إيلاف من لندن: حاولت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي وضيفها الفرنسي إيمانويل ماكرون محاصرة قضاياهما الخلافية حول الحدود والخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي في محادثات قمة يوم الخميس، وهذه القمة هي الخامسة والثلاين من نوعها بين فرنسا وبريطانيا في العصر الحديث.

وجرت المحادثات بين ماي وماكرون في أكاديمية ساندهيرست العسكرية بعد ظهر الخميس بعد "الاستمتاع" بغداء فى حانة رويال اوك التقليدية فى دائرة ميدينهيد التي تمثلها تيريزا ماي في مجلس العموم.

وجرى لماكرون ستقبال رسمي عسكري في أكاديمية سانهيرست حيث عزفت الموسقى الملكية النشيد الوطني الفرنسي لاماتينيز.

وتركزت محادثات الرئيس الفرنسي ورئيسة الوزراء البريطانية على عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز العلاقات الثنائية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

الهجرة

وجاءت قضية الهجرة على رأس القضايا التي تم تناولها خلال القمة، حيث يبحث الطرفان سبل تحسين الإدارة المشتركة للحدود في مدينة كاليه، الواقعة شمال فرنسا والمقابلة للساحل البريطاني، والتي يتوافد عليها المهاجرون الراغبون في السفر إلى المملكة المتحدة. وكان ماكرون زار كاليه أمس الأول الثلاثاء لبحث الوضع هناك حيث زار مركز استقبال للمهاجرين وتحدث مع اللاجئين.

وتعاني مدينة كاليه- وهي من بين أفقر المناطق في فرنسا- من معدل بطالة مرتفع فضلا عن قصور الموارد العامة نتيجة تدفق المهاجرين من أفريقيا والشرق الأوسط. 

ولايزال المئات من طالبي اللجوء والمهاجرين والفارين بسبب الأوضاع الاقتصادية موجودين في كاليه، بينما ما زال آخرون يتدفقون إليها سعياً للوصول إلى بريطانيا.

بروتوكول إضافي

وقالت مصادر قريبة من القمة ماكرون وماي بحثا في "بروتوكول إضافي" مكمل لاتفاقية "لو توكيه" الموقعة بين البلدين في 2003، والتي تقضي بتواجد عناصر من شرطة الحدود البريطانية بصورة مشتركة مع الشرطة الفرنسية في كاليه لفحص أوراق المطالبين بالهجرة إلى بريطانيا، مع وضع حواجز وتحصينات تمنع تسلل المهاجرين غير الشرعيين إلى السفن والشاحنات التي تعبر المانش إلى بريطانيا.

وقد طرحت عدة مرات مسألة إعادة التفاوض بشأن هذه المعاهدة حيث ينظر إليها المسئولون الفرنسيون على أنها تصب في مصلحة بريطانيا بشكل أكبر وساهمت في تدفق المهاجرين على كاليه لأنها أقرب نقطة من الشواطئ البريطانية حيث يحاول كثيرون القفز في شاحنات وقطارات مارة عبر القنال الإنكليزي للذهاب إلى بريطانيا الواقعة على بعد 30 كيلومتراً فقط، وارتفعت أصوات كثيرة في فرنسا للتنديد بواقع تحمل باريس آثار مشكلة تخص لندن بالأساس.

وسيركز البروتوكول الإضافي بشكل أساسي على القاصرين وطالبي اللجوء والراغبين في الالتحاق بذويهم، كما سيتضمن التزامات محددة لدراسة الطلبات في بضعة أيام، فضلا عن مساهمة مالية كبيرة ستقدمها المملكة المتحدة إلى فرنسا.

الأمن والدفاع

كما تناول محادثات القمة أيضا تعزيز التعاون في مجال الأمن والدفاع امتدادا لاتفاقات لانكاستر هاوس، الموقعة عام 2010 وتنص على إنشاء قوة مشتركة قوامها بضعة آلاف عنصر، ورصد موارد وقدرات مشتركة في مجال الصناعة الدفاعية.

وفي هذا السياق بحث الطرفان سبل تعزيز التعاون الدفاعي والأمني خاصة في مجال الصواريخ والرصد في أعماق البحار وتجديد التأكيد على مشروع الطائرة العسكرية بدون طيار الفرنسية البريطانية.

وكان مراقبون توقعوا أن تعلن ماي خلال القمة عن دعمها لفرنسا في عملياتها العسكرية الخارجية لا سيما القوة العسكرية الفرنسية الموجودة في منطقة الساحل الأفريقي، حيث يرجح أن تنشر المملكة المتحدة وسائط مراقبة ومروحيات في الساحل.
كما تناولت القمة من جانب آخر، إمكانية تطوير عمل مشترك من أجل البيئة والمناخ وتعزيز التنقل بين البلدين.

ضوء أخضر

وبالنظر إلى قرار الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي بإعطاء الضوء الأخضر لانطلاق المرحلة الثانية من مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كان لـ"بريكست" خلال المحادثات بين ماكرون وماي حيث حرصت كل من لندن وباريس دائما على إبداء تمسكهما بالعلاقة الاستراتيجية بينهما والتأكيد على أنها لن تتأثر بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وكانت هناك مخاوف من أن يعرقل ماكرون التوصل إلى اتفاق مبكر بشأن صفقة انتقالية بين بريطانيا والاتحاد الأووروبي في مجال الأعمال التجارية ووظائف الصيد غير المشروع.