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس".

يذكر أن قرار ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها أثار غضب البلدان العربية والإسلامية وحتى حلفاء الولايات المتحدة حول العالم.

وركزت مناقشات القمة على العلاقات بين الأردن وكل من قبرص واليونان، والتطورات الإقليمية الراهنة. حيث تم التأكيد على أهمية البناء على علاقات الصداقة التي تجمع بين الأردن وقبرص واليونان، وبما يؤسس إلى شراكة مثمرة تفضي إلى توسيع آفاق التعاون بينهم في العديد من المجالات، وتسهم في تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. كما تناولت الجهود الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب، ضمن استراتيجية شمولية.

التعاون الثلاثي
تضمنت الجلسة الأولى من المشاورات الثلاثية كذلك محاور عدة، ومنها بحث أوجه التعاون بين الأردن وقبرص واليونان في مجالات تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات، وأيضًا في قطاعات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، والسياحة، والزراعة، والملاحة والشحن البحري، إضافة إلى مكانة العقبة كمركز للشحن البحري والدخول للأسواق الأفريقية، وحماية الآثار، والنقل التجاري، والصحة. كما تناولت الجلسة محورًا عن التطورات المتعلقة بالحرب على الإرهاب.

الاتحاد الأوروبي
وركزت الجلسة الثانية من المشاورات الثلاثية على علاقات الأردن مع الاتحاد الأوروبي، من خلال الاتحاد من أجل المتوسط، إضافة إلى التطورات المرتبطة بعملية السلام، والأوضاع في سوريا والعراق، وأزمات اللجوء والهجرة.

وفي تصريحات صحفية مشتركة له والرئيس القبرصي ورئيس الوزراء اليوناني، عقب القمة الثلاثية، أكد العاهل الأردني أهمية القمة في الارتقاء بعلاقات الشراكة بين الأردن وقبرص واليونان، وبما يخدم مصالح شعوبهم والمنطقة.

وقال: "أود أن أعبّر مجددًا عن سعادتي بحضور هذه القمة اليوم، وأن أشكر صديقي الرئيس أناستاسياديس على ترحيبه الحار في زيارتي الثانية لبلدكم. شهد اليوم انطلاقة ما نأمل أن يتطور إلى شراكة ثلاثية مثمرة تعود بالفائدة على شعوبنا ومنطقتنا بشكل أوسع".

مجالات حيوية 
أضاف: "نحن ملتزمون بالتعاون في مجالات حيوية مثل الطاقة، والمياه، والزراعة، والسياحة. كما أشرتم فإن الاتفاقيات التي سنوقعها اليوم ستساعدنا بلا شك على الارتقاء بعلاقاتنا إلى مستويات أعلى".

وأشار الملك عبدالله الثاني إلى أن "إنشاء الشراكات بين القطاع الخاص في دولنا الثلاث في هذه المجالات الواعدة سيوفر الوظائف والفرص لشعوبنا، ومن شأنه أيضًا أن يعود بالمنفعة على منطقتنا بتعزيز الازدهار والتعاون".

وقال: "لا يخفى على أحد أننا نعيش في منطقة تواجه الكثير من المصاعب، فهي مليئة بالتحديات، ولكنها تعد بالكثير من الفرص أيضاً، وإذا عملنا سوية، فإن قدرتنا على الاستفادة من هذه الفرص ومواجهة هذه التحديات ستزداد أضعافًا مضاعفة".

شراكة أوروبية
وتابع عاهل الأردن: "في محادثاتنا المكثفة والبناءة اليوم، اتفقنا على الاستمرار في التعاون ضمن إطار شراكة الأردن مع الاتحاد الأوروبي. ونحن نتطلع إلى العمل مع قبرص واليونان للاستفادة من اتفاق تبسيط قواعد المنشأ مع الاتحاد الأوروبي في تطوير صناعاتنا المحلية وزيادة صادراتنا إلى أوروبا".

وقال: "إضافة إلى ذلك، فقد تطرقت نقاشاتنا اليوم إلى أهم القضايا الإقليمية والعالمية. إن الأردن مستمر في دعمه لجهود حكومة جمهورية قبرص في الوصول إلى حل شامل وعادل ودائم لقضية قبرص وفقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون الدولي".

الشرق الأوسط
بالنسبة إلى الأوضاع في الشرق الأوسط، أكد الملك عبدالله الثاني أنه "لا يمكن أن يحل السلام والاستقرار من دون الوصول إلى حل دائم وعادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والقدس هي مفتاح الحل"، مشددًا على أنه "يجب أن تتم تسوية موضوع القدس ضمن إطار اتفاق سلام شامل يستند إلى حل الدولتين الذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، والتي تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل".

كما أكد أن أي قرار أحادي حول القدس لن يغيّر الحقائق القانونية والتاريخية، ولن يقوّض حقوق المسلمين والمسيحيين في المدينة المقدسة، مشددًا على أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس هي مسؤولية دينية وتاريخية يستمر الأردن بالنهوض بها.

القدس
وأضاف أن "للعالم أجمع مصلحة ومسؤولية تجاه القدس والقضية الفلسطينية. فجميعنا معني في تحقيق السلام وتفادي تبعات المزيد من التصعيد. وهنا، بإمكان الاتحاد الأوروبي المساهمة في الجهود الساعية إلى إعادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات".

الإرهاب
وقال العاهل الأردني إن "الأردن، وقبرص، واليونان ملتزمون أيضًا بمحاربة الإرهاب والتطرف، اللذين يهددان العالم، ضمن نهج شمولي. لذا، يعمل الأردن من خلال اجتماعات العقبة على جمع الحلفاء وجميع الأطراف المعنية معًا لمناقشة كيفية تحسين التنسيق بهدف إغلاق جميع الأبواب أمام الإرهابيين والمتطرفين حول العالم، وهنا أود مجددًا أن أشكر قبرص على دورها في هذا المجال".

ولفت إلى "أن الانتصارات التي حققها العراق ضد الإرهاب والمكاسب التي تحققت في سوريا تشير إلى تقدم فعلي في محاربة الإرهاب، ولكن، يجب عدم السماح للعصابات الإرهابية أن تعيد تنظيم نفسها من جديد، وأن تجد موطئ قدم لها في مكان آخر".

سوريا 
وفي ما يخص سوريا، قال الملك عبدلله الثاني: نحن نؤكد أهمية البناء على محادثات أستانة للوصول إلى حل سياسي من خلال مسار جنيف يحفظ وحدة وسلامة الأراضي السورية ويحقق تطلعات الشعب السوري. وفي الوقت الراهن، فإن محنة اللاجئين السوريين مستمرة كشأن دولي، وتحتاج الدول المستضيفة للاجئين مثل الأردن دعم العالم ومساندته".

وقال: "تشكل استضافتنا للاجئين حملًا هائلًا يثقل كاهلنا، ولا يمكن تركنا وحيدين في الاضطلاع بهذه المسؤولية الإنسانية بالنيابة عن العالم أجمع".

في الختام، شكر العاهل الأردني، الرئيسين اليوناني والقبرصي، على الدور الذي يقومون به ضمن الاتحاد الأوروبي "لتقدير ما يواجهه الأردن من تحديات والوقوف إلى جانبنا في مواجهة هذه التحديات".

وقال: "هذه بعض القضايا التي ستعمل دولنا عليها بشكل مكثف، ونحن نرسي هذه الشراكة الثلاثية. ونتطلع إلى البناء على ما تم الاتفاق عليه اليوم".