حذر المحامي والبرلماني عبد اللطيف وهبي من الاستخفاف بتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان المغربي حول إدعاء التعرّض للتعذيب من طرف معتقلي احتجاجات الريف في سياق تعقيبه على موقف النيابة العامة خلال جلسة صباح اليوم من محاكمة مجموعة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء.

إيلاف من الرباط: انتقد وهبي موقف النيابة العامة من نسخة التقرير التي قدمها الدفاع، والتي اعتبرتها مجهولة المصدر، إضافة إلى أنها لا يمكن الإعتداد بها كونها لم تصدر من جهة قضائية.

وقال وهبي إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أحال تقريره على وزير العدل، وأدلى ببيان صادر عن وزير العدل يؤكد ذلك، مضيفا أن المجلس بعد إعلان استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل رفع نفس التقرير إلى رئيس النيابة العامة المستقلة. وأشار وهبي إلى أن "وزير العدل اقترف خطأ قانونيا لأنه لم يأمر بفتح تحقيق قضائي حول ما جاء في التقرير المعزز بخبرات طبية". 

وأضاف وهبي أن الاستخفاف بتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان ستترتب عنه تداعيات خطيرة بالنسبة للمغرب. وقال "بسبب عدم القيام ببحث حول ما جاء في هذا التقرير، الصادر من مؤسسة دستورية، فإن كل المسؤولين المباشرين وغير المباشرين أصبحوا معرّضين لمخاطر المتابعة الجنائية والاعتقال في الخارج. إذ يمكن في أي وقت أن ترفع دعاوى قضائية ضد المسؤولين، في هولندا وبلجيكا وغيرها من البلدان، بشبهة التعذيب بسبب عدم إنجاز تحقيق في موضوع هذا التقرير والخبرات الطبية التي تضمنها".

وقال وهبي إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة دستورية أحدثت بمقتضى ظهير ملكي (مرسوم ملكي) لتقوم بالمهام التي أسندها إليها العاهل المغربي، ومن ضمنها تمثيل المغرب والدفاع عنه في المحافل الدولية، مضيفًا أنه "إذا لم نعط نحن القيمة والمصداقية لهذه المؤسسة فكيف سيكون لها ذلك في الخارج".

وقال وهبي "كان على النيابة العامة، التي تلقت نسخة من التقرير، أن تضعه ضمن وثائق ملف القضية، وأن تسند الحسم فيه إلى القضاء"، متهمًا النيابة العامة بإخفاء وسائل إثبات يمكن أن تساهم في كشف الحقيقة.

انتقد وهبي إضفاء النيابة العامة على الملف طابعًا سياسيًا من خلال اتهام المعتقلين بالانفصال، داعيًا إلى حصر موضوع القضية في مستوى ارتكاب جنح وجنايات، مشيرًا إلى أن الأمر يتعلق بسوء تفاهم حول مطالب اجتماعية واقتصادية للسكان. 

وأضاف وهبي أن الاحتجاجات استمرت زهاء تسعة شهور من دون أن يتدخل أحد، مشيرًا إلى أن المنطقة بقيت مفتوحة خلال هذه الفترة، علمًا بأنها منطقة حدودية. وتسرب إليها أشخاص من الخارج وآخرون من مناطق أخرى من المغرب، متسائلًا: كيف يمكن إقناع القضاء بأن هؤلاء المتهمين هم من تآمروا، وتقديمهم على أنهم مجموعة من الشياطين، على حد قوله.

كما انتقد وهبي إدعاء دفاع الطرف المدني بأنهم يمثلون الدولة. وقال "كلنا ندافع عن الدولة"، مشيرًا إلى أن هذا الخطاب يعطي انطباعًا بأن الدولة ضد المتهمين. وقال "الدولة ليست ضد أحد، وهي تستوعب الجميع وتحمي الجميع"، لافتًا إلى أن دفاع الطرف المدني يمثل الإدارة العامة للأمن الوطني وبعض الضحايا وليس الدولة.

وتواصلت جلسة اليوم بالاستماع إلى ردود وتعقيبات دفاع المتهمين على مرافعات النيابة العامة ودفاع الطرف المدني بخصوص الملتمسات والطلبات والدفوع الشكلية. وبعد 18 جلسة ما زالت المحاكمة لم تدخل بعد مرحلة مناقشة الجوهر. 

في غضون ذلك، قرر القاضي رفع وتيرة المحاكمة بتقرير ثلاث جلسات في الأسبوع.