في هذا العام، تحل مئوية الموسيقي العالمي ليونارد برنشتاين، الذي كان عازف بيانو مميزًا ومذيعًا رائدًا في مجاله ومعلمًا ومحاضرًا في جامعة هارفارد وكاتبًا وفاعل خير.

إيلاف من دبي: حين أرادت امرأة في ماساتشوستس في أواخر عشرينيات القرن الماضي أن تزيّن شعرها كنجمات السينما، كان ثمة رجل واحد يمكنها الذهاب إليه: إنه صمويل بيرنشتاين. في عام 1927، حصل رائد الأعمال المهاجر هذا، الذي وصل إلى نيويورك من روسيا القيصرية وهو في السادسة عشرة، على الترخيص الوحيد لبيع آلة تمويج الشعر. وكما رجال الأعمال في عصره، توقع أن يسير ابنه البكر على خطاه في شركته العائلية.

العازف العبقري المميز
إلا أن لويس برنشتاين، المولود في أغسطس 1918، والمعروف للجميع باسم "ليني" أو "ليونارد"، كان يتجه اتجاهًا مختلفًا. ما كان للأسرة تاريخ موسيقي يذكر، لكن ليني وجد نفسه وهو في العاشرة مجذوبًا إلى بيانو عمته كلارا. وعلى الرغم من معارضة والده فكرة أن تكون الموسيقى محور حياته، بقي مصممًا على شق طريقه بنفسه.

لاحقًا، اعترف صمويل بأن ابنه عبقري. في جواز سفره، وصف ليونارد بيرنشتاين نفسه بأنه "موسيقي" فحسب، في تواضع مميز من رجل يتمتع بإنجازات فريدة في تاريخ الموسيقى. كان بيرنشتاين قائد أوركسترا، سلط الضوء على الموسيقى الكلاسيكية من هايدن إلى ماهلر، من بارتوك إلى سترافينسكي. لم يكتف بتلحين روائع برودواي مثل "قصة الجانب الغربي"، بل تجاوها إلى الباليه والأوبرا والأعمال الأوركسترالية، الكورالية والصوتية.

كان ليني عازف بيانو مميزًا ومذيعًا رائدًا في مجاله، ومعلمًا، ومحاضرًا في جامعة هارفارد، وكاتبًا وفاعل خير. بدأت أسطورة بيرنشتاين في 14 نوفمبر 1943. 

بعدما أحيا حفلات عدة بعد عرض أول لأغنية "أنا أكره الموسيقى"، استيقظ يومًا وهو في الخامسة والعشرين على مكالمة هاتفية في التاسعة صباحًا يطلب فيها محدثه أن يحل محل المايسترو برونو والتر في حفل كبير بعد ظهر اليوم نفسه. كان مقررًا أن يتم البث الإذاعي الحي في جميع أنحاء البلاد لحفلة فرقة نيويورك الفيلهارمونية التي عزفت برنامجًا غنيًا بموسيقى شومان وشتراوس وواغنر، من دون تمرين. 

في اليوم التالي، صدرت صحيفة نيويورك تايمز وعلى صفحتها الاولى: "لا علامات على التوتر"، واصفة حاله وهو يقود الأوركسترا. حينها، كانت أميركا تسعى إلى شخصية موسيقية يمكن أن تسخر التقليد الكلاسيكي الأوروبي بطاقة محلية. ووجدت أميركا ضالتها.

رسم طريق المستقبل
أقبل بيرنشتاين على أنواع الموسيقى كلها، بما في ذلك موسيقى الجاز والموسيقى الشعبية والبلوز. كانت موسيقى بيرنشتاين الخاصة، سواء كانت مؤلفة على نية برودواي أو حفل في قاعة راقية، انتقائية. أما "نوتاته" فكان يرصفها بذكاء، ليرسم طريقًا مستقبليًا للموسيقيين، لا كان يمكن تصوره من دونه.

بقي الجانب السياسي في برنشتاين خفيًا. في ملفه لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي نحو 1000 مادة عنه. حين أفرج عن هذه الوثائق في عام 2011، ثبت أن الصراعات التي جسدها في حياته المهنية - بين الانقسام الكلاسيكي ومرحلة برودواي، بين المجد العام والعزلة لتأليف الموسيقى - كانت مرآة التوترات الداخلية التي عاشها كاي مثلي الجنس الذي أراد لاحقًا تكوين أسرة. 

في عام 1951، قالت له زوجته في رسالة: "أنت مثلي الجنس، ولا يجوز أن تتغير... أنا على استعداد لقبولك كما أنت". فبقيا متزوجين بسعادة حتى وفاتها في عام 1978.

في الثانية والسبعين من عمره، توفي بيرنشتاين في عام 1990. في هذا العام، ثمة أكثر من ألفي حدث موسيقة وثقافي لتكريم تراثه. من المدن الأميركية (نيويورك وبوسطن وفيلادلفيا وسان فرانسيسكو وواشنطن وشيكاغو) إلى أوروبا الشرقية والغربية (لندن وباريس وبرلين وفيينا وبودابست) إلى بلدان متنوعة ثقافيًا، مثل اليابان والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وإسرائيل، مرت 100 عام منذ ولادة برنشتاين، وهناك، على ما يبدو، مكان له في كل مكان.

 

أعدت «إيلاف» المادة نقلا عن الإيكونومست. المادة الأصل منشورة على الرابط التالي:

https://www.economist.com/news/books-and-arts/21735005-more-2000-events-around-world-will-celebrate-centenary-americas-greatest?frsc=dg%7Ce