باريس: اكدت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها السنوي ان مقاومة الشعبوية امر ممكن، مشيدة "بالهجوم المضاد" السياسي او من قبل حركات الجماهيرية في العالم تحت تأثير صدمة انتخاب دونالد ترامب العام الماضي، بدون ان تنسى الازمات المستمرة من اليمن الى بورما.

وقال المدير التنفيذي للمنظمة كينيث روث في مقابلة مع وكالة فرانس برس "قبل عام وبينما كان دونالد ترامب يدخل الى البيت الابيض" في الولايات المتحدة "كنا في حالة يأس". واضاف "كان لدينا انطباع بان الشعبويين المستبدين في اوج صعودهم ولا يمكننا فعل اي شيء لوقفهم".

وبينما ترسم وثيقتها المرجعية التي تستعرض الوضع في تسعين بلدا، صورة قاتمة لانتهاكات حقوق الانسان التي رصدتها في العالم، اختارت المنظمة غير الحكومية هذه السنة التركيز على جوانب تدعو الى التفاؤل.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" معبرة عن ارتياحها في بيان ان "القادة السياسيين الراغبين في النضال من أجل مبادئ حقوق الإنسان أظهروا أنه يمكنهم وضع حد للخطط الشعبوية الاستبدادية". واضافت "عندما تضافرت جهود هؤلاء القادة مع تحركات الجماهير والفاعلين النشطين من عدة خلفيات، أثبتوا أن صعود الحكومات المناهضة للحقوق ليس حتميا".

وشكل فوز ترامب بالرئاسة نبأ سيئا العام الماضي في نظر المنظمة، لكنها اعتبرت في تقريرها السنوي لعام 2018 ان فوز نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون يشكل "المثال الاوضح لنجاح مقاومة الشعبوية".

وقال كينيث روث ان ماكرون "خاض فعلا حملته بالدفاع عن الديموقراطية وحقق فوزا كبيرا اما منافسة اقل تسامحا بكثير وحاقدة"، في اشارة الى مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، وان كان معدو التقرير رأوا ان "الأشهر الأولى له في منصبه اظهرت سجلا مختلطا على (...) مع سياساته لمكافحة الإرهاب وزيارته الصامتة للصين بما يدعو إلى القلق".

- "فظائع جماعية" -
قالت "هيومن رايتس ووتش" انه "في أوروبا الوسطى واجهت الحكومات الشعبوية الاستبدادية أيضا مقاومة" شعبية وكذلك من الاتحاد الاوروبي. وذكرت خصوصا بولندا والمجر. 

وتحدث التقرير عن تعبئة الشارع ضد "جهود الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الرامية إلى افراغ الديموقراطية من مضمونها في فنزويلا". كما تحدث عن "مسيرة النساء في الولايات المتحدة" التي تحولت الى "ظاهرة عالمية لدعم حقوق المرأة (...) حتى قبل حركة #أنا أيضا" ضد التحرش الجنسي.

وحول الولايات المتحدة، عبر روث عن ارتياحه "لموجة المقاومة من قبل من قبل قضاة وقادة سياسيين ومجموعات مواطنين وكذلك الرأي بشكل عام".

وقال ان ترامب "سبب الكثير من الاضرار لكن تم احتواء هذه الاضرار خصوصا جهوده لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة ولتقليص برنامج التأمين الصحي" او حتى "لمنع المتحولين جنسيا من الخدمة في الجيش الاميركي".

لكن التقرير لا يقتصر على الانباء السارة. وقال كينيث روث ان "بعض القوى الرئيسية التي كنا نميل الى الاعتماد عليها لتشجيع حقوق الانسان اختفت".

واضاف انها واحدة من العواقب السلبية الرئيسية لادارة ترامب التي تغيب عن هذه الجبهة الا اذا كان الامر يتعلق بادانة "اعدائها اللدودين" مثل ايران وفنزويلا. وذكر خصوصا بريطانيا التي باتت "منشغلة ببريكست" ما يمنعها من لعب دور اساسي في هذا المجال.

ونقلت المنظمة في بيانها عن روث تحذيره من "تراجع الحكومات التي قد تدافع عن حقوق الإنسان بما فيها الولايات المتحدة، المملكة المتحدة المشغولة بخروجها من الاتحاد الأوروبي، والبلدان الأوروبية التي تتصدى لتأثير الشعبويين الكارهين للأجانب".

واضافت ان "تردد هذه الدول خلف فراغا انتشرت فيه الفظائع الجماعية، في كثير من الأحيان دون رقابة، في بلدان مثل اليمن وسوريا وبورما وجنوب السودان".

لكنها قالت ان "عديدا من الدول الصغيرة والمتوسطة قفزت إلى الواجهة"، مثل هولندا ولشتنشتاين وايسلندا و"احدثت فرقا" بتحركها بشأن بعض المناطق التي تشهد ازمات.

وعبرت المنظمة عن اسفها لانه في النمسا وهولندا "تنافس زعماء أحزاب يمين الوسط عن طريق اعتماد مواقف كراهية الأجانب ومهاجمة المهاجرين والمسلمين، ومن ثم تعميم السياسات الشعبوية المسيئة".

ومن هذه الصورة المتناقضة، يستخلص روث "درسا" يفيد ان "هناك معركة جارية" ضد الشعبوية وانها "معركة تستحق ان تخاض".